اكثر الأسئلة التي تتردد منذ اسابيع في الأوساط السياسية والإعلامية والبحثية في اوروبا هو «لماذا تدير بولندا ظهرها لأوروبا وتعلن تمردها على الاتحاد الأوروبي؟». بعد فوزه في الانتخابات العامة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، نجح حزب «القانون والعدالة» اليميني المحافظ بزعامة جاروسلو كازينسكي في الانفراد بالحكم لأول مرة منذ سقوط النظام الشيوعي عام 1989، وذلك بعد حصوله على الغالبية المطلقة من مقاعد البرلمان (235 من أصل 460) مستفيداً من الاستياء الشعبي من الأزمة المعيشية وإطلاقه شعارات مناهضة للاتحاد الأوروبي. لعب الحزب في حملاته الانتخابية على «الغرائز المحافظة» لكاثوليكيي الجيل الأكبر من الناخبين بغية توسيع مساحة شعبيته الاجتماعية، وبخاصة بين الشباب وأصحاب المشاريع التجارية والإنتاجية الصغيرة، ولم يكن ليحرز كل هذا التقدم لولا الفضائح التي زلزلت الأرض تحت أقدام حزب «المنتدى المدني» الذي حكم البلاد لثماني سنوات متتالية ومن بينها فضيحة تسجيلات لثلاثة وزراء ورئيس مجلس النواب آنذاك راديك سيكورسكي سربتها وسائل الإعلام العام الماضي، وصف فيها الأخير رئيس الحكومة البريطانية دايفيد كاميرون ب «عديم الكفاءة»، واعتبر أن علاقة بولندا بالاتحاد الأوروبي «لا قيمة لها»، وشبّه انصياع بلاده للولايات المتحدة بأمرأة تمارس الجنس مع رجل على رغم قناعتها الاكيدة بأن لا فائدة ترتجى منه ولكنها تفعل ذلك لأجل اتقاء شره». وعزا مراقبون هذا الفوز إلى ما أحدثته موجات اللاجئين من تصدّعات اجتماعية فجّرت مشاعر عدائية لأوروبا الليبرالية كان لها الدور الأساسي لأعطاء «القانون والعدالة» الدفعة التي يحتاجها للحصول على الأصوات التي تكفل له الحكم منفرداً، اضافة الى توجيهه انتقادات لسياسة المستشارة الألمانية مركل المرحبة باللاجئين. ووفق مجلة «ايكونوميست» فإن انتصار حزب كازينسكي يعود الى نجاحه في جذب اصوات سكان المناطق الشرقية المحافظة والتي تعاني من ارتفاع كبير في معدلات البطالة وغلبة مشاعر التهميش والإذلال بين الناخبين من هذه الأقاليم». مكاسب متخيلة وطريق مسدود تضمن البرنامج الاقتصادي للحزب الفائز وعوداً وصفها خبراء اقتصاديون بأنها خيالية ولكنها جاذبة: 117 يورو شهرياً لكل طفل ثان يولد ولكل طفل يليه، تحريم الإجهاض، رياض اطفال مجانية، تخفيض نسبة الضريبة على الدخل السنوي، وتقليل الضريبة على المشاريع الصغيرة من 19 الى 15 في المئة، فرض ضرائب على ارباح المصارف، وتخفيض السن التقاعدية من 67 الى 65 سنة للرجال، وعلاج مجاني لجميع المواطنين الذين تبلغ اعمارهم من 75 سنة فما فوق، وتخفيض اسعار الأدوية. وفي تعليقه على هذا البرنامج قال المحلل في «Obserwator Finasowy» يان جيبيور في حديث إلى أسبوعية «كابيتال» المتخصصة بشؤون المال والأعمال» تحضّ هذه الحكومة الخطى في نفس الطريق... ما سيوصل الاقتصاد البولندي الى طريق مسدود وبالتأكيد سيعود به الى الوراء». فوز حزب «القانون والعدالة» قصم ظهر حزب «المنتدى المدني» الذي يتزعمه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي