خلط خلاف أكبر حليفين للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حسابات المراقبين، إذ تغيرت معادلة الولاءات في شكل مفاجئ، وفي وقت لم تمض ساعات على هجوم عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم ضد مدير ديوان الرئاسة، زعيم حزب التجمع الوطني الديموقراطي (ثاني أكبر أحزاب الموالاة) أحمد أويحيى، حتى عاد فريق موالٍ للرئيس لتصيد أخطاء سعداني ما أعطى صورة عن جدال جديد قد يشكل ثنائيته كل من الرئاسة والجيش. وهاجمت وسائل إعلام مقربة من الرئاسة، سعداني بشدة، وقالت مصادر مقربة من الرئاسة أن خطاب سعداني أغضب مسؤولين في رئاسة الجمهورية. وصُنِّف خطاب سعداني على أنه رسالة من الدوائر النافذة في السلطة، فهو مَن قاد حملة الإطاحة بقائد الاستخبارات السابق الفريق توفيق، كما مهّد لعودة وزير الطاقة السابق شكيب خليل إلى الجزائر ودفع ببراءته في ملف فضائح شركة النفط الحكومية (سوناطراك). وفتح رد فعل الرئاسة على تصريحات سعداني الباب أمام أسئلة كثيرة، أبرزها حول الجهة التي تحدث الأخير بلسانها، وهو الذي لطالما عُرِف عنه أنه لا يجازف بتحدي مؤسسة الرئاسة وتنازل من أجلها مرات عدة، عن مطالب بدت خطوطاً حمراً يرفعها حزبه، أهمها تولي رئاسة الوزراء والغالبية في الحكومة. وكان سعداني استحضر خلال الأيام القليلة الماضية الأحداث السيئة في مسيرة أويحيى ليوظفها في حربه عليه، ما يظهر أن المسألة تتجاوز التنابذ بالتصريحات إلى معركة «كسر عظم». ويعني وصول الصراع إلى هذا الحد أن أحد الرجلين بات مرشحاً لمغادرة موقعه في قمة الهرم السياسي الجزائري. وتساءل مراقبون في شأن رد الرئاسة السلبي تجاه طروحات سعداني، «فإن لم تكن جهة في الرئاسة هي التي مهدت الطريق أمام سعداني لخوض معركته ضد أويحيى، فإن جهة أخرى هي التي قررت على الأرجح تصفية حساباتها معه عن طريق الأخير وقد تكون داخل مؤسسة الجيش». ويستعد أويحيى لخوض تجربة جديدة في انتخابات زعامة حزبه «التجمع الوطني الديموقراطي» الشهر المقبل. وأعلن قياديون بارزون نيتهم الترشح لخلافته.