واصل بان زيارته لبيروت لليوم الثاني على رأس وفد ضم: رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي مدني والممثلة الشخصية للأمين العام في لبنان سيغريد كاغ، استهلها من مخيم نهر البارد، الذي وصل إليه بعدما حطت 4 طوافات، اثنتان تابعتان للأمم المتحدة وأخريان للجيش اللبناني، في قاعدة القليعات الجوية، حيث انتقل بموكب كبير من مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض في القليعات إلى المخيم، بمواكبة أمنية مشددة نفذتها وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي أقامت حواجز، وأقفلت المسرب الغربي من الأوتوستراد الرابط بين القليعات والمخيم، الذي جال فيه مطلعاً على مشاريع الإعمار القائمة، ومستمعاً إلى شرح مفصل من مدير الإعمار في المخيم جوني ويت، عما توصلت إليه الأعمال. وألقى سفير فلسطين أشرف دبور كلمة رحب فيها بزيارة بان للمخيم ولبنان، وسلمه مذكرتين، الأولى باسم القيادات الفلسطينية في لبنان، والثانية من لجنة المتابعة لأعمال إعمار مخيم نهر البارد. كما قدم إليه درعا باسم فلسطين. ولفتت مذكرة لجنة المتابعة إلى أهمية الزيارة «لما فيها من فائدة للاطلاع عن كثب على أحوال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخاصة مخيم نهر البارد الذي يمثل نموذجاً حياً للمأساة الفلسطينية، منذ أن اقتلع أهله من أرضهم عام 1948. ودعت بان إلى «إصدار نداء جديد يتضمن الالتزام من كل الأطراف بقرار إعادة ما تبقى من إعمار للمخيم وتأكيد أن إدارة أونروا هي المسؤولة عن جمع الأموال التي تحتاج إليها، والدعوة إلى تنفيذ استراتيجية واضحة وفعالة لتأمين الأموال اللازمة لاستكمال إعادة الإعمار». «دخيلك خدنا من هون» ونظم أهالي المخيم تظاهرات عدة في بعض الإحياء بعدما منعوا من الوصول الى الأمين العام للأمم المتحدة وطالبوه بإعمار المخيم ورددوا نداءات «بان كي مون دخيلك خدنا من هون». وسمع بان مطالب المتظاهرين عندما صعد إلى سطح مدرسة عمقة الذي يكشف أحياء المخيم. وانتقل المسؤول الأممي والوفد المرافق من نهر البارد إلى طرابلس وسط تدابير أمنية مشددة للجيش، الذي قطع الطريق المؤدي الى دوار أبو علي وطريق جبل محسن تزامناً مع الزيارة التي استهلها بافتتاح مركز الشؤون الاجتماعية في البقار في منطقة القبة، في حضور وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، محافظ الشمال رمزي نهرا، سيغريد كاغ، والوفد المرافق، السفير نواف سلام وزوجته، وممثلين لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية. وبعد الافتتاح قال بان: «أنا مندهش من الذي رأيته اليوم، ونحن هنا لدعم شعوب المنطقة ولتحسين حالتهم الاجتماعية. ولتحقيق ذلك نحن بحاجة إلى دعم الدولة اللبنانية. إن الأممالمتحدة تعمل مع حكومة لبنان لدعم المجتمع، وما تقوم به مراكز الرعاية الاجتماعية مهم جداً، كونه يستهدف فئة من الناس تُنتهك حقوقهم الإنسانية. وأنا مرتاح لزيارتي هذا المركز، وبعد إطلاعي على ما يقدمه من خدمات التعليم والدعم النفسي والرعاية الصحية والاجتماعية، وهذا يدخل ضمن أهداف الأممالمتحدة ومنظماتها العاملة في لبنان والمنطقة». أضاف: «زيارتي هي الأولى لمدينة طرابلس وأنا سعيد بذلك وآمل أن نرى هذه المدينة مزدهرة ومستقرة وآمنة، وآمل من الحكومة ومن المؤسسات المعنية الاستمرار بعملها الذي يصب في الخير العام للمواطنين والمقيمين». بدوره، ألقى رئيس البنك الدولي كلمة قال فيها: «نحن نريد أن نقدم أكبر دعم ممكن للناس في هذه المنطقة، ولقد قدم لنا الوزير درباس لمحة عن عمل وزارته، ونحن قدمنا 25 مليون دولار من المساعدات لتمويل مشاريع الخدمة والرعاية الاجتماعية، ومن الضروري جداً أن يقر المجلس النيابي القوانين المطلوبة التي تسمح لنا بتقديم