شارك الآلاف من فلسطينيي عام 1948 في إحياء الذكرى السنوية ال 36 ل «يوم الأرض» بمسيرات وتظاهرات في عدد من بلداتهم في الجليل والنقب والمثلث بدأت بزيارة أضرحة الشهداء والنصب التذكارية، في حين أخفقت الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية في إخراج أعداد كبيرة من المواطنين إلى مناطق الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي إحياء ل «يوم الأرض»، وتمثلت المشاركة في غالبيتها على الناشطين الحزبيين. أما في قطاع غزة، فأحيا الآلاف «يوم الأرض» في تظاهرات اتسمت بالوحدة الوطنية وتقدمها قادة من حركة «حماس» والفصائل الأخرى، وانطلقت باتجاه المناطق الحدودية مع إسرائيل. وجرت المسيرة المركزية ل «يوم الأرض» في قرية دير حنا في الجليل بإشراف لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية المنضوية تحت لوائها جميع الأحزاب والحركات السياسية الوطنية والإسلامية والفعاليات الشعبية المختلفة. كما شهد النقب المعرضة أراضيه العربية إلى مشروع اقتلاع جديد، مسيرات احتجاج وتظاهرة مركزية. ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين ولافتات أكدت تمسكهم بالأرض وتنديدهم بسياسة الحكومة الإسرائيلية التي تواصل نهج سابقاتها من تمييز عنصري ووضع مخططات جديدة لتهويد المناطق العربية، كما دعوا إلى إنهاء الاحتلال. وشهد بعض التظاهرات ملاسنات بين المشاركين على خلفية عدم إعلان «لجنة المتابعة» الإضراب العام في البلدات العربية إحياءً للذكرى وتنديداً بسياسات الحكومة. والتزمت الشرطة الإسرائيلية تعهداتها عدم الاقتراب من مواقع التظاهرات لتفادي صدامات مع المتظاهرين، لكن أفرادها انتشروا بكثافة خارج البلدات العربية، التي شهدت التظاهرات، وفي محيط الحرم القدسي الشريف، فيما حامت مروحيات تابعة لها فوق المتظاهرين. وطبقاً لمصادر أمنية، فإن الجيش تأهب جيداً للحيلولة دون تكرار ما حصل قبل أقل من عام حين اخترق متظاهرون في سورية الحدود في الجولان المحتل واقترب متظاهرون في لبنان من الحدود. ويتحسب الجيش من أن تتواصل محاولات متظاهرين للوصول إلى حدود الدولة العبرية حتى نيسان (أبريل) ومن احتمال التخطيط لحملات سفر جماعية جوية من أنحاء العالم إلى مطار تل أبيب. اشتباكات عند معبر قلنديا وفي الضفة، اقتصرت المشاركة في فعاليات «يوم الأرض» التي دعت إليها الفصائل وحددت مكانها على مداخل القدس وفي قلبها، على آلاف عدة من الناشطين الذين حمل كثير منهم رايات فصائله. واتفقت الفصائل والفعاليات الشعبية الفلسطينية على إقامة أنشطة مركزية إحياء ل «يوم الأرض» هذا العام تحت عنوان «مسيرة الحرية نحو القدس». لكن المشاركة كانت أقل بكثير من المتوقع. ويرى مراقبون أن حال الإحباط التي تسود الشارع الفلسطيني نتيجة فشل الفصائل في إنهاء الانقسام وفي تطبيق اتفاقات المصالحة التي توصلت إليها، كانت أحد الأسباب الرئيسة لعزوف الجمهور عن الاستجابة لنداءات الفصائل الخروج والمشاركة في هذه الفعاليات. ومنها أيضاً عدم استعداد الشارع الفلسطيني للذهاب إلى مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة التي تتسم بتجريب الخيارات بعد فشل المفاوضات وفشل الانتفاضة. وكانت اللجنة المركزية لإحياء «يوم الأرض» المؤلفة من ممثلين عن الفصائل وعن فعاليات شعبية قريبة منها، دعت إلى تركيز التظاهرات في ثلاث نقاط في مدينة القدس هي مخيم قلنديا شمال المدينة، وقبر راحيل جنوباً، وفي باب العمود على مدخل البلدة القديمة التي تضم المقدسات. لكن أعداد المشاركين كانت أقل بكثير من المتوقع. وأجرى الجيش الإسرائيلي استعدادات كبيرة ل «يوم الأرض»، ونشر قوات معززة من الجيش والشرطة في جميع المواقع التي حددت للتظاهرات، وأقام سواتر بشرية وأخرى من السيارات العسكرية لمنع المتظاهرين من الوصول إلى