تفاقمت حالة «العطل السياسي» في الجزائر على خلفية الغموض الذي يحيط بالمواعيد السياسية المقبلة، وتعطلت المبادرات السياسية التي طرحتها أحزاب الموالاة من جهة، وأطراف المعارضة من جهة أخرى، فيما يسود اعتقاد بأن الصورة لن تتضح إلا حين تحدد «السلطة العميقة» سيناريو ما بعد مرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وتباعدت مكونات المعارضة الجزائرية مجدداً، بعد آخر اجتماع لها في آذار (مارس) الماضي، وهو اللقاء الذي كان مراقبون كثر يراهنون على أنه الأخير في سياق عشرات اللقاءات التي عقدتها المعارضة في ما بينها منذ سنتين. وقال رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» محسن بلعباس ل «الحياة» إنه «منذ ذلك اللقاء لم تجتمع هيئة المتابعة» بسبب «رغبة كل حزب في العودة إلى قواعده»، في إشارة إلى تفضيل العمل الفردي على الجماعي. وليست المعارضة وحدها التي تواجه طريقاً مسدوداً، إذ توقفت مبادرة «الجدار الوطني» التي روّج لها زعيم حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم عمار سعداني، بعد التجمّع الأول الذي عقده المتحالفون بغياب ثاني أكبر أحزاب الموالاة، «التجمع الوطني الديموقراطي». ولم يعد سعداني لاعباً رئيسياً في الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد منذ أشهر، وتراجع دوره السياسي في شكل لفت انتباه المراقبين، إذ غاب عن الجدل الذي دار بين الجزائر وباريس منذ نشر رئيس الوزراء مانويل فالس صورةً وُصِفت بال «مهينة» لبوتفليقة على موقع «تويتر»، كما ازدادت الخصومة داخل حزب الغالبية وبرزت مطالبات كبيرة تستعجل مغادرة سعداني قيادة الحزب. بيد أن الناطق باسم جبهة التحرير الوطني حسين خلدون، صرح إلى «الحياة» أن الأمين العام عمار سعداني «لا يزال في الصف الأول من المدافعين عن الرئيس». وتابع: «ستكون له مواقف حادة اليوم من محافظة تبسة (700 كيلومتر شرق العاصمة)». وقد تعكس خصومة سعداني مع أمين عام «التجمع الوطني الديموقراطي» أحمد أويحيى، تعديل حسابات المرحلة السياسية بتغيّر قواعد القرار في البلاد، إذ يبدو التجمع قريباً من دوائر رجال الأعمال في منتدى رؤساء المؤسسات الذي يدعم عودة وزير الطاقة السابق شكيب خليل إلى الجزائر وربما تقديمه مرشحاً محتملاً للرئاسة، بينما لا يبدو موقف جبهة التحرير واضحاً بعد على رغم أنه قاد حملة «تبييض صفحة» شكيب خليل قبل عودته من «منفاه» في الولاياتالمتحدة. وعلى رغم تفاؤل أحزاب الموالاة بأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتم في وقتها الدستوري في العام 2019 إلا أن مؤشرات كثيرة لها علاقة بصحة الرئيس، تفضي إلى أن محيطه استعد لسيناريوات بديلة قبل هذا التاريخ. ويقع شكيب خليل ضمن الخيارات إضافة إلى أويحيى ورئيس الحكومة عبد المالك سلال.