شرعت الشركات الصناعية العراقية بتنفيذ حملة واسعة لتسويق منتجاتها محلياً، في خطوة تتوافق مع الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة لدعم الإنتاج الوطني والحدّ من الاستيراد، في وقت تزايدت المطالبات للجهات المعنية بتقديم الدعم المالي اللازم للقطاع الصناعي الخاص، عبر تمديد فترة تسديد القروض المستحقة عليه بهدف تشجيعه على الإنتاج. وقال الخبير الاقتصادي عبدالعزيز حسون، في تصريح إلى «الحياة»: «كميات كبيرة من الإنتاج المحلي مكدّسة في مخازن العديد من الشركات الصناعية، وتحتاج تسويقها في إطار حملة مكثّفة تأخذ في الاعتبار ضرورة دعم عنصر المنافسة مع السلع المستوردة، لا سيما أن بعض هذه الشركات بقي يصارع من أجل الإيفاء بمتطلبات الدفاع عن وجوده في السوق ضد منافسة الواردات الأجنبية». ولفت إلى أن «بعض هذه الشركات قادر على توفير نسبة كبيرة من احتياجات العراق، من ضمنها المنتجات الغذائية والملابس والمستلزمات المنزلية». وكان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، وضمن سلسلة الإصلاحات الاقتصادية، أوعز باتخاذ إجراءات مهمة لدعم الصناعة والإنتاج الوطنيين، من بينها توجيه الوزارات والجهات المعنية بإعلام وزارة الصناعة بما تحتاجه الدوائر من منتجاتها والتعاقد على توفيرها، ومنح وزارة الصناعة صلاحية تفعيل الاستثمار والمشاركة مع القطاع الخاص في الإنتاج والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لمعاملة القطاعين الخاص والمختلط مساواة بالقطاع العام للمساهمة في الصناعة الوطنية. وأشار الحسون إلى «ضرورة الطلب من الجهات المعنية تقديم الدعم المالي اللازم للقطاع الصناعي الخاص، من خلال تمديد فترة تسديد القروض للمصرف الصناعي». وشدّد على أهمية «منح التسهيلات اللازمة لتأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال الإعفاءات الضريبية ومنح القروض الميسّرة. وأضاف أن «تكاتف جهود الجهات الحكومية المتمثلة بوزارات الصناعة والمال والتخطيط والبنك المركزي، سيساهم في منع دخول البضائع الرديئة وعدم إغراق السوق بها». وأشار إلى «ضرورة إنفاذ العمل بإجازة الاستيراد وتفعيل قانون حماية المنتجات الوطنية وقانون حماية المستهلك وتقديم دراسة مستفيضة عن حاجة السوق وما يمكن إنتاجه من السلع المماثلة، لا سيما المنتجات الغذائية كونها تمسّ حياة المواطن وصحته في شكل مباشر، إذ إن المنتجات الغذائية المصنّعة محلياً لا تحوي مواد حافظة، كما أن معظمها لا يُتلف سريعاً، بخلاف المستوردة». وشدّد الحسون على ضرورة «الاهتمام بملف التسويق وإيجاد منافذ للبيع المباشر من المنتجات والصناعات المحلية، إلى جانب الاهتمام بوسائل الترويج والإعلان عن الإنتاج الوطني». وأشار إلى أن «أبرز الوسائل الخاصة بدعم الإنتاج المحلي تتمثل بكثرة توفيره في الأسواق بعد منع الاستيراد، وفرض الضرائب وتوفير السبل الناجحة في جانبي التسويق والترويج لأنهما أفضل الوسائل للوصول إلى الأسواق وأيدي المستهلكين». وكانت وزارة الصناعة والمعادن أطلقت في آب (أغسطس) الماضي، حملة تحت شعار «صنع في العراق» لدعم الإنتاج الوطني، لاقت حماسة من الأوساط الشعبية تمثلت بإطلاق ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي حملة معززة بصور لعدد من المنتجات العراقية، بينها السكاكر والألبان والزيوت والأجهزة الإلكترونية والمنظفات والملابس والمستلزمات المنزلية. وكان مسؤولون معنيون بدأوا جولات في عدد من المصانع بهدف حضّها على ضرورة بذل أقصى الجهود للارتقاء بمنتجاتها وخلق المنافسة المطلوبة في السوق المحلية لجهة السعر والجودة، وذلك بهدف جذب المواطنين إلى المنتج الوطني وتشجيعهم على شرائه. كذلك حضّوا على ضرورة الاهتمام بأساليب التعبئة والتغليف لتكون وفق المواصفات والمعايير المطلوبة، واعتماد التصاميم الحديثة والاستمرار في منح الوكالات وتوسيع منافذ البيع المباشر في بغداد والمحافظات، وزيادة عدد المركبات الجوالة لتشمل معظم مناطق بغداد، مؤكدين الدعوة إلى إشراك المستثمرين والقطاع الخاص عموماً في تطوير البنية التحتية للصناعة العراقية وإعادة تأهيلها. وكانت أوساط اقتصادية دعت إلى ضرورة جعل العاملين في المصانع والمعامل شركاء فيها حينما تطرح الأسهم والسندات الخاصة في المصانع، وأن يكون الهدف من الخصخصة الحفاظ على جزء من الشركات التي كانت منتجة ومدرة للدخل وتلبي حاجة السوق المحلية، ومنها معامل الإسمنت والدواء والنسيج والجلود التي كانت تصدّر إلى الخارج لجودتها العالية. وأشارت إلى ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا والخبرات ورؤوس الأموال لتساهم في إحياء الشركات وإعادة تأهيلها، كما على الحكومة مواكبة هذه الشركات لأن لها أصولاً إنتاجية لا يحتاج قسم منها إلا إلى دعم لتجديد خطوط الإنتاج وتهيئة المواد الأولية.