المعبرين الرئيسين للقدس. كما استبق الجنود وصول المتظاهرين إلى معبري قلنديا شمال القدس والكاريتاس جنوباً برش مادة نتنة ذات رائحة نفاذة على طول أكثر من كيلومتر من الموقعين. لكن شدة نتانة الرائحة لم تحل دون قيام عشرات الشبان بمهاجمة الجنود بالحجارة، فرد هؤلاء بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات. وفي قلنديا، وقعت مشادات بين ناشطين في حركة «فتح» وآخرين في المبادرة الوطنية بزعامة مصطفى البرغوثي في شأن تصدر التظاهرة. واعتدى عدد من ناشطي «فتح» بالضرب بالعصي على البرغوثي، ما استدعى نقله إلى المستشفى للعلاج. وشارك عدد من قادة الفصائل في التظاهرات، لكن هذا لم يشكل عامل جذب جماهيري. وفي بيت لحم، هاجم الجنود المشاركين في المسيرة التي وصلت إلى المدخل الجنوبي لمدينة القدس، مطلقين قنابل الغاز والصوت. وأصيب أحد المشاركين بقنبلة غاز في الرأس نقل إثرها إلى المستشفى حيث وصفت حالته بالخطيرة. وفي القدس، نشرت الشرطة أعداداً كبيرة من قواتها في طرق البلدة القديمة وأحيائها، ومنعت من هم دون الثامنة والأربعين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة، ما جعلهم يقيمون صلاتهم في الطرق العامة. وأصيب عدد من المشاركين في المسيرة التي تركزت في باب العمود، وهو الباب الرئيس للبلدة القديمة، بينهم مصور صحافي يعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا». وجرت مسيرات وتظاهرات في مناطق أخرى من الضفة، مثل بلدات بيت أمر في الخليل وكفر قدوم وعراق بورين في نابلس وفي قرية بلعين وفي مدينة قلقيلية. وأصيب 20 مواطناً في مسيرة كفر قدوم نتيجة تعرضهم للغاز المسيل للدموع. أما في قرية عراق بورين، فأصيب خمسة متظاهرين بأعيرة مطاط نقلوا إثرها إلى مستشفيات في مدينة نابلس. وفي قرية بلعين، أصيب عشرات المواطنين والمتضامنين الأجانب بالاختناق نتيجة تعرض المسيرة للغاز المسيل للدموع. وأطلق الجنود الرصاص المعدني المغلف بالمطاط والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والمياه العادمة النتنة على المسيرة التي أصيب فيها مصور في قناة تلفزيون فلسطين. غزة:مسيرة تنطلق نحو الحدود وفي قطاع غزة، أُصيب عشرة فلسطينيين بجروح أمس إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص على المتظاهرين الذين أحيوا ذكرى «يوم الأرض». وقال الناطق باسم لجنة الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة في حكومة «حماس» أدهم أبو سلمية: «أصيب خمسة مواطنين بجروح متوسطة اثر إطلاق الاحتلال الصهيوني النار في بيت حانون وخمسة آخرين في خان يونس». وبدأ آلاف الفلسطينيين في التجمع شمال القطاع قرب معبر بيت حانون (ايريز) للمشاركة في التظاهرات التي دعت إليها «حماس» بمشاركة الفصائل. وانطلق المشاركون، وبينهم عدد من قادة «حماس» والفصائل الأخرى، من محافظات قطاع غزة وهم يحملون الأعلام الفلسطينية باتجاه بيت حانون حيث وضعت منصة كتب عليها «إلى القدس». وفي خان يونس جنوب قطاع غزة، شارك عشرات المواطنين في مسيرة انطلقت باتجاه منطقة الفراحين على الحدود الشرقية للمدينة حيث أُصيب أيضاً أربعة مواطنين على الأقل بجروح، بحسب أبو سلمية. وقال النائب عن «حماس»، رئيس اللجنة الوطنية للمسيرة العالمية في قطاع غزة أحمد أبو حلبية: «هذا اليوم له رمزية خاصة إذ نحتفل بيوم الأرض من أجل الحفاظ عليها وعلى القدس، ويشير هذا اليوم إلى الحفاظ على ثوابت الشعب الفلسطيني ومن أهمها الأرض والمقدسات». كما دعا عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» صالح ناصر خلال كلمة ألقاها في المسيرة المركزية في بيت حانون نيابة عن القوى الفلسطينية وحركتي «فتح» و«حماس» إلى «استعادة الوحدة الوطنية من أجل كسر المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني».