وارسو، موسكو - أ ف ب، رويترز – لزم البولنديون في أنحاء البلاد، الصمت لمدة دقيقتين أمس، حداداً على الضحايا ال96 لحادث الطائرة التي كانت تقل الرئيس ليخ كاجينسكي والتي تحطمت في روسيا السبت. ونقلت قنوات التلفزيون البولندية لقطات من أنحاء البلاد تصور توقف حركة السيارات والمارة عند سماع صفارة الإنذار التي أعلنت بدء هذه اللحظات من الخشوع والذكرى. وقام أعضاء الحكومة والنواب وأعضاء مجلس الشيوخ بإيقاد الشموع أمام مقر البرلمان. وتجمع العديد من أبناء وارسو في دقيقتي الصمت هاتين أمام القصر الرئاسي في الوسط التاريخي للعاصمة أمام بحر من الشموع وباقات الزهور العديدة التي وضعت أمامه منذ السبت. وفي الشوارع الكبرى للعاصمة توقفت السيارات وخرج منها ركابها. وعاد جثمان الرئيس ليخ كاجينسكي الى وارسو حيث جرت مراسم استقبال رسمية له في المطار، في حضور أفراد الأسرة وكبار الشخصيات البولندية. وعلى الأثر، توجه الموكب الى القصر الرئاسي حيث عرض الجثمان حتى يتمكن المواطنون من إلقاء نظرة الوداع عليه. يأتي ذلك بعد تحطم الطائرة صباح السبت وهي تستعد للهبوط في مطار سمولينسك التي تبعد أكثر من 400 كلم غرب موسكو ليلقى كل ركابها مصرعهم ومن بينهم الرئيس وزوجته والعديد من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين البولنديين. وأفادت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» أن جثامين الضحايا الآخرين ستنقل الى موسكو ومنها الى وارسو. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزارة النقل أن خبراء من روسيا وبولندا بدأوا دراسة الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة. وقال مصدر في الإدارة المحلية في سمولنسك انه «لا توجد فيها المعدات اللازمة، لذا تقرر نقل الجثامين الى موسكو» على أن ينقل جثمانا الرئيس وزوجته فقط مباشرة الى وارسو. وحضر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين مراسم وداع جثمان كاجينسكي في مطار سمولينسك. وأضاف مصدر في المطار أن طائرتين نقلتا بقية الجثامين الى موسكو، مشيراً الى أن «قرار إرسالها الى موسكو وليس الى وارسو اتخذ طبقاً للقانون الروسي». وتعرف رئيس الوزراء السابق ياروسلاف كاجينسكي على جثة الرئيس وهو شقيقه التوأم وزوجته ماريا ليل السبت - الأحد. وبعد ذلك عاد ياروسلاف كاجينسكي الى بولندا مباشرة. النتائج السياسية وأزاح الحادث الذي أودى بحياة الرئيس البولندي وكبار الساسة المعارضين دفعة واحدة، المنافسين الرئيسيين من طريق رئيس الوزراء دونالد تاسك وحزبه الحاكم: «المنتدى المدني» المنتمي الى تيار الوسط. وفي حين وجه الحادث ضربة صادمة للأمة البولندية يقول محللون إن الآليات الدستورية ستضمن عدم وجود فراغ في السلطة ولن يكون هناك أي اثر طويل الأمد على الاستقرار. وسيعزز الحادث هيمنة تاسك الكبيرة بالفعل على السياسات البولندية، ويقول محللون انه ربما خفف نسبياً من العواقب على الأمد الطويل على رغم انهم يشددون أيضاً على انه من السابق لأوانه توقع التأثير الكامل لمثل هذا الحادث غير المسبوق على الحال النفسية للمواطنين. وكان الرئيس وكبار معاونيه ومحافظ البنك المركزي وسبعة نواب من حزب القