إضافة إلى ما كشفته وثائق خبير المعلوماتيّة الأميركي إدوارد سنودن، عن تجسّس سري تمارسه الحكومة الأميركيّة على الاتصالات في الكرة الأرضيّة كلها، هناك رقابة معلنة وتناقش في أروقة الكونغرس، تسعى الحكومة الأميركية الى فرضها على شركات الاتصالات العملاقة، بدعوة حماية حريّة الاقتصاد وعدالة الفرص فيه. في هذا السياق، أبدت «لجنة الاتصالات الفيديراليّة» عزماً صريحاً على الحدّ من قدرة شركتي «فيريزون» و «آت أند تي» على شراء النفاذ إلى موجات البثّ الهوائية، وهي معروضة ضمن مزاد علني مفتوح. ويتمثّل الهدف للقيد على أكبر مُزوّدين للخدمات الهاتفيّة الخليوية، في دعم شركتي «سبرينت» و «تي موبايل» بدعوى السعي الى تعزيز المنافسة في تلك الصناعة. ومن المتوقّع أن تجابه جهود اللجنة الفيديرالية بمقاومة عنيفة من شركتي «فيريزون» و «آت أند تي»، وهما تلقيان دعماً من الحزب الجمهوري الذي لا ينظر بعين الارتياح إلى تدخّل الدولة في الاقتصاد. إذ أعلن رئيس «لجنة الاتصالات الفيديراليّة» توم ويلر، أنه «في استطاعة كلّ شخص يريد المشاركة في المزاد، الدخول في المناقصة. وبهدف ضمان تغطية المزاد والمنافسة فيه في المناطق الريفية في أميركا، يجب ألا يسمح لأحد باحتكار تلك المناقصة». وفي صورة عامة، تبدي شركات الاتصالات الخليوية رغبة متصاعدة في شراء مزيد من «تردّدات الطيف» Spectrum Frequency، وهي موجات الراديو التي تحمل الإشارات اللاسلكية. وتتطلّب شبكات الخليوي موجات أكثر بسبب الميل المتصاعد عند الجمهور الى مشاهدة أشرطة فيديو وتصفّح ال «ويب» على هواتفهم الذكيّة. وبموجب خطة وافق عليها الكونغرس في العام 2012، تدفع لجنة الاتصالات الفيديراليّة مبلغاً مالياً إلى محطات التلفزة الأميركية كي تتخلّى عن رخص البثّ الخاصة بها. وفي خطوة تالية، تعرض اللجنة الرخص في مزاد علني أمام شركات اللاسلكي بغية إعطائها نفاذاً إلى مزيد من موجات الراديو الهوائية، وبهدف زيادة قدرتها على تحمّل الضغط المتزايد الآتي من اتصالات الجمهور، خصوصاً الهواتف الذكيّة. الشاشات ومواد المرئي - المسموع أشار أشخاص اطّلعوا على تلك المسألة، إلى أنّ «لجنة الاتصالات الفيديرالية» تنوي طرح عرض من شأنه تغطية «تردّدات الطيف» التي يمكن بعض الشركات الفوز بها عبر المزاد العلني. وأعلن مسؤولون أنّ قيوداً ربما طبّقت على الشركات التي تسيطر على أكثر من ثلث «تردّدات الطيف»، خصوصاً القسم المتمتّع بموجات ذات تردّدات منخفضة، نظراً الى قدرتها على تحمّل كمية اتصالات كبيرة ولمسافات طويلة. وعلى رغم أنّ القيود المنتظرة تطبّق على الجميع، لكن ربما يتم تشديدها بالنسبة الى شركتي «فيريزون» و «آت أند تي» اللتين تملكان مساحات كبيرة من «تردّدات الطيف» ذات الموجات المنخفضة. ورأى مسؤولون أنّ المرحلة الأولى من المزاد ستكون مفتوحة أمام كل الشركات، لكن حين تصل المناقصة إلى عتبة محدّدة مسبقاً، سيتم تحديد سقف المبالغ المالية. وفي مرحلة تالية، ستمنع شركتا «فيريزون» و «آت أند تي» من الحصول على قرابة 30 ميغاهيرتز من «تردّدات الطيف» في السوق، بل ستطبّق الشرط عينه كل شركة تتخطى الحدود المرسومة. ويعتمد إجمالي كمية «تردّدات الطيف» المتوافرة في السوق الأميركية، على عدد شركات البث التلفزيوني التي تقرر أن تتخلّى عن البث المباشر. في سياق تحليل اقتصادي، خلصت وزارة العدل الأميركية إلى أنّ شركات الهاتف الخليوي الكبيرة تملك حافزاً لشراء أضخم مساحة من «تردّدات الطيف»، ما يعطيها أيضاً القدرة على الحدّ من وصول المنافسين إلى موجات البث. وفي حال لم تكن الشركة تملك مساحة واسعة من «تردّدات الطيف»، ترتفع نسبة انقطاع المكالمات وعمليات التحميل، الأمر الذي يدفع المستهلكين إلى اللجوء الى شركات منافسة. في المقابل، يدفع الحزب الجمهوري باتجاه إجراء مزاد علني مفتوح وغير مقيّد. إذ يعتبر الحزب أنّ الحدّ من المبالغ المالية يخفض المردود من المزاد على «تردّدات الطيف». وتالياً، تستطيع الحكومة الأميركية استخدام ذلك المردود في تقليص العجز وتسديد ثمن شبكة الاتصالات السريعة على مستوى البلد. ويلقى هذا التوجّه بعض التأييد في الحزب الديموقراطي أيضاً. إذ عبّر أعضاء ديموقراطيون في الكونغرس عن توجّهات مماثلة لنظرائهم الجمهوريين، عبر رسالة بعثوها إلى «لجنة الاتصالات الفيديراليّة» أخيراً.