يبدو أن الأزمة السياسية بين مصر وأثيوبيا حول إنشاء سد النهضة تراوح مكانها، إذ أكدت أديس أبابا أنها مصرة على إجراء محادثات مع مصر لإيجاد حل للأزمة المحتدمة خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي ردت عليه القاهرة بالتشديد على ضرورة أن يكون الحوار «جاداً يعتمد على إرادة سياسية للتوصل إلى حل لا يضر بأي طرف». وباءت ثلاث جولات للمفاوضات بين البلدين على مستوى وزراء الري بالفشل في الوصول إلى حل للآثار السلبية لسد النهضة، والتي كشف عنها تقرير لجنة الخبراء التي جرى تشكيلها لدراسة آثار السد، ما دعا القاهرة إلى التحرك نحو تدويل القضية عبر الطلب من الدول الغربية المانحة الضغط على أثيوبيا لوقف بناء السد إلى حين إجراء الدراسات اللازمة لتجنب أضراره عليها. وقامت وزارة الخارجية بتعميم ورقة رسمية على جميع سفارات مصر في الخارج وعلى وسائل الإعلام الأجنبية تتضمن عناصر الموقف المصري بعد انتهاء العديد من جولات التفاوض مع الجانب الأثيوبي، والتأكيد على موقف مصر الثابت من ملف مياه النيل، الذي يستند إلى مبادئ المنفعة المتبادلة وعدم إلحاق الضرر بأي طرف، كما تصدر الملف جولات أوروبية قام بها وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، كما تصدرت مباحثات وزير الدفاع المستقيل عبد الفتاح السيسي خلال جولته في روسيا. وظهر أمس أن التحرك المصري أتى ثماره، إذ قال وزير خارجية أثيوبيا تيدروس أدهانوم، خلال اجتماعه بوفد من البرلمان الأوروبي، إن حكومة بلاده مصرة على إجراء محادثات مع مصر بشأن سد النهضة وإيجاد حل لقضية مياه نهر النيل على أساس تحقيق المنفعة المتبادلة. ودافع أدهانوم، في بيان نشره أمس موقع الخارجية الإثيوبية باللغة الإنكليزية، عن مضي بلاده في بناء مشروع السد «من أجل التخفيف من مشكلة الفقر لديها، وكذلك الكهرباء». لكن على ما يظهر أن شعوراً ب «عدم الثقة» يعتري المسؤولين المصريين بعد فشل جولات تفاوض عدة، إذ أكد الناطق باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي ل «الحياة» أن بلاده مع «الحوار والتعاون»، لكنه شدد على ضرورة أن يكون التفاوض «جاد يعبر عن إرادة سياسية ترغب في التوصل إلى حل لا يمثل أي إضرار بطرف من الأطراف». وكانت الأزمة بين مصر وأثيوبيا تصاعدت بشكل حاد منذ العام 2011، عندما شرعت أثيوبيا في تشييد سد عملاق على نهر النيل بكلفة 4.7 بليون دولار على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتراً جنوب الحدود السودانية مع أثيوبيا، ويتوقع اكتمال تشييده خلال العام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم. وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من المياه، التي تبلغ 55.5 بليون متر مكعب بما يصل لأكثر من 10 في المئة، كما سيؤدي أيضاً إلى خفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي. من جهة أخرى، قال وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد عبد المطلب، إن المفاوضات مع الجانب الأثيوبي مستمرة بشأن سد النهضة، لتحقيق المصالح المشتركة بين الجانبين، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية تساهم في تلك المفاوضات بشكل جاد لما يمثل هذا الملف من أهمية للأمن القومي المصري. وقال عبد المطلب إن الوزارة وضعت خطة لتوفير 4 بلايين متر مكعب من المياه، مشيراً إلى أنه يجري التفاوض حالياً مع عدد من المنظمات والمؤسسات الدولية لتنفيذ مشروع لخدمة صغار المزارعين وشباب الخريجين بمنطقة غرب الدلتا لتطوير نظم الري فيها، من الري التقليدي إلى نظم الري الحديث، بغرض تقليل التلوث وترشيد استخدام المياه وتخفيف الضغط على محطات الصرف، ويتم تحصيل تكاليف التطوير على مدى 20 عاماً، أسوة بالصرف المغطى.