أدلى القبارصة اليونانيون اليوم (الأحد)، بأصواتهم في انتخابات سجلت أدنى نسبة مشاركة في اقتراع برلماني بعد ثلاث سنوات من المصاعب الاقتصادية، ووسط استياء عام من الناخبين إزاء الطبقة السياسية. وأظهرت استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع فوز حزب «ديسي» اليميني الحاكم بما بين 29 و33 في المئة من الأصوات، لكنها توقعت أيضاً انبثاق البرلمان الأكثر تنوعاً في الجزيرة مع احتمال دخول حزب «إيلام» اليميني المتشدد للمرة الأولى إلى المجلس. ووفق التوقعات فإن «ديسي» سينال 21 مقعداً، أي مع مقعد إضافي (كان يشغل 20 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته)، فيما أشارت إلى نيل حزب «أكيل» الشيوعي ما بين 25 و29 في المئة بتراجع من 19 إلى 18 مقعداً. وأشارت الاستطلاعات إلى أن البرلمان الذي يضم 56 مقعداً سيضم ثمانية أحزاب مقابل خمسة سابقاً. وأعلن مسؤولون في لجان انتخابية أن نسبة المشاركة بلغت 67 في المئة أي أن نسبة الامتناع عن التصويت بلغت رقماً قياسياً يمثل ثلث الناخبين، لترتفع من 21 في المئة في انتخابات العام 2011 البرلمانية إلى 33 في المئة، وهو ما جاء في مصلحة الأحزاب الصغيرة. وكان الرئيس القبرصي نيكوس إناستاسيادس الذي تفاوضت حكومته اليمينية على خطة إنقاذ الجزيرة مع منطقة اليورو في العام 2013 وتمكنت من الخروج منها بنجاح، دعا الناخبين إلى عدم الامتناع عن التصويت. وقال بعد إدلائه بصوته: «أحضّ الجميع على ممارسة حقهم في اختيار حزب ومرشح. فمن يمتنع، لن يحق له الشكوى لاحقاً». وأمضى أكبر حزبين في قبرص، حزب إناستاسيادس «ديسي»، وأبرز حزب معارضة «أكيل» معظم فترة الحملة الانتخابية في محاولة إقناع الناخبين المستائين من الطبقة السياسية بالمشاركة في الانتخابات. وأثارت سلسلة فضائح فساد في أوساط الطبقة السياسية والدوائر العامة وطريقة تعاطي البرلمان مع خطة الإنقاذ التي أقرتها منطقة اليورو استياء عارماً لدى الشعب. وما زاد السخط أيضاً هي الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بخطة الإنقاذ الدولية للاقتصاد بعد أزمة العام 2013، على رغم عودة النمو في الأشهر الأخيرة. وفي حال دخول حزب «إيلام» اليميني المتطرف إلى البرلمان، فإن ذلك سيكون ضمن موجة الشعبوية اليمينية التي تجتاح أوروبا. ويدافع هذا الحزب عن الانقلاب الذي نفذه قبارصة يونانيون بإيعاز من أثينا في العام 1974 بهدف إلحاق الجزيرة باليونان، والذي أدى إلى الاجتياح التركي للقسم الشمالي من الجزيرة ما تسبب بانقسامها حتى الآن. ولم تطرح مسألة التقدم في المفاوضات لإعادة توحيد الجزيرة التي تجري برعاية الأممالمتحدة، خلال الحملة الانتخابية لأن أكبر حزبين في قبرص يؤيدان إعادة توحيد الجزيرة. وبلغت المفاوضات مرحلة حاسمة، إذ أصبح يتعين على الرئيس القبرصي إناستاسيادس والزعيم القبرصي التركي مصطفى أكينجي تقديم تنازلات مؤلمة للتوصل إلى اتفاق. وقبرص خرجت من ثلاث سنوات من تباطوء اقتصادي بعدما فرضت الحكومة إجراءات تقشف قاسية مقابل خطة الإنقاذ من الاتحاد الأوروبي و«صندوق النقد الدولي». وفي آذار (مارس) 2016 أشاد وزراء مال مجموعة اليورو بقبرص، بسبب إنجازها بنجاح برنامج خطة الإنقاذ الاقتصادي. ولا تسيطر جمهورية قبرص المعترف بها دولياً والعضو في الاتحاد الأروبي، إلا على القسم الجنوبي من الجزيرة، في حين تدير الشطر الشمالي «جمهورية شمال قبرص التركية» التي لا تعترف بها إلا أنقرة. وبعد محاولات فاشلة عدة ازدادت الآمال بالتوصل إلى اتفاق منذ استئناف مفاوضات السلام بين القبارصة اليونانيين والأتراك في أيار (مايو) 2015 بإشراف الأممالمتحدة. لكنها لا تزال تتعثر عند ملفات شائكة عدة مثل الأملاك العقارية واقتسام السلطة.