تحت عنوان «جاز كونسير»، نظمت دار الأوبرا المصرية حفلة لأوركسترا القاهرة السيمفونية، مقدمة المايسترو حمد سعد باشا الذي يقود الفرقة لأول مرة. وانطلاقاً من تشجيع المواهب الشابة، شاركت في الحفلة رئيسة الأوبرا إيناس عبد الدايم وكان عزفها الماهر والمتمكن على آلة الفلوت ملفتاً. ولم يقدم المايسترو نفسه كقائد فقط بل كمؤلف موسيقي. ومحمد سعد باشا حاصل على الدكتوراه من الكونسرفتوار وفاز بعدد من الجوائز في مجال التأليف آخرها جائزة الدولة التشجيعية عام 2012 وله مؤلفات عزفت خارج مصر وداخلها ونشر معظمها في مجال القيادة. أسس أوركسترا الساقية الوتري ويقدم برنامجاً بقيادته ويرأس أحياناً أوركسترا مكتبة الإسكندرية. لم يبتعد المايسترو في الحفلة عن موسيقى الجاز، فهو كان عازفاً لآلة الدرامز وله ثقافة كبيرة وخبرة عملية في هذا النوع الموسيقي، قبل أن يتعمق بدراسة العلوم الموسيقية الكلاسيكية والمعاصرة. وبرنامج الحفلة الذي نجح محمد في اختياره جاء في 3 فقرات اثنتان منها من مؤلفات الأميركي جورج جيرشوين (1898 - 1937) الذي يعد أول من أدخل الجاز إلى قاعات الموسيقي الكلاسيكية، كما أنه باعتراف النقاد والباحثين مؤسس المدرسة الموسيقية الأميركية الحديثة. بدأت الحفلة بالافتتاحية الكوبية التي كتبها جرشوين العام 1932 بعدما زار هافانا وهناك تعرف على الموسيقى والرقص الكوبي الذي كان مصدراً لإلهامه ونسجه داخل موسيقاه ببراعة في الكتابة الأوركسترالية وهذه الافتتاحية عرضت للمرة الأولى في ملعب لويسون بنيويورك وحققت نجاحاً كبيراً ووصل عدد الحاضرين إلى أكثر من 17 ألف مشاهد. العمل الثاني الذي عزفته الأوركسترا من مؤلفات جرشوين مقطوعة «أميركي في باريس» التي كتبها عام 1928 وفيها يقدم انطباعاته كزائر أميركي لباريس ونراه يستخدم الأوركسترا الكلاسيكية المتعارف عليها، لكنه يضيف إليه بعض الآلات الموسيقية كالساكسفون، كما استخدم آلات غير موسيقية مثل أبواق سيارات الأجرة للتعبير عن الشارع الباريسي. والعملان كانا خير اختبار لسعد باشا في مجال القيادة، خصوصاً انه ابتعد عن التقليد الموسيقي المعتمد في الأوبرا المصرية، مقدماً لوناً جديداً ومميزاً. الجزء الثاني من الحفلة التي تمثل اضافة كبرى والتي ظهر فيها محمد كمؤلف موسيقي مالك لأدواته كانت مقطوعة «متتالية للفلوت وثلاثي بيانو الجاز» للمؤلف الفرنسي المعاصر «كلود بولينج» ويعد هذا العمل من أشهر أعماله حيث اتضح فيه المزج الناعم بين موسيقى الجاز والموسيقى الكلاسيكية. العمل في 7 حركات لآلة الفلوت والبيانو والباص والإيقاع والعمل من شهرته تمت صياغته لآلات أخرى أحياناً نجدهم استبدلوا الكونترباص بالغيتار الكهربائي، ويتم التنوع في آلات الإيقاع، لكن لأول مرة يختار محمد باشا 5 حركات أعد لها صياغة أوركسترالية تعد إضافة متميزة ورائدة لهذا العمل. حافظ الباشا على العمل كثلاثي وأعد التوزيع الأوركسترالي بعمق وحرفية حافظ فيها على روح موسيقى الجاز وخصائصها سواء في أسلوبها أو في استعمال الآلات واستطاع بأسلوب علمي أن يجعل الآلات الأربع تدخل في نسيج الأوركسترا ومجموعاتها الآلية.