يحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى السنوية ال38 ل «يوم الأرض»، إذ أعلنت «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية» في إسرائيل (فلسطينيو ال48) الإضراب العام اليوم في المجتمع الفلسطيني في الداخل وتنظيم تظاهرات كبرى إحياءً للذكرى واحتجاجاً على مواصلة الحكومات الإسرائيلية مسلسل نهب الأرض العربية والتمييز العنصري ضد الأقلية الفلسطينية. وفي الأراضي الفلسطينية، أحيا المواطنون في قطاع غزة هذه الذكرى بتظاهرة قرب السياج الحدودي حاولوا خلالها غرس شتلات زيتون قبل أن تفرقهم قوات إسرائيلية، فيما تعالت أصوات تدعو إلى اعتبار هذه الذكرى فرصة لإنهاء الانقسام الوطني. كما أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية بياناً في هذه المناسبة تمسكت فيه بالثوابت الوطنية. ودعت «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية» في إسرائيل في بيان، «إلى إحياء هذه المناسبة عبر التزام الإضراب العام» الذي يشمل السلطات المحلية والمدارس والمؤسسات التعليمية العربية وجميع المؤسسات والمرافِق. كما دعت جميع الأحزاب والحركات السياسية والسلطات المحلية العربية واللجان والهيئات المدنية والشعبية إلى تحمل مسؤولياته والقيام بدوره وواجباته في تنظيم الفعاليات والنشاطات التعبويّة لإنجاح الإضراب العام والمشاركة في جميع الفعاليات والنشاطات والترفع عن الخلافات بينها. وعددت مظاهر سياسة التمييز العنصري الإسرائيلي ضد الأقلية الفلسطينية، مشيرة إلى «تصعيد المؤسسة الإسرائيلية سياستها ومخططاتها التي تستهدف الوجود العربي الفلسطيني في البلاد عبر سن قوانين عنصرية وأخرى فاشية تعبّر عن طبيعة السياسة الإسرائيلية تجاه الجماهير العربية في مناحي الحياة وفي جميع أماكن وجودها في وطنها، كما يتجلّى ذلك في تصعيد سياسة هدم البيوت العربية في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وفي السياسة الرسمية المنهجية تجاه الخرائط الهيكلية ومَناطق نفوذ المدن والقرى العربية، والمحاولات المتواصلة لمصادرة ما تبقى من أراضٍ عربية في منطقة النقب وترحيل أهلها وأصحابها العرب، إلى جانب مُخططات ومَشاريع فرض الخدمة العسكرية على فِئات من أبناء الجماهير العربية على أساس طائفي ترمي إلى المس بأبناء الشعب الواحد والوطن الواحد والمصير المشترك وتفكيكه طائفياً، وبالتالي تهدف إلى أسْرَلة الشخصية العربية في البلاد وإنشاء شخصية هُلامية تخلو من ملامِح وإرادة وطنية». وعلى رغم هذا النداء، ارتأت الأحزاب الرئيسة الثلاثة تنظيم مهرجانات ونشاطات تثقيفية وفنية ملتزمة في البلدات العربية المختلفة، كل على حدة، عاكسةً بذلك الخلافات بينها التي خلّفتها الانتخابات الأخيرة للسلطات المحلية. وتشهد قرية عرابة في الجليل التظاهرة المركزية في الشمال، فيما تنظم مسيرة جماهيرية مركزية في قرية صواوين (في النقب جنوباً). وتسبق التظاهرتين زيارة أضرحة الشهداء ووضع أكاليل الزهور. وكان العديد من المدارس العربية خصص في الأيام الماضية ساعات دراسية تثقيفية ونظم سلسلة برامج تربوية للطلاب تناولت القيمة التاريخية والرّمزية والنضالية لهذه المناسبة في حياة الجماهير العربية في البلاد. ويعود «يوم الأرض الأول» إلى 30 آذار (مارس) عام 1976 حين أعلن الفلسطينيون إضراباً عاماً في بلداتهم احتجاجاً على مخطط الحكومة تحويل آلاف الدونمات من أراضي منطقة «البطوف» (قرى سخنين وعرّابة ودير حنا) إلى منطقة عسكرية مغلقة تمهيداً لمصادرتها. وعشية الموعد المقرر للإضراب، اقتحم الجيش بلدة دير حنا لترهيب المواطنين من المشاركة في الإضراب، واستشهد الشاب خير ياسين من قرية عرّابة برصاص الجيش، فعمّ الغضب القرى الثلاث، وفرض الجيش في ساعات صباح اليوم التالي حظر التجول عليها، وقتل شابة وشابين آخرين من بلدة سخنين، ليعم الغضب البلدات العربية كلها، فيستشهد شابان آخران في الطيبة وطولكرم برصاص الجيش والشرطة، ويبلغ عدد شهداء «يوم الأرض» ستة شباب في العشرينات من عمرهم. وأكدت إفادات الشخصيات العربية التي شاركت في اتخاذ قرار الإضراب وتنفيذه، أن الشرطة والجيش قررا مسبقاً كسر الإضراب بالقوة «وبأي ثمن». وفي قطاع غزة، فرقت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح امس العشرات من الفلسطينيين الذين تظاهروا عند السياج الحدودي الفاصل شمال قطاع في ذكرى «يوم الأرض». وكانت وزارة الزراعة في حكومة غزة دعت إلى المشاركة في غرس أشجار الزيتون شرق بلدة جباليا شمال قطاع بمحاذاة السياج الحدودي. وشارك في عملية الغرس العشرات من المواطنين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية، ورددوا الهتافات المطالبة برحيل الاحتلال. وقالت مصادر محلية إن عدداً من المشاركين في الفعالية تمكّن من اجتياز السياج الفاصل وقطع السلك الحدودي ودخل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وحاول غرس أشجار، ورفع العلم الفلسطيني. وأضافت أن قوات الاحتلال أطلقت تجاه المشاركين في الفعالية قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريقهم، من دون أن يبلغ عن وقوع إصابات في الأرواح. في هذه الأثناء، دعا رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري إلى ضرورة أن تشكل ذكرى «يوم الأرض» انطلاقة حقيقية لإنهاء الانقسام والتوحد، مشدداً على أهمية إدراك أخطار الانقسام على القضية الفلسطينية. ودعا في تصريح إلى أوسع مشاركة في الفعاليات الشعبية في هذه الذكرى من الأطياف كافة وفي كل الأماكن، مؤكداً أن الحق الذي خلفه مطالب لا يسقط.