بداية متواضعة إنتاجياً شهدها عام 2016 السينمائي المصري في بداياته أي في ما يعتبر الموسم الذي يتزامن عادة مع إجازة نصف العام الدراسي ويعتبر من المواسم غير المستقرة حيث يهرب معظم نجوم الشباك والذين يفضلون مواسم الصيف والعيدين لضمان أكبر نسبة إقبال جماهيري، خصوصاً في ظل التوتر الذي أصبح يسود فترة احتفالات الشباب بذكرى 25 يناير. من هنا أصبح هذا الموسم فرصة للمنتجين لطرح أعمال لنجوم الصف الثاني أو للوجوه الجديدة بموازنات ضعيفة. وفي هذا الإطار، يعتبر الموسم الحالي هذا العام مقبولاً جداً قياساً للأعوام السابقة في طرح هذا العدد المتنوع من الأعمال التي لاقت إقبالاً جماهيرياً مناسباً لها حيث باستثناء فيلم «من ضهر راجل» نكتشف أن باقي الأفلام خالية من نجوم الصف الأول لشباك التذاكر وبعضها بوجوه شابة تتصدى للبطولة السينمائية للمرة الأولى! بدأ العام بعرض فيلم «من ضهر راجل» لآسر يس ومحمود حميدة وهو أكبر إنتاجات الموسم ثم تلاه أفلام «شكّة دبوس» ثم «كدبة كل يوم» و»أوشن14» وأخيراً «الهرم الرابع» وهي أبرز الأعمال التي عرضت حتى الآن وحققت إيرادات متفاوتة. توقعات صائبة جاءت تجربة فيلم «شكّة دبوس» متسقة مع التوقعات كون التجربة من بطولة اثنين من نجوم الغناء وهما خالد سليم ومي سليم ومعهما نسرين أمين ومحمد شاهين. والفيلم من تأليف أيمن عبدالرحمن وإخراج أحمد عبدالله صالح، وهو تجربة إنتاجية لشركة الفنان أحمد حلمي وربما يكون بداية لسلسلة أفلام متوسطة الإنتاج ينوي تقديمها وعادة يكون الغرض الأساسي منها هو صناعتها من أجل العرض الفضائي من دون النظر لإيرادات شباك تذاكر السينما، حيث لا يحمل من قاموا بالتجربة أي رصيد لدى جمهور السينما. والفيلم له من اسمه نصيب فهو مثل (شكة) الدبوس يزول أثرها سريعاً! ولا تتذكره بعد الخروج من دار العرض. وعلى رغم أن فكرة العمل جديدة ومرتبطة بالتطور التكنولوجي لعالم الاتصالات ومدى تأثيره في حياة الفرد إلا أن سيناريو العمل وضعف التمثيل كانا في غير مصلحة الفيلم على رغم اجتهاد أبطاله ولم يستطع الوصول للمليون الأول في شباك الإيرادات! ويؤكد المخرج خالد الحلفاوي، في تجربته الثانية «كدبة كل يوم»، موهبته وتميزه في إخراج الأعمال الكوميدية حتى وإن كان أبطاله من غير نجوم الكوميديا المعروفين للجمهور كما حدث في فيلمه الأول «زنقة ستات» حيث يعتمد مجدداً في التجربة الجديدة على النص وكوميديا الموقف. يعالج الفيلم مشاكل العلاقات الزوجية عند الشباب وما يصيبها من ملل وفتور مبكّر! من خلال حالة سادت الأحداث لكوميديا الموقف في العلاقات بين شباب المتزوجين تفاعل معها جمهور السينما كثيراً وكان السيناريو والحوار جيدين للأحداث على رغم أنها بدت متكررة منذ بدايات السينما المصرية في أفلام كثيرة. مع هذا نجح صناع الفيلم في تقديم عمرو يوسف كبطل سينمائي وسط مجموعة من نجوم جيله مثل درة ودينا الشربيني ومحمد ممدوح الذين جاء أداؤهم لافتاً. ولا سيما درة التي نجحت خلال السنوات القليلة الماضية في فرض نفسها كبطلة سواء في السينما أو التلفزيون منذ بدأت رحلتها الفنية في القاهرة. أما عمرو يوسف وبعد تقديمه في شكل جيد في فيلم «أولاد رزق» ها هو يمنحه المنتجون فرصة لتثبيت قدميه بين أبطال السينما فينجح في استغلالها جيداً