لمعت الممثلة الأميركية جسيكا شاستاين في العام 2010 بفضل دورها الدرامي في فيلم «The Debt» (الدين) والذي تبعه في 2011 «شجرة الحياة» من إخراج الأميركي اللبناني - السوري الأصل تيرنس ماليك. وإثر نجاحها في هذين العملين نالت شاستاين الدور الأول والصعب إلى جوار مايكل شانون في فيلم «المخبأ»، منتقلة منه إلى فيلم «الخدم» الذي رُشحت عن دورها فيه لجائزة الأوسكار، ثم إلى فيلم المغامرات «بلا قانون» الذي تقاسمت بطولته مع غاي بيرس وغاري أولدمان، ومن بعده فيلم «زيرو دارك ثرتي» الذي رشحها مرة ثانية لجائزة أوسكار أفضل ممثلة. آخر أفلام شاستاين عنوانه «الصياد: حرب الشتاء»، وهو من إخراج سيدريك نيكولاس ترويانن، وفيه تتقاسم البطولة مع النجمتين شارليز ثيرون وإيميلي بلانت والممثل البارز العضلات كريس هيمسوورث، خليفة أرنولد شوارزنيغر في أدوار المغامرات. زارت شاستاين باريس للترويج لفيلمها الجديد، فالتقتها «الحياة» وحاورتها: حدثينا عن فيلمك الجديد «الصياد: حرب الشتاء». - يأتي هذا الفيلم كمقدمة للفيلم الذي شاهده الجمهور قبل عامين بعنوان «الصياد: مذكرات سنو وايت»، ويروي طفولة الشخص الذي سيتحول في كبره صياداً ومحارباً ماهراً يكافح طغيان الملكة الشريرة وأختها الساحرة البغيضة. وأؤدي أنا دور الفتاة التي ستخطف قلبه وتسانده في نضاله العادل. شخصيتك في الفيلم تتفوق إلى حد ما على شخصية البطل من حيث المهارة في القتال، ما رأيك في هذه النقطة؟ - كلامك صحيح، فقد أرادت الشركة المنتجة للفيلم، وهي «يونيفرسال»، أن تحل البطلة مكان البطل التقليدي البارز العضلات، وأن تتفوق الى حد ما عليه، ليس فقط بفضل تدريبها على القتال، مثل أي رجل، لكن أيضاً وخصوصاً لأنها امرأة ذكية تعرف كيف تستخدم عقلها لإنجاز مهماتها والتغلب على أعدائها. ويجدر القول فعلاّ إِن الفيلم يضع شخصية المرأة في المرتبة الأولى مثل العديد من الأعمال السينمائية الهوليوودية اليوم، وعلى عكس ما كان يحدث في الماضي، خصوصاً في لون المغامرات، حيث كان الرجل هو المسيطر على الموقف في كل الحالات. ظهرتِ حديثاً للمرة الأولى في عمل من النوع المخيف، فما الذي دفعك إلى قبول المشاركة في فيلم «ماما»؟ - أعرف أن اللون المخيف في السينما يعتبره بعضهم بمثابة نوع أقل أهمية من غيره، بل أقل جودة من الألوان السينمائية الأخرى، لكنني لست من هذا الرأي. ولقد رأيت في حياتي مجموعة لا بأس بها من الأعمال المخيفة المتفوّقة، على رأسها فيلم «شاينينغ» للراحل ستانلي كوبريك، و«الغراب» الذي أخرجه روجر كورمان في ستينات القرن العشرين. وعندما قرأت سيناريو فيلم «ماما» وجدته لا يقل جودة عن أي من الأفلام التي ظهرت فيها من قبل، وبالتالي وافقت عليه من دون أدنى تردد، فهو كاتم للأنفاس من أول مشهد حتى النهاية. ألا تخافين التخصّص في هذا اللون بفضل النجاح الذي حقّقه الفيلم؟ - لا لأنني حرة في رفض المشاريع المشابهة له إذا حدث وعرضت علي. رُشحتِ مرة أولى لجائزة الأوسكار عن دورك في فيلم «الخدم» فكيف عشت الحدث؟ - قفزت من فوق مقعدي بسبب الفرح لحظة سماعي اسم زميلتي أوكتافيا سبنسر التي فازت بالجائزة. فالمهم في الحكاية هو أن الفيلم يحصد الجوائز، وإذا كان ذلك من طريقي أو طريق غيري من الذين شاركوا فيه فالأمر في النهاية واحد. أنا كنت سعيدة جداً بترشيحي للجائزة طبعاً ولا أزال فخورة بهذا الشيء وبكون عملنا الجماعي استحق الاعتراف. أما عن أوكتافيا سبنسر فهي موهوبة وقدمت عملاً رائعاً في الفيلم، الأمر الذي برّر حصولها على الجائزة. وأعترف لك بأنني لم أتوقع حكاية حصد الجوائز بالنسبة إلى الفيلم لمجرد أنه لا يتميز بالمواصفات التقليدية الخاصة بالأعمال التي تسحر لجان التحكيم عموماً، وأقصد حبكة مبنية على الرومانسية وشركة منتجة عملاقة ونجوماً من الصف الأول، فالفيلم أنتجته شركة مستقلة بعيدة من الأستوديوات الهوليوودية الضخمة وهو يتضمّن لقطات قاسية