مع وصول الإعلام المرئي - المسموع الى نقطة تحوّل تاريخية تتمثّل في دخوله عصر التلفزة الثلاثية الأبعاد مع مونديال جنوب أفريقيا -2010، ناقش «المؤتمر السنوي السابع لاندماج وسائل الاعلام والاتصالات» الذي عقد في العاصمة الاردنية عمان، أوضاع التقارب التقني بين وسائط الإعلام في العالم العربي. وشدّد المؤتمِرون على وجود فرص واعدة للإنترنت العالية السرعة التي تُنقل بالحزم العريضة النطاق «برودباند» Broad Band في المنطقة. وشارك في المؤتمر أكثر من 530 مؤسسة تعمل في الاتصالات والميديا، جاءت من 22 دولة. وخاطبت الأميرة سمية بنت الحسن المؤتمر داعية الى إيجاد استراتيجيات وطنية وإنشاء شبكات اقليمية لرعاية المواهب والابتكارات والابداعات العلمية، مشيرة إلى أن «مدينة الحسن العلمية» تحاول ردم الفجوة بين الاردن والدول المتقدمه في الوصول إلى الاقتصاد المرتكز إلى المعرفة. وقالت: «ان خلق البيئة لتنمية الموهبة، وإزالة المعوقات أمام تحقيق التقدم، هدف يجب ان نتقاسمه جميعاً». ودعت الأميرة الى دمج التقنية في مسار التنمية. ورأت أن التعليم، بداية من المدرسة الإبتدائية، يمثّل خطوة أولى لتغيير الأفكار القديمة داعية الدول العربية إلى الاستثمار في المعرفة، لتدعيم التنمية المستدامة. وبيّنت ان الدعم المالي شرط ضروري للتقدّم علمياً، مؤكدة أن الادارة الجيدة تساعد في ربط المبتكرين بالمستثمرين في الاسواق. ونوّه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني مروان جمعة بالمناخ التشريعي والتنظيمي المتصل بالتقنية الرقمية في الأردن، مشيراً إلى قانون الاتصالات الجديد الذي يدمج هيئتي تنظيم قطاع الاتصالات والمرئي والمسموع، بالاستجابة إلى التقارب تقنياً بين وسائط الاعلام والاتصالات. «تشبّع» الأقنية الفضائية العربية وكشفت تقارير ناقشها المؤتمر وجود تباطؤ في نمو الأقنية الفضائية المجانية العربية في العام المنصرم. فبحسب تحليل أعدّته «مجموعة المرشدين العرب» Arab Advisors Group، لم يتجاوز عدد الأقنية الفضائية المجانية المستجدة عربياً، 13 قناة (بنسبة 2.7 في المئة من إجمالي الفضائيات) في السنة الفائتة. والمعلوم ان العدد نفسه وصل إلى 104 قناة في السنة التي سبقتها. وبذا، وصل عدد الأقنية التلفزيونية الفضائية المجانية التي تبث على أنظمة «عربسات» Arab Sat و «نايل سات» Nile Sat و «نورسات» Nour Sat، إلى 487 قناة، بما فيها القنوات التي تبثّ تجريبياً. وبيّن التحليل عينه ان القنوات العامة المملوكة من القطاع الخاص، تتصدر القنوات المجانية، تليها القنوات المملوكة حكومياً. وتصدّرت السعودية الدول العربية في عدد قنوات التلفزيون الفضائية العاملة فيها، فحازت 16.5 في المئة من إجمالي فضائيات العرب التي تبلغ حاضراً 448 قناة. وعلّقت دانية نصير، المُحلّلة في «مجموعة المرشدين العرب» على هذه الأرقام قائلة: «بالترافق مع تحرير البث التلفزيوني عربياً، وصلت أقنية القطاع الخاص إلى نسبة 70 في المئة من الإجمالي». وفي سياق المؤتمر عينه، تحدث سمير عبد الرئيس التنفيذي لشبكة «أوربت» عن ظاهرة قرصنة البث الفضائي المتلفز، مشيراً إلى أن شركته تسعى الى تطوير نظام للتخلص من القرصنة على قنوات الاشتراك، سيطلق في 2011. وكذلك تناول رئيس قسم الاعلام الرقمي في شركة «روتانا» Rotana يوسف مغربل هذه الظاهرة، مشيراً الى أهمية التعاون بين شركات الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا في الخدمات والمحتوى ومكافحة القرصنة. وذكّر بوجود قرابة 3 بلايين مستخدم للخليوي، ما يدل على النمو السريع في الاتصالات المتطورة. وفي سياق المؤتمر نفسه، توقّع سانتينو ساغوتو المدير التنفيذي لشركة «فاليو بارتنرز» Folio Partners العالمية المتخصصة في الاستشارت، ارتفاع الانفاق الاعلاني بنسبة 9 في المئة سنوياً، وصولاً للعام 2013. وفي حديث الى «الحياة»، لاحظ ساغوتو تراجع حجم الانفاق الاعلاني في المجلات بنسبة 11 في المئة في 2009، بسبب تراجع موازنات الإعلان في قطاعات كثيرة. وأشار الى حدوث زيادة في الإعلانات عبر الصحف (التي تحوز 64 من إعلانات الإعلام المطبوع) في 2009، بنسبة 3 في المئة. وتوقّع نمو الانفاق الاعلاني في الصحف والمجلات بنسبة تتراوح بين 8 و10 في المئة وصولاً للعام 2013. وأشار إلى تواضع سوق الاعلان في التلفزيون الأردني، إذ لا