كان نجح خلال فترة حكمه البلاد من تحويل اقتصادها الى مرتبة البلدان المتطورة مع ارتفاع الناتج القومي الإجمالي منذ العام 2007 حينما تسلم الحكم بنسبة 20 في المئة. وكان هذا الحزب الذي تخلت عنه جماهيره في شكل مفاجئ وأدارت ظهرها لمرشحه للرئاسة في ايار (مايو) الماضي مفضلة عليه مرشح «القانون والعدالة» اندريه دودا أدى إلى وضع مفاصل السلطة كلها التشريعية والتنفيذية تحت السيطرة الكاملة للحزب الفائز. ورأت صحيفة «بوليتكو» في هذا التطور وصول حزب يميني متشدد جديد في اوروبا الوسطى مشابه لحزب رئيس حكومة هنغاريا فيكتور اوربان الى الحكم في انتخابات نزيهة وحرة». 3 تغييرات تنتهك سيادة القانون ثلاثة تغييرات قامت بها الحكومة الجديدة أثارت استياء وغضب المفوضية الأوروبية، أولها تعيين قيادي حزبي معروف بعناده وعنجهيته رئيساً لجهاز الاستخبارات والشرطة على رغم أن المحكمة العليا كانت دانته وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ عندما كان رئيساً لهيئة مكافحة الفساد بتهمة سوء استخدام السلطة والنفوذ ما يشير الى تغليب الولاء السياسي على سلطة القانون. وثانياً إزالة أعلام الاتحاد الأوروبي من قاعة المؤتمرات الصحافية في مبنى الحكومة لإظهار ان المصالح الوطنية تتعارض مع القيم الأوروبية. ثالثاً إضعاف وحتى تقويض مبدأ الفصل بين السلطات بتنحية اعضاء المحكمة الدستورية الجدد الذين كان اختارهم البرلمان السابق، وتعيين آخرين بديلاً منهم محسوبين على الحزب الحاكم ما تسبب بإحداث أزمة دستورية في البلاد. لماذا بولندا التي كانت تعد النموذج الأنجح لمرحلة ما بعد الشيوعية لجهة التنمية الاقتصادية والتطور الاجتماعي في اوروبا الشرقية في السنوات العشر الأخيرة، تنحرف وتدير ظهرها في شكل مفاجئ للمنظومة الليبرالية؟ ولماذا يميل الناخب البولندي والأوروبي في شكل عام، على رغم انعدام ثقته العميقة بالسياسيين الى التصويت لأحزاب يعرف جيداً ان اول ما ستفعله بعد وصولها الى السلطة هو رفع كل الموانع و القيود التي تحد من الانفراد بالحكم ؟ يجيب الخبير في الشؤون الأوروبية والدولية ايفان كريستف في حديث إلى «الحياة» بالقول: «احد الأسباب التي دفعت «القانون والعدالة» الى الرهان على الديموقراطية غير الليبيرالية على الطريقة البوتينية (الموجهة) هو نجاحها في هنغاريا، لا سيما أن رئيس حكومتها اوربان الذي يرفض الانصياع لقرارات الاتحاد الاوروبي ويوجه اقسى الانتقادات لقياداته، يواصل على رغم ذلك استلام المليارات من الصناديق الأوروبية». ويضيف «كما لم تصدق التكهنات بانهيار الاقتصاد الهنغارية كما توقع منتقدو اوربان، ولم تتراجع شعبيته ولم تنقص اصوات ناخبي حزبه في صناديق الاقتراع». تقويم ومخاوف ومحاباة مشكلة بولندا مع الاتحاد الأوروبي تتسع وتتعمق، فقد بدأت المفوضية الأوروبية في 13 كانون الثاني (يناير) الماضي بالتحقيق في ما اذا كانت التعديلات التشريعية في قانون المحكمة الدستورية وقانون الصحافة التي اجرتها الحكومة الجديدة تنتهك مبادئ سيادة القانون، وفي حال توصلت الى انها كذلك فهي ستستخدم صلاحية حرمان