يعود الفنّان اللبناني بيار داغر، إلى الدراما التلفزيونية بثلاثة أعمال هذا الموسم، عبر البوابة السوريّة التي دخلها قبل غالبية الممثلين اللبنانيين وقبل النسخة الحالية للأعمال المشتركة. يؤكد داغر ل «الحياة»، أن غيابه في بلده كان قسرياً بسبب سلوك في الوسط الفني لا يلائمه، قائلاً: «هناك نوع من الممثلين يبني وجوده على شبكة العلاقات والتبخير (الرياء)، وهناك منتجون يحبون هذا النوع الذي يمدحهم كل الوقت». ويردف موضحاً طريقته في التعاطي: «لست كذلك، ولست مضطراً لأكون كذلك، وحتى لو كنت محتاجاً فذلك ليس من شيمي، فمن يحب أن يراني في دور معين، يعرضه عليّ». ويلفت إلى إحدى نكسات الدراما: «الكاستينغ (تجارب الآداء) أساس في نجاح العمل، لكن للأسف لا يوجد كاستينغ سليم في لبنان، وإلا لما كنا نرى عارضي أزياء بلا موهبة يمثلون أو أشخاصاً لا علاقة لهم بالتمثيل». وفي مقارنة بين الدراما السوريّة واللبنانية، يرى داغر أن «السورية نجحت لأنها واقعية وتعالج قضايا شعبها، ولو أنها سارت كاللبنانية لما وصلت الى ما وصلت إليه اليوم، ومن أهم ما فيها أنها تقوم على أشخاص مثقفين يعون ما يكتبون وما يصنعون، من دون الاعتماد على الفورمات الأجنبي غالباً. طبعاً الفورمات ليس خطأ إذا تمت لبننته في طريقة مدروسة بإسقاط حقيقي على الواقع اللبناني!». ويتابع كلامه عن مطبات المهنة: «من عمل الصحافة والنقد أن يحكما على الدراما اللبنانية، كنا سابقاً نسارع لنرى ماذا كُتب عن عملنا على صفحات الجرائد، كنا نرتجف قلقاً. من يكتب عن المهنة يجب أن يكون ملماً بها، وذلك بات نادراً، إضافة إلى مشكلة عدم الصراحة». ذهاب داغر إلى سورية لم يكن وردياً، إذ بعد رفضه أكثر من عرض في دمشق خلال السنوات الماضية، منها «في انتظار الياسمين»، يشارك هذا العام في بطولة «خاتون» (كتابة طلال مارديني وإخراج تامر إسحق) و «أحمر» (كتابة علي وجيه ويامن حجلي وإخراج جود سعيد)، منضماً إلى زملاء لبنانيين مثل رفيق علي أحمد وورد ويوسف الخال وطوني عيسى، بعدما اضطر للالتزام بمواعيد التصوير وعدم تأجيلها تأكيداً لمهنيته، على رغم إصابة ابنته الصغيرة بفيروس خطير أدخلها المستشفى في لبنان. يقول داغر: «قدمت لي عروض كثيرة من سورية وتشمل أدواراً مركبة ورفضتها، لأن الظروف الأمنية لم تكن تسمح والوضع لم يكن مريحاً، وأنا الآن مشتاق لأعود إليها». ويفصح عن امتزاج «الحسرة بالفرح» في أحاسيسه في دمشق، سعادة العودة، ووجع مما يحصل. يكشف داغر بعض ملامح دوره في مسلسل «خاتون»، بتجسيد شخصية الحاكم العسكري في الشام: «له دور مؤثر في مجريات الأحداث في الحاكمية الفرنسية، فممارساته تؤدي الى تغيرات درامية، منها تقليب الأهالي لإطاحة زعيمهم، قبل أن يقوم الجنرال الفرنسي بمحاصرتهم لتسليم رجالهم المقاتلين ضده». ويشير إلى وضع بصمته الخاصة في الدور على رغم عدم تخطّيه المشاهد السبعين، كما فعل في شخصية «آسر» في مسلسل «أحمر»، التي يصفها ب «صاحبة كاريزما خاصة، أضفت إليها نكهة مميزة»، موضحاً أنها تمثل «رجل أعمال لبنانياً يتاجر بالممنوعات ولديه شبكة معينة تعد صفقات غير شرعية». ويكشف داغر أيضاً عن تعاقده على المشاركة في إحدى خماسيات «وجع الصمت»، من دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل، إذ لم يبدأ بعد بتصوير مشاهده. ويلفت داغر في هذا السيّاق، إلى أن وجود اللبنانيين في دمشق لم يكن كشخصيات سوريّة وفق النصوص، لذا لا توجد أي شبهة حول تجنٍّ على المبرر الدرامي، بل «هو وجود منطقي»، مضيفاً: «عندما يجد السوريون فرصة مناسبة لوجود لبنانيين في أي عمل سوري، لا يقصرون». ورداً على سؤال حول تميّزه بملكة الصوت والإلقاء ومدى استخدامه ذلك كأداة في التمثيل، يجيب داغر: «طبعاً الصوت يستغل في التمثيل، لكن يجب ألا يطغى، هو أكسسوار كالشعر وطريقة المشي والنظرات واللباس وغيرها، هو أكسسوار لخدمة الكاراكتير، ومن يتقنه جيداً فهو عنصر إضافي مهم». ويروي أمراً وقع خلال تصوير مسلسل «خيبر» في مصر، حين أشاد الممثل القدير أيمن زيدان بإتقان داغر اللغة الفصحى إلى درجة العفوية المطلقة كمن يتحدث بالعامية، قائلاً له: «أداؤك رائع، لكن يجب أن تمطّ كلامك قليلاً كي لا تبدو أنك أنت الخطأ أمام الباقين الذي يمدّون الحروف».