دعم أكبر. وفي الأمس التقينا رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وعدنا بالعمل على إقرار هذه القوانين التي تسمح بتقديم الدعم للمواطنين ونحن نتطلع إلى ذلك. ونحن جاهزون ليس فقط لبناء المدارس والمستشفيات، بل نعتقد أن طرابلس يجب أن تكون منطقة حيوية ومنطقة اقتصادية خاصة، ونعمل على ذلك بالتعاون مع البنك الإسلامي». وشدد على «ضرورة إقرار القوانين التي تسمح بذلك. فطرابلس يجب أن تكون منطقة اقتصادية متخصصة ويجب تفعيل عمل الحكومة والبرلمان من أجل دعم النازحين». من جهته، قال رئيس البنك الإسلامي للتنمية: «نشكر لبنان حكومة وشعباً على استضافتهم اللاجئين من سورية، ونقدر عالياً جهد لبنان في هذا الإطار». وأشار الى أن «البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية سيرسلان بعثة خلال أسابيع إلى لبنان للبحث في كل الأمور والاستماع الى رأي المعنيين لتقدير ما ينبغي تقديمه وتحديد المسائل التي يجب التركيز عليها. نحن جاهزون للمساعدة وسنفعل ذلك بإذن الله». وبعد جولة في أرجاء المركز والاطلاع على أوضاعه، توجه بان والوفد المرافق إلى منطقة الميناء، حيث اطلعوا على أوضاع النازحين في حي التنك، ومنه انتقلوا إلى مخيمات النازحين السوريين العشوائية ضمن بلدة بحنين- المنية، برفقة ممثلي أونروا ويونيسيف ووزارات الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية المتعاونة مع جمعية بيوند لحماية وتأهيل وإعداد الأطفال لدخول المدارس والتخفيف من معاناتهم. مئة مليون دولار وبعد الاطلاع على نشاطات الأطفال في تلك المخيمات، وجولة على العيادة الطبية والاستماع إلى شكاوى النازحين، وزع كيم بيانا قال فيه: «يعيش الآن ما يقدر بنحو مليون ونصف مليون لاجئ في لبنان نتيجة للصراع في سورية، وبسبب تدفق اللاجئين زاد عدد السكان أكثر من 25 في المئة. وأثرت هذه الزيادة السريعة في عدد السكان على البنية التحتية الضعيفة والنسيج الاجتماعي للبلاد، وشكلت ضغطاً على قدرة البلديات على تقديمات خدمات عامة جيدة، ويواجه لبنان الآن خطراً يهدد وجوده». أضاف: «نعلن اليوم أننا سنقدم 100 مليون دولار لتمويل مساعدة لبنان على تحقيق هدفه في تحسين نوعية التعليم لكل الأطفال من سن خمسة أعوام إلى 17 عاماً، ولضمان أن يلتحق جميع أطفال اللاجئين السوريين الذين يعيشون هنا بالمدارس. لن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح للنظام التعليمي اللبناني بأن يفقد معاييره أو يحرم ما يصل إلى 200 ألف من أطفال اللاجئين السوريين من الحصول على التعليم». وتابع: «سمعت اليوم قصص الكثير من اللاجئين السوريين والأسر اللبنانية الذين يشعرون بضغوط هائلة من جراء الحرب الدائرة رحاها في سورية». ورداً على سؤال، قال كيم: «إن البنك الدولي قدم كمرحلة أولى 900 مليون دولار لمساعدة السوريين والمجتمع اللبناني، وتأتي زيارتنا لهذه المناطق ضمن هذا الأساس. ولكن هذه المساعدة تتطلب تحركاً حكومياً وبرلمانياً فاعلاً من أجل البدء وتشريع هذه القديمات في أسرع وقت ممكن، لأجل العمل على زيادة التقديمات والمساعدات البعيدة المدى». بدوره، أكد مدني أن البنكين الدولي والإسلامي سيبحثان خلال أسابيع كل الأمور من أجل تأمين احتياجات طرابلس. ولاحقاً، انتقل الأمين العام إلى منطقة البقاع حيث تفقد مخيم نوفل للنازحين السوريين في بلدة الدلهمية في تربل. والتقى العائلات السورية واستمع إلى شؤونهم ومتطلباتهم. وتمنى في ختام الزيارة، أن «تؤدي مساعي الأممالمتحدة إلى نتائج إيجابية في ما خص وقف إطلاق النار في سورية». وأكد أن «الأممالمتحدة تسعى لمساعدة النازحين السوريين والفلسطينيين في المنطقة، ليس في لبنان فحسب». وشدد على أن «السلم الأهلي هو الخيار الوحيد لحل الأزمة السورية».