استخدمت الشرطة التركية أمس غازاً مسيلاً للدموع وخراطيم المياه ورصاصاً مطاطياً لتفريق مئات تجمّعوا في إسطنبول أمام مبنى صحيفة «زمان» المعارضة الموضوعة تحت الحراسة القضائية والتي داهمتها الشرطة ليل الجمعة – السبت، في آخر مثال على الحملة المتنامية التي تستهدف وسائل الإعلام التركية وأثارت قلق الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة. ونشرت الشرطة أمس أعداداً كبيرة من عناصرها أمام المبنى دققوا في هويات الموظفين لدى توجههم إلى عملهم، كما أقفلت الطرق المؤدية إلى المبنى بحواجز أمنية. وحضر مدراء عيّنهم القضاء لتولي إدارة الصحيفة. في حين رفع المتظاهرون العدد الأخير من الصحيفة لتأكيد تضامنهم معها. وصدرت «زمان» أمس تحت عنوان «تعليق الدستور» على صفحتها الأولى بخط أبيض على خلفية سوداء، وتحدثّت عن «يوم العار» على حرية الصحافة في تركيا. ويأتي فرض الحراسة القضائية الذي لم تعرف أسبابه المباشرة قبل قمة أوروبية تركية حاسمة حول الهجرة غداً في بروكسيل، تأمل خلالها أنقرة بتسريع عملية انضمامها إلى أوروبا في مقابل جهودها لوقف تدفّق المهاجرين من أراضيها في اتجاه أوروبا. وتعتبر مجموعة «زمان»، التي تملك إضافة إلى صحيفة «زمان» اليومية، صحيفة «تودايز زمان» الصادرة بالإنكليزية ووكالة أنباء «جيهان»، مقرّبة من الداعية فتح الله غولن (74 سنة) المقيم في الولاياتالمتحدة، الحليف السابق لأردوغان قبل أن يتحوّل إلى عدوه الأول منذ فضيحة فساد مدوّية هزت أعلى هرم السلطة في نهاية العام 2013. ويتهم أردوغان غولن بالوقوف وراء تلك الاتهامات بالفساد التي استهدفته وبإقامة «دولة موازية» لإطاحته، إلا أن مؤيدي غولن ينفون تلك الاتهامات. ومنذ تلك الفضيحة، ضاعفت السلطات التركية عمليات التطهير، خصوصاً في أجهزة الشرطة والسلك القضائي، والملاحقات القضائية بتهمة «الإرهاب» ضد المقرّبين من شبكة غولن الغامضة ومصالحه المالية. وقال المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان إنه يشعر «بقلق بالغ إزاء التطورات الأخيرة في محيط صحيفة زمان، ما يهدد التقدّم الذي أحرزته تركيا في مجالات أخرى». وزاد: «سنتابع عن كثب ما يحدث. وعلى تركيا، المرشّحة للانضمام (إلى الاتحاد الأوروبي)، أن تحترم حرية الصحافة. الحقوق الأساسية غير قابلة للتفاوض». ووعد رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز ببحث الموضوع خلال لقائه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو غداً متحدّثاً عن «ضربة جديدة ضد حرية الصحافة في تركيا». وفي واشنطن، ندد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي «بآخر حلقة في سلسلة أعمال بوليسية وقضائية مثيرة للقلق اتخذتها الحكومة (التركية) لاستهداف وسائل الإعلام وأولئك الذين ينتقدونها». وأضاف: «نطالب السلطات التركية بالحرص على أن تكون تحرّكاتها متطابقة مع القيم الديموقراطية العالمية المدرجة في دستورها وبينها حرية التعبير وحرية الصحافة». ونقلت وكالة «جيهان» عن رئيس تحرير «زمان» عبد الحميد بيليسي قوله قبل دقائق من اقتحام الشرطة لمبنى الصحيفة إن «حرية الصحافة لن تسمح بإسكاتها، وستبقى حتى إذا اضطررنا للكتابة على الجدران، ولا يمكن إسكات وسائل الإعلام في العصر الرقمي». ومنذ أشهر تشعر المعارضة التركية والمنظمات غير الحكومية وبلدان عدة بالقلق حيال الضغوط المتزايدة التي يمارسها أردوغان وحكومته على الصحافة التي تدين ميوله إلى التسلّط. وكان القضاء التركي وضع تحت الحراسة القضائية شركة «كوزا-ايبك» القابضة القريبة من غولن، وتملك صحيفتين وشبكتين تلفزيونيتين أغلقت كلها. وسيحاكم اثنان من صحافيي «جمهورييت» المعارضة هما جان دوندار واردم غول، في نهاية الشهر الجاري لأنهما تحدثا عن عمليات تسليم أسلحة من أنقرة إلى متمرّدين إسلاميين في سورية. وقد سجنا ثلاثة أشهر ثم أطلق سراحهما أخيراً، لكن قد يحكم عليهما بالسجن مدى الحياة. والأربعاء الماضي، انتقد دوندار «الحيل الصغيرة القذرة» بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في ما يتعلّق بقضية المهاجرين. وحظرت الحكومة التركية أيضاً الأسبوع الماضي بث قناة تلفزيونية مؤيّدة للأكراد اتهمت «بالدعاية الإرهابية» لحزب العمال الكردستاني المحظور..