أصدر قاضي التحقيق المكلف بقضية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، مساء السبت، قراراً يقضي بإنهاء التحقيق في القضية وتوجيه التهم إلى مجموعة من العناصر السلفية الجهادية الموقوفة على ذمة القضية وعدد آخر من الفارين، في مقدمهم زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين. وقدّم محامو عائلة بلعيد واصدقاؤه استئنافاً للطعن بقرار إنهاء التحقيق، واعتبروا أن كشف الحقيقة لن يتم إلا بالتعامل مع الاغتيال على أساس أنه «جريمة دولة». واغتيل بلعيد رمياً بالرصاص قبل سنة على أيدي «متشددين»، كما أعلنت وزارة الداخلية في حينه، ما أدخل البلاد في أزمة سياسية استقالت على أثرها الحكومة التي يرأسها الأمين العام لحركة «النهضة» الإسلامية حمادي الجبالي. ووجه قاضي التحقيق تهم «الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية والانضمام إلى تنظيم إرهابي واستعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي وإعداد محل وجمع تبرعات وتلقي تدريبات عسكرية بقصد ارتكاب جرائم إرهابية وتوفير أسلحة وذخيرة»، كما ينص قانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال. تضاف إلى ذلك تهم أخرى بمقتضى القانون ذاته تتعلق ب «التآمر على أمن الدولة الداخلي والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على قتل بعضهم بعضاً بالسلاح وإثارة الهرج وقتل نفس بشرية عمداً مع سابق الإضمار وإدخال أسلحة نارية معدة لعمليات حربية». ووُجهت التهم إلى كل من محمد العوادي ومحمد العكاري وأحمد الكلاعي وصابر المشرقي وعز الدين عبد اللاوي ومحمد أمين القاسمي وياسر المولهي ومحمد دمق وقيس مشالة وعبد الرؤوف الطالبي ورياض الورتاني وخميس الظاهري، وكلهم من المنتمين لتنظيم «أنصار الشريعة» السلفي الجهادي. وأسقطت التهم عن المتهم الرئيسي في اغتيال المعارض بلعيد المدعو كمال القضقاضي بسبب الوفاة، بعدما قُتِل مطلع شهر شباط (فبراير) الماضي، باشتباكات مع وحدات مكافحة الإرهاب قبل يومين من الذكرى السنوية لاغتيال بلعيد. وقال الناطق باسم النيابة العامة سفيان السليطي، فإن قرار ختم التحقيقات في أشهر قضية اغتيال سياسي في تونس، أتى بعد قضاء الموقوفين للمدة المسموح بها من دون محاكمة، مشيراً إلى أن التحقيقات ستتواصل في القضية، «خصوصاً وأن عدداً منهم لا يزال يتحصن بالفرار». ويُذكر أن هذه التهم وُجهت أيضاً إلى زعيم «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين (أبو عياض) الذي يُجهل مصيره وهو أبرز المتهمين في هذه القضية بالإضافة إلى المدعو أحمد الرويسي المتهم في عمليتي اغتيال المعارضين بلعيد ومحمد البراهمي. وكانت السلطات التونسية أصدرت قراراً يقضي بتصنيف «أنصار الشريعة» تنظيماً إرهابياً إثر اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي في تموز (يوليو) الماضي وحظر كل نشاطات التنظيم الدعوية والإعلامية. وتعيش تونس منذ الانتفاضة التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل ثلاث سنوات، على وقع تحركات مجموعات مسلحة في عدد من محافظات البلاد، أسفرت عن مقتل مسلحين إضافة إلى عدد من عناصر الحرس الوطني (الدرك) والشرطة والجيش.