وارسو موقتاً من ممارسة حق التصويت على قرارات الاتحاد الأوروبي. وهذا لو حصل فإنه «ليس مرتبطاً بالسياسة» وفق تأكيد النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية الألماني فرانس تيمرمانس. ويقضي القانون الأوروبي الخاص بسيادة القانون في الدول الأعضاء الذي أقرّ العام 2014 بتنفيذ المادة السابعة من معاهدة الاتحاد الأوروبي التي تنص على حرمان الدولة العضو من حق التصويت على قراراته اذا ما أصدرت حكوماتها قوانين تشكل خطراً منظماً على مبادئ الاتحاد وأسسه الجوهرية. منذ وصوله الى السلطة في تشرين الأول من العام الماضي رفع حزب «القانون والعدالة « من درجة الرقابة على اجهزة الامن والمؤسسات الحكومية، وقام بتمرير قانون في البرلمان يتضمن بنداً يلزم المحكمة الدستورية أتخاذ قرارتها بغالبية ثلثي الأصوات، اضافة الى تشريع قانون جديد للصحافة كانت اول مفاعليه فصل مديري الإذاعة والتلفزيون الوطنيين، وتعيين عضو من الحزب لإدارة التلفزيون الوطني كان نائباً في البرلمان السابق. حتى الآن يتعاطى الاتحاد الأوروبي بهدوء وحذر مع استفزازات حكومة وارسو، وحذّر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي كان رئيساً لحكومة بولندا للفترة 2007 - 2014 من «ان اي رد فعل متسرع من جانب الاتحاد الأوروبي ضد سلوك هذه الحكومة ربما ستكون نتائجه عكسية». ومع ذلك ردّت حكومة كازينسكي بعنف وحدة على الانتقادات التي تلقتها من المفوضية الأوروبية على تدخلها في عمل اجهزة الأمن والاستخبارات الوطنية، ما يمكن ان يتسبب في رأي المراقبين في تعمد وارسو اثارة الصداع السياسي للاتحاد الأوروبي. لم تسلم العلاقات بين بولندا و ألمانيا التي نمت وتطورت خلال فترة الحكومة السابقة والتي كانت نجحت في دفع برلين الى شراء المزيد من السلع والبضائع البولندية ببلايين اليورو، من التوتر بعد ان قامت مجلة «تشاس» الصادرة في وارسو والمحسوبة على الحزب الحاكم بنشر صورة للمستشارة مركل على غلافها على شكل هتلر وتحتها عبارة «فاشية الاتحاد الأوروبي في حالة الهجوم» مكتوبة باللون الأحمر. وفي العاشر من الشهر الماضي استدعى وزير خارجية بولندا فيتولد فاشيكوفسكي السفير الألماني في وارسو رولف نيكل وأبلغه احتجاج حكومته على تعليقات معادية لبلاده اطلقها سياسيون أمان. وفي هذا السياق وجه وزير العدل البولندي زبييجينو زيوريو رسالة مفتوحة الى المفوض الألماني الذي كان اول من هدّد بتطبيق العقوبات على بولندا لانتهاكها سيادة القانون ملمحاً فيها الى الحرب العالمية الثانية قائلاً «عندما يتحدث الألمان عن الوصاية على بولندا يثيرون بذلك اسوأ الذكريات الكامنة في ارواحهم، وينكأون جراحاً لم تندمل من الماضي». لم يوقف نداء رئيس المجلس الأوروبي توسك ودعوته الى تخفيف نبرة السجالات الجارية في الأوساط السياسية والإعلامية في اوروبا حول السياسات التي تنتهجها الحكومة البولندية والابتعاد عن العواطف والانفعالات، واعتماد الحوار البنّاء القائم على الحقائق الموضوعية وليس سيل الانتقادات التي فاضت بها نقاشات البرلمان الأوروبي، ورأى النائب البلجيكي