يطغى النزاع السوري على الحملات الدعائية لحوالى عشرة آلاف مرشح للانتخابات التشريعية السورية المرتقبة في 13 نيسان (ابريل) الجاري، فيقدم أحدهم نفسه على أنه صوت عائلات «الشهداء» فيما يعد آخرون بالأمن وإعادة الإعمار. وتنتشر على جدران وأعمدة دمشق صور ولافتات لمرشحين ومرشحات ترفع شعارات عدة بينها «معاً من أجل الأمن» و «شهداؤنا وجرحانا أمانة في أعماقنا». وترشح الى هذه الانتخابات الثانية منذ بدء النزاع السوري قبل خمسة اعوام 11341 شخصاً يزيد عمرهم على 25 عاماً. وخلال مقابلة مع وكالة أنباء روسية قبل أيام، تحدث الرئيس السوري بشار الأسد عن «حجم المشاركة غير المسبوقة في الانتخابات البرلمانية»، مشيراً إلى انها «أكبر نسبة من المرشحين تتجاوز أضعاف الانتخابات السابقة». وبعد الإعلان عن إجراء الانتخابات التشريعية، دعت المعارضة السورية الى مقاطعتها واعتبرتها «غير شرعية»، كما سارعت دول غربية الى انتقادها فوصفتها فرنسا ب «الاستفزازية» و «غير الواقعية». في المقابل، اعتبرت موسكو ان تلك الانتخابات «تنسجم مع الدستور الحالي»، ولا تتعارض مع عملية السلام الجارية حالياً. وبالاضافة إلى النزاع وضحاياه، حمل مرشحون شعارات تعد بأوضاع اقتصادية أفضل وبإعادة إعمار البلاد، بينها «لإعادة بناء سورية»، و «معاً لعودة الليرة السورية إلى سابق عهدها». وخلال خمس سنوات من النزاع، فقدت الليرة السورية قيمتها امام الدولار الأميركي، ويساوي الدولار الواحد اليوم 500 ليرة سورية مقابل 50 ليرة فقط في العام 2011. ويقول رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات السورية هشام الشعار ل «فرانس برس»: «ستجرى الانتخابات في جميع محافظات القطر باستثناء محافظتي الرقة (شمال) وادلب (شمال غرب) لعدم وجود سيطرة للدولة على هاتين المحافظتين». ويسيطر «جيش الفتح» وهو عبارة عن تحالف فصائل اسلامية أهمها «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» على محافظة ادلب، فيما تعد الرقة معقل تنظيم «داعش» المتطرف في سورية. ويوضح الشعار «هناك بعض المحافظات التي تشهد أريافها اشكالات معينة، لذلك أوجدنا مراكز انتخابية في محافظات (أخرى) آمنة لها». وفي ما يتعلق بسكان محافظة دير الزور، الواقعة بكاملها تحت سيطرة تنظيم «داعش» باستثناء أجزاء من مدينة دير الزور، فيقول الشعار ان باستطاعتهم المشاركة عبر مراكز اقتراع في دمشق وريفها كما في محافظة الحسكة (شمال شرق). ويحق للمرشحين عن محافظات مثل القنيطرة (جنوب) وحلب (شمال) ودرعا (جنوب) أو ريف دمشق حيث توجد «جبهة النصرة» وفصائل مقاتلة أخرى، القيام بحملتهم الانتخابية في دمشق. ووضع مرشح عن دير الزور الى جانب صورته شعار «ايدي بإيدك لنعمرها ونرجعها أحلى»، وكتب آخر على لافتته الانتخابية «سورية المنتصرة تنتخب». ويحق للمرشحين عقد لقاءات وتوزيع كتيبات ورفع اللافتات والصور، ولكن يُمنع عليهم التحدث الى الإعلام. ووفق الشعار، فإن السبب هو ضمان المساواة بين المرشحين الأغنياء والفقراء. وبالنسبة لبعض المواطنين يغلب الجانب الشخصي على البرنامج الانتخابي للمرشح، وتقول ريهاف اسبر (طالبة 19 عاماً) انها ستنتخب أحد المرشحين لانه كان أستاذها. اما بالنسبة لمحمد خوجة (مصور 36 عاماً) فإن الانتخابات لن تأتيه بجديد. ويقول «لم أنتخب يوماً ولن أنتخب، فلا هؤلاء او الذين سبقوهم او الذين سيأتون قادرين على خدمتي». وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة الاكراد، يرى المسؤولون المحليون وسكان أن إجراء الانتخابات في مناطق وجود النظام في مدينتي القامشلي والحسكة مسألة «بعيدة عن الواقع». وأعلن الاكراد في 17 آذار (مارس) النظام الفيديرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سورية. ويشكّل الاكراد أكثر من عشرة في المئة من السكان وعانوا من التهميش على مدى عقود قبل اندلاع النزاع. وتصاعد نفوذهم مع اتساع رقعة النزاع في العام 2012 مقابل تقلص سلطة النظام واحتفاظه ببعض المقار في المناطق ذات الغالبية الكردية، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي. ورفعت لافتات للمرشحين في بعض الشوارع الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في القامشلي. إلا أن القيادي في حركة المجتمع الديموقراطي الكردية عبدالسلام أحمد يؤكد ان «إجراء الانتخابات من قبل النظام في هذه الفترة هو بعيد كل البعد عن الواقع». ويضيف «لن نشارك في هذه الانتخابات». ويقول زهر الدين (42 سنة) الذي يمتلك متجراً للملابس في القامشلي، ان «إجراء الانتخابات هو ضرب من الخيال». ومن المتوقع الا تختلف تلك الانتخابات عن تلك التي سبقتها في العام 2012 حيث فتح وقتها وللمرة الأولى باب الترشيح أمام مرشحين من أحزاب عدة غير حزب البعث. لكن الغالبية العظمى من النواب ال250 الذين انتخبوا وقتها لولاية مدتها اربع سنوات ينتمون الى الحزب الحاكم.