وواقعية تسلط الضوء على العنصرية الشائعة في الولاياتالمتحدة، غير أن النجوم فيه يظهرون في لقطات قليلة ويتركون المكان لممثلين آخرين أقل شهرة وربما أكثر موهبة. أنا كنت فخورة أساساً بمشاركتي كممثلة في عمل على هذا المستوى من الجودة، وازداد فخري حينما شارك الفيلم في مسابقة الأوسكار. لقد عشت لحظات من السعادة المماثلة حينما فاز فيلم «شجرة الحياة» من إخراج تيرنس ماليك، بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي عام 2011. رُشحتِ للجائزة ذاتها مرة ثانية عن فيلم «زيرو دارك ثيرتي»، فهل كان الفرح نفسه؟ - كنتُ مثل الصبية التي كبرت ونضجت في الفترة التي فصلت بين الفيلمين، وعلى رغم شدة فرحي من الترشيح في هذه المرة الثانية أخذت المسألة بجدية أكبر، مثل أي شخص بالغ يحصل على ترقية أو تهنئة أو تكريم ما عن عمله، بمعنى أن عنصر المسؤولية يدخل في الحسبان، حاله حال الشعور، ربما لأن الجائزة مستحقة إلى حد ما. وإذا كنت مسرورة بكوني كبرت ونضجت، إلا أنني في الوقت نفسه أتحسر على فقداني السذاجة التي ميّزتني عندما رُشحت في المرة الأولى أو عندما علمت بفوز زميلتي أوكتافيا سبنسر بالجائزة. فرار من الإستوديوات وقفتِ فوق خشبة أكبر مسارح نيويورك قبل نجاحك السينمائي، فما هو موقفك من المسرح الآن؟ - المسرح أجمل ما حدث لي في حياتي المهنية، فقد عملت فيه تحت إدارة عمالقة وبصحبة ممثلين مسرحيين مرموقين، وجرّبت الكوميديا والدراما والأعمال الكلاسيكية مثل مسرحيات شكسبير. صحيح إنني بذلت قصارى جهدي للانتقال منه إلى السينما ونجحت في محاولاتي. وأعترف بأن رفض الأدوار المسرحية في ما بعد، بسبب انشغالي السينمائي، لم يكن حكاية سهلة، فأنا شعرت في أكثر من مناسبة برغبة ماسة في الفرار من الإستوديوات السينمائية لمعاودة التدريب على عمل مسرحي ما، وكدت أن أفعل ذلك لولا تدخل وكيل أعمالي لإقناعي بأن السينما نعمة لا يمكنني أن أرفضها في الوقت الحالي وبأن المسرح سينتظرني ويرحب بي، حتى إذا عدت إليه بعد سنوات طويلة. عملتِ في فيلم «شجرة الحياة» وهو من أهم أعمالك فوق الشاشة، بإدارة السينمائي اللبناني - السوري الأصل تيرنس ماليك، فما ذكرياتك عن تجربتك في التمثيل تحت إدارة هذا المخرج الذي صار من عمالقة هوليوود؟ - أنا خبيرة في تاريخ السينما العالمية لاسيما الهوليوودية، وقد شعرت بفرح شديد حينما منحت لي فرصة العمل مع الرجل الذي سبق أن أبهرني بأفلامه، لاسيما «الخط الأحمر الرفيع» و«بادلاندز» و»العالم الجديد»، وبالتالي كان فرحي أشد عندما اكتشفت مدى عبقرية الرجل أثناء التصوير، فضلاً طيبة قلبه وتفتحه الذهني تجاه الممثلين، فهو يتمتع بهذا الدفء النابع من كونه من أصل شرقي، فالمهم عنده هو التعامل الإنساني أولاً وأخيراً. وأحتفظ عن عملي تحت إدارته بأحلى الذكريات على الصعيدين المهني والإنساني. هل تعرفين الشرق شخصياً؟ - الشرق الأقصى نعم، فأنا زرت آسيا في أكثر من مناسبة، لكنني مع الأسف لم أتمتع حتى الآن بفرصة حقيقية لزيارة الشرق الأوسط، خصوصاً مصر التي أحلم بتمضية فترة فيها، أو لبنان أيضاً، لكنني سأقوم بذلك في مستقبل قريب أو متوسط وفق ما يسمح لي جدول نشاطاتي المهنية. لقد قضيت أياماً قليلة في المغرب لمناسبة تصوير أحد الأفلام التي شاركت فيها، لكنني لم أعثر على الوقت المناسب من أجل التعرف حقيقة على البلد أو أهله، كما أنني أمضيت فترة قصيرة في الأردن من أجل تصوير بعض اللقطات الخاصة بفيلم «زيرو دارك ثيرتي». وهل فتح العمل تحت إدارة تيرنس ماليك شهيتك على خوض تجربة المشاركة في أفلام عربية مثلاً؟ - أنا منفتحة تجاه أي مشروع فني مهما كانت جنسيته طالما أنه يتميز بنوعية جيدة. وربما أن أكبر دليل على كلامي هذا هو فيلم «ماما» المخيف، بما أنه إنتاج كندي إسباني مشترك. ولا شك في أن المشاركة في فيلم يخرجه سينمائي عربي أمر يجذبني، ولو لمجرد انتمائه إلى ثقافة تختلف عن ثقافتي الغربية.