غي فيرهوستاد في رسالة نشرتها «Politico.eu» أنه «لو كانت الحكومة البولندية الحالية تتباحث الآن لنيل عضوية الاتحاد لكانت فشلت تماماً». فيرهوستاد الذي يترأس تجمع الأحزاب الليبرالية والديموقراطية الأوروبية وجه أيضاً انتقادات لاذعة وعنيفة الى الاتحاد الأوروبي لتساهله مع هنغاريا التي انتهك رئيس حكومتها مبادئ الاتحاد حينما قام قبل رفاقه البولنديين بتشريع قوانين تنتهك سيادة القانون». وفي حديث إلى «الحياة» تساءل رئيس مركز المعلومات الأوروبي «اوروبا مباشر» المحلل بوريسلاف مافروف «الا يبدو غريباً ان الاتحاد الأوروبي انتبه الى بولندا فقط لانتهاكها سيادة القانون؟ لماذا لم يفعل الشيء نفسه مع هنغاريا؟» و«هل بولندا هي اسوأ من الابن العاق الآخر بلغاريا؟». ويجيب:» اولاً بولندا هي الأهم استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، اكثر مما هي بلغاريا، او هنغاريا، وبالتالي فهو لن يسمح بفقدانها، كما لا يريد ان يفرض عليها العزلة، الا ان هذه الحكومة تخفي في جعبتها أخطاراً كبيرة للغاية، وستكون شريكاً صعب المراس». لا تخفي قيادة المفوضية الأوروبية مخاوفها الجدية من امكان ان تصبح بولندا مثل هنغاريا، وهذه عدوى خطرة يمكن ان ينتقل فيروسها بسرعة الى دول اوروبية اخرى تشهد هي الأخرى ارهاصات احزاب شعبوية وقومية متشددة يقودها سياسيون متطرفون عديمو الخبرة ولكنهم يتمتعون بكاريزما ويمتلكون موهبة سحر الناس واجتذابهم بالشعارات الرنانة والجوفاء، لدرجة انهم قد يتسببون في تداعيات وارتدادات تفتيتية لكل الاتحاد الأوروبي. ودخل رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز الى السجالات والمداخلات السياسية والفكرية الساخنة، حيث ساوى في حديث إلى صحيفة «فرانكفورتر» بين سياسات حكومة بولندا وما يفعله الرئيس الروسي بوتين. وقال «حكومة بولندا تعتبر فوزها في الانتخابات بمثابة تفويض شعبي على وضعها مصالح الحزب الحاكم فوق مصالح الدولة والمجتمع»، وأضاف:» يقتفون اثر بوتين وديموقراطيته الموجهة». محذراً من ان «عدوى البوتينية اخطر ما تواجهه اوروبا في الوقت الراهن». هل من ميكانيزم لوقف مسار تهديم الاتحاد الأوروبي من الداخل؟ وهل العقوبات بمقدورها لي ذراع حمّى البوتينية التي تجتاج اوروبا وتهدد الآن اسبانيا؟ وكالة «رويترز» نقلت عن ديبلوماسي اوروبي رفيع قوله «ستتزايد وتشتد الضغوط الأوروبية على وارسو، لكن لا تلوح في الأفق اي مؤشرات ولم تتبلور حتى الآن افكار جدية ولا حتى نيات بفرض عقوبات على اكبر دولة من شرق اوروبا عضو في الاتحاد الأوروبي». ولكن أوربان حال سماعه اصوات من هنا وهناك تدعو الى القيام بذلك سارع الى تنبيه وتحذير المفوضية الأوروبية الى انه سيضع فيتو على اي قرار يقضي بفرض عقوبات على وارسو». انتصار المهزوم وعودته المظفرة في العام 2005 فاز حزب «القانون والعدالة» للمرة الأولى في الانتخابات، ولكن شعبيته سرعان ما انهارت واضطر بعد اقل من سنتين في الحكم الى اجراء انتخابات مبكرة خسرها في شكل مهين ومؤلم». السؤال الجوهري في الأوساط السياسية والبحثية الأوروبية هو لماذا