حيث جاء أداؤه بسيطاً ومناسباً للشخصية وبلا تكلف. ويبدو أن عمرو يوسف بجانب حسن الرداد سيكونان من أصحاب البطولات المنتظمة في السينما المصرية، بخاصة بعد أن نجح الفيلم في تخطي المليون الثاني له إلى الآن. ومن مفاجآت الموسم تحقيق فيلم «أوشن14» لعمر متولي وبيومي فؤاد ومصطفى خاطر ومجموعة من شباب الممثلين الجدد إيرادات تخطت حاجز السبعة ملايين من الجنيهات وهو رقم كبير قياساً لكلفة إنتاجه وأسماء أبطاله الذين يخوضون البطولة السينمائية للمرة الأولى، ولا يملكون سوى رصيدهم الجماهيري في العروض المسرحية التلفزيونية أخيراً. أما فنياً، فالعمل حاله مثل حال الأعمال الأخرى من إنتاج السبكي والتي يتم إنجازها سريعاً من دون تحضير أو وقت للتصوير وبموازنات محدودة حاملة شعاراً دائماً هو سينما من أجل «الترفيه» فقط لذا تأتي الأعمال أشبه بإسكتشات كوميدية للممثلين مع وجود راقصة وأغنية شعبية! لكن الإيرادات الكبيرة عادة تأتي في صالحهم وتجد جمهوراً كبيراً يقبل عليها! وربما تكون الفائدة الوحيدة هو منح وجوه جديدة الفرصة. غير أن فيلم «أوشن14» لم يهنأ طويلاً بإيراداته المتفوقة إذ كان الموسم على موعد مع مفاجأة أخرى وهي فيلم «الهرم الرابع» الذي بمجرد طرحه للعرض تحولت دفة شباك التذاكر إليه، من دون أن يملك الفيلم أي مؤشرات للنجاح الجماهيري مثل العمل السابق كون أبطاله من الشباب أحمد حاتم وميريهان حسين وريهام عبدالغفور وتارا عماد، وهم من أصحاب الحضور القليل والمتفاوت في السينما في سنواتها الأخيرة لا أكثر ولا أقل! أما بطولة الفيلم وسبب إقبال الشباب على شباك التذاكر فموضوعه الذي هو «قرصنة» الإنترنت أو الهاكرز وهو موضوع جديد لم يتم تناوله في السينما من قبل بمثل هذه التفاصيل فوجد الشباب عالمهم في الفيلم، بكل مفرداته. غير أن الفيلم افتقد الحبكة واتّسم بضعف في رسم شخصياته وهي عاهة تصيب الأعمال التي يكتبها مخرجوها ومع هذا كان هذا الفيلم التجربة الأفضل في مسيرة الطبيب، بعد المخرج بيتر ميمي في تجارب متواضعة فنياً وجماهيرياً. أما الجمهور فقارن بين الفيلم والمسلسل الأميركي Mr robot!، والذي قدمه الممثل الأميركي «ذو الأصول المصرية» رامي مالك والفائز بجائزة الغولدن غلوب عن دوره فيه حيث التشابه في الفكرة وحتى ملابس البطلين!؟ والفيلم عودة جيدة لبطله أحمد حاتم والذي سبق وقدمه المنتجون كبطل قبل سنوات في فيلمي «أوقات فراغ» و»الماجيك» لكن التشابه توقف بعدها، كذلك شخصية «فتاة الملهى» بدت جديدة على ريهام عبدالغفور وأجادت في تقديمها فيما اجتهدت ميريهان حسين في شخصية صديقة البطل في حدود السيناريو ونجح الفيلم في تخطي المليون جنيه في أسبوع عرضه الأول. إذاً هي بداية تبدو متواضعة فنياً مع بداية العام في صناعة السينما المصرية التي تحاول أن تتعافى من كبوتها بعد هروب منتجيها إلى الدراما التلفزيونية ومعهم نجومها أيضاً لكن المؤشرات تقول أن عام 2016 سيشهد عودة الطيور المهاجرة لبيتها من جديد بعد الاطمئنان للسوق وتبقى عودة السوبر ستار والإيرادات الكبيرة حيث هناك عدد من المشاريع المنتظرة لهم مثل أحمد السقا ومنى زكي وأحمد حلمي وأحمد عز، إلى جانب عرض أفلام محمد خان «قبل زحمة الصيف»، وهالة خليل «نوارة»، ويسري نصرالله «الماء والخضرة والوجه الحسن».