سبات إعلامي عميق، عاشت فيه وزارة المياه والكهرباء طيلة السنوات الماضية، التي اكتفت خلالها بالظهور الإعلامي بالبيانات الصحافية الدورية، أو اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية العابرة. ومع ذلك، غدت «المياه» في «وجه المدفع» بعد تعرفة المياه الجديدة، ما جعل جميع منسوبي الوزارة وشركة المياه الوطنية على رأسهم الوزير مطلوبين «إعلامياً» و«اجتماعياً» للإفادة حول أسباب «الفاجعة المالية» في فواتير المياه، إلا أن الساحة الإعلامية والشارع السعودي تفاجآ بردود غير متوقعة من الشركة الوطنية والوزارة، التي تعجبت بدورها من سخط المستفيدين، وازدحامهم أمام مكاتب الفروع في مناطق المملكة، مطالبة المواطنين عبر معرف أحد مسؤوليها في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بتعديل الوحدات عن طريق الفرع الإلكتروني للشركة المياه الوطنية، لتقديم الخدمة مباشرة، التي تؤدي إلى خفض قيمة الفاتورة من دون الحاجة إلى زيارة الفروع. تصريحات متتالية أدلت بها الوزارة ممثلة بوزيرها المهندس عبدالله الحصين وبعض مسؤوليها خلال هذه الأزمة، وصفها مواطنون ب«الاستفزازية»، التي لم تعط حتى الآن رؤية واضحة حول توجه الوزارة في حل هذه الأزمة. رصد سريع لتصريحات الوزارة التي أطلقت تزامناً مع أزمة المياه، كشفت أن غضب الشارع السعودي من التصريح الذي أطلقه أخيراً وزير الإسكان ماجد الحقيل حول أزمة الإسكان بوصفها مشكلة «فكر»، لم يهدأ حتى لحقته أزمة المياه وارتفاع تسعيرتها التي وصفت على لسان المتحدث الإعلامي باسم الشركة الوطنية للمياه المهندس خالد المصيبيح بمشكلة «الوعي»، إذ أكد المصيبيح في تصريحه لإحدى الصحف المحلية أن سبب ضج المواطنين من ارتفاع تسعيرة المياه إلى عدم وعيهم واستيعابهم بما قررته وزارة المياه والكهرباء من قوائم التعرفة الجديدة. ولم تتوقف تصريحات وزارة المياه وشركة المياه الوطنية عند تبرير المتحدث باسمها، إذ أكد وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين رداً على سخط المجتمع السعودي من الأرقام «الفلكية» التي وصلت إليها فواتير المياه على أن كلفة فاتورة مياه المنزل لا تصل إلى نصف قيمة فاتورة جوال فرد واحد من الأسرة، كما اتهم الحصين بداية «صنابير المياه» بالهدر، التي من شأنها ارتفاع كلفة استخدام المياه، وتابع الحصين اتهاماته خلال تصريحاته الأخيرة ليصل إلى «صناديق الطرد» «السيفونات»، واصفاً إياها بأنها الأكثر استهلاكاً للماء، كما نصح الحصين أيضاً خلال حوار تلفزيوني المواطنين المتذمرين من التعرفة الجديدة بالحصول على رخص لحفر آبار، معتبراً التسرب آفة خطرة في المنازل. كما وصف الوزير أيضاً التعرفة القديمة لفواتير المياه ب«الرخيصة» و«المجانية»، الأمر الذي فتح المجال واسعاً للمسرفين والمبذرين، بحد تعبيره. وعلى رغم أن الكتب المدرسية بمراحلها كافة، إضافة إلى الأنشطة الطلابية والقنوات التلفزيونية لا تخلو من أنشطة المحافظة على المياه والترشيد في استخدامه، إلا أن الحصين أكد أن حملات التثقيف في ترشيد المياه خلال عشر سنوات لم تُجد نفعاً. فاتورة المياه التي لم تكن تتجاوز 200 ريال، يتقاسم دفعها جميع سكان البناية الواحدة وصلت حالياً إلى أرقام «مجنونة»، لتدخل إلى دائرة «غلاء المعيشة»، وتنافس بدورها بقية القضايا التي تثار غضباً واستياءً على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تفاعل الكثير من كتاب الرأي السعوديين في الصحف المحلية والمختصين، ما دفع وزارة المياه والكهرباء إلى دعوتهم يوم أمس في اجتماع موسع لمناقشة القضية، وتضمن الاجتماع مطالبة الوزارة للمواطنين بالترشيد في استخدام المياه، مؤكدة أن ذلك سيكون حلاً لجميع مشكلات المياه بالمملكة بما فيها غلاء الفواتير، كما ذكر وزير الكهرباء عبدالله الحصين خلال اجتماعه يوم أمس أن التعرفة الجديدة للمياه أقل من الكلفة بكثير، مشيراً إلى أن 43 بالمئة من المواطنين يدفعون ريالاً واحداً على المياه يومياً، مشدداً على أنه من حق المواطن أن يعترض على الفاتورة العالية، وطلب الكشف عن تسربات المياه وإصلاحها، لافتاً إلى عدم قطع الخدمة عن المستهلك المعترض حتى تحل مشكلته، إضافة إلى توزيع فاتورة العمائر السكنية على الوحدات.