يتجاوز 4 في المئة من الانفاق الاعلاني، ملاحظاً ان الإعلان التلفزيوني عانى من أزمة الاقتصاد العالمي، وخسر قرابة ثلث إعلاناته! في سياق متّصل، أكد خالد الهدهد، المسؤول في شركة «أُمنية» Umniya أن العدد الانسب للمشغلين للاتصالات الخليوية في أي دولة يتراوح بين 3و4 مشغلين، بغض النظر عن عدد السكان أو الدخل القومي. واعتبر ان وجود أقل من 3 مشغلين يجعل المنافسة غير حقيقية، فيما يؤدي تنافس أكثر من 4 مشغلين الى انخفاض في استفادة الاقتصاد الوطني من قطاع الاتصالات. ولاحظ بعض المؤتمِرين ان تحديث الشبكات يعود بالفائدة على صُنّاع أجهزة الإتصال ومنتجي المحتوى، ولا ينعكس إيجابياً بالضرورة على مُشغلّي شبكات الخليوي. وفي المؤتمر، دعا يوسف حميد الدين، وهو من مسؤولي شركة «أكسيوم» Axiom إلى ضرورة تطوير صناعة التسويق في المنطقة، مؤكّداً أن شركته تدعم البرامج التي تركز على المستهلك. وأشار الى ان ظاهرة إندماج الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تؤدي الى تطوّر ضخم تجارياً. العراق ينتظر شبكات ال «برودباند» وأكّد هانس أوفسِن، المدير في شركة «إريكسون» Ericsson العالمية، أهمية التخطيط للبنية الرقمية التحتية السليمة،في شكل يتناغم مع الإندماج بين وسائط الاعلام والإتصالات والمعلوماتية. وشدّد على أهمية نمو الانترنت العالية السرعة «برودباند» Broad Band Internet ودورها في تمكين المجتمعات في المنطقة، عبر مساهمة في تحفيز التنمية. وقال: «تساعد ال «برودباند» في ردم الفجوة الرقمية وزيادة فعالية العمل وإتاحة خدمات الرعاية الصحية والتعليم للجميع... كما تساعد على الاستفادة من استخدامات التكنولوجيا الأكثر تلاؤماً مع الإستثمار». في لقاء مع «الحياة»، لاحظ جواد مؤسس «مجموعة المرشدين العرب» جلال عباسي أن أسواق الاتصالات في المنطقة تتجه للتركيز على خدمات المحتوى وال «برودباند». وشدّد على ضرورة ردم الفجوة في انتشار الانترنت داخل كل بلد عربي، وكذلك بين المنطقة العربية والدول المتقدمة. وأشار إلى تباطؤ النمو في عوائد خدمات الصوت في الاتصالات الخليوية، لافتاً إلى ضرورة البحث عن مصادر جديدة للتجارة الالكترونية والحكومة الرقمية والخدمات المرتكزة الى ال «برودباند». وفي السياق عينه، لاحظ الرئيس التنفيذي في «أُمنية» ايهاب حناوي أن المنافسة في سوق الخليوي أصبحت شديدة، وترتكز في معظمها على خدمات الصوت، مشيراً الى إنخفاض أسعارها الامر الذي يفرض على المشغلين البحث عن مصادر جديدة للإيرادات، ربما تمثّلت في ال «برودباند». وأكّد حناوي أن المنافسة في تقنيات ال «برودباند» ستؤدي إلى إنتشارها، مُلاحظاً توافر خدمات الانترنت السلكية واللاسلكية وتقنيات الجيل الثالث في الأسواق العربية، ومنادياً بتدخل الحكومات لمساعدة المشغلين على تبني تقنية ال «واي ماكس»، ولتحفيز الاستثمار في شبكات الجيل الثالث للخليوي. وكذلك توقع جهاد سراج، من شركة «كوالكوم» Qualcom، نمو خدمات الإنترنت العريضة النطاق والتقنيات اللاسلكية (مثل «واي ماكس») والجيل الثالث للخليوي في المنطقة. وحض شركات الاتصالات على التركيز في مجالات تشمل نقل البيانات وخدمات المحتوى والشبكات الاجتماعية، خصوصاً مع التباطؤ في أرباح خدمات الصوت. في سياق متصل، أكّد الرئيس التنفيذي لشركة «آسياسيل» AsiaCell للخليوي الدكتور ديار أحمد، ان السوق العراقية تتوقع فترة ذهبية مقبلة في قطاع الاتصالات. ودعا الى العمل على توحيد جهود القائمين على صناعة الاتصالات والمحتوى. وأشار ديار إلى ان شركته «آسياسيل» تمكنت خلال فترة قياسية من توفير خدمات اتصالات قوية في المحافظات العراقية الثماني عشرة. وتحدث أيضاً عن القطاع الخاص ودوره في انتشار الخليوي عراقياً، مبيّناً ان بلاده من أكثر الأسواق تنافسية في الوطن العربي. وأوضح ديار أن شركات الاتصالات العراقية احتلت المرتبة الثانية بعد شركات النفط، في المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية، مبيناً أن السماح لشركات الاتصالات بالاستثمار في البنية التحتية لقطاع الاتصالات له أهمية كبيرة في تطوير الاقتصاد العراقي، لا سيما أن نسب انتشار خدمات الإنترنت ما زالت متدنية. والجدير ذكره ان «مجموعة المرشدين العرب» حددت موعد عقد «المؤتمر الثامن لاندماج وسائل الإعلام والاتصالات» في 6 و7 حزيران (يونيو) 2011 في عمان.