دعم البولنديون حزباً أثبت فشله في إدارة الدولة؟. بالتأكيد ليس لأن البولنديين يكرهون الديموقراطية، لاسيما أن استطلاعاً اخيراً للرأي اظهر بوضوح ان غالبية البولنديين يشعرون بقلق على مستقبل الديموقراطية في بلادهم». يجيب عن هذا السؤال كريستييف قائلاً «الجواب واضح ويمكن ملاحظته بهذا الشكل او ذاك في كل اوروبا، فحتى احزاب تعد تاريخياً وواقعياً ضعيفة وغير شعبية مثل «القانون والعدالة» بمقدورها ان تكسب الانتخابات فيما لو اظهرت عداءها لليسار، ولكن ايضاً رفضها الديموقراطية الليبيرالية». هذه التشكيلات الشعبوية والقومية المتشددة برأي كريستييف «ليست ببساطة احزاباً فقط، بل هي حركات دستورية، تعد ناخبيها بمكاسب ليس بمستطاع احزاب الديموقراطية الليبيرالية ان تقدمها لهم، لا لأنها غير ممكنة فقط، بل لكونها ايضاً شعارات تضليلية». صعود هذه الأحزاب وزيادة شعبيتها في المجتمعات الأوروبية يعكس بوضوح تبلور ظاهرة متنامية في اوروبا بقسميها الغربي والشرقي تتمثل في بروز الغالبيات المهمشة والمهانة من السلطات الحاكمة في اوروبا كقوة جديدة في الحياة السياسية الأوروبية. هذه الغالبيات تؤمن بقوة بأن سبب افتقادها الحقيقي أو المتخيل على حد سواء لقوة تحديد ورسم نمط حياتها يعود بالأساس الى تآمر النخب الكوزموبوليتية ومعها المهاجرون المهووسون بالقيم القبلية والعشائرية والعقائد الدينية، وبالتالي ونتيجة لكل هذه الهواجس الفائضة فإن هذه الغالبيات لا تتردد في تحميل المؤسسات والسياسيين من حملة الأفكار الليبيرالية مسؤولية إضعاف الإرادة الوطنية وتخريب الوحدة القومية، وهي في الوقت نفسه متيقنة من أن تقديم اي تنازل عن الحقوق العامة او نمط الحياة لا يقل في درجة فداحته عن الفساد وترى في التعصب تعبيراً صادقاً مبعثه القناعة وليس التربية السيئة أو التلقائية المتوارثة. اكثر ما يثير امتعاض هذه الأكثريات التي تؤمن بأنها تمتلك الحق الكامل بأن تحكم بلدانها وفق كريستييف هو «قناعتها الأكيدة التي لا تحيد عن أن الكلمة الأخيرة لن تكون لها في كل ما يتعلق بحياتها ومستقبلها، ولهذا فهي على استعداد تام لتحميل مبدأ فصل السلطات ومبادئ اخرى للديموقراطية اليبيرالية مسؤولية عجزها عن القيام بدورها مفضلة بدلاً من ذلك الفعل الأسهل باحتضان احزاب مثل «القانون والعدالة» التي تجهر بمعاداتها لهذه المبادئ. في دراستهما التي نشرت مؤخرا بعنوان «الاقتصاد السياسي للديموقراطية الليبيرالية» يؤكد الخبيران الاقتصاديان شارون موكاند وداني روردك «ان المشكلة ليست في ان الديموقراطيين الليبيراليين يشكلون اقلية في اوروبا، وإنما في الديموقراطية الليبيرالية»، ويقولان «في الفترات التي عمّ فيها الازدهار و الرفاه، مثل هذا السؤال كان فائضاً ولا قيمة أو حاجة له». هل سيتخذ البولنديون القرار الصائب، ويبادرون الى إخراج عديمي الكفاءة من السلطة ومؤسسات الدولة، ويلقون بهم الى هامش السياسة بعد سنتين كما فعلوا من قبل، هذا هو السؤال الذي ستجيب عنه التطورات التي ستحدث في بولندا وهنغاريا وفي كل اوروبا خلال السنوات القليلة المقبلة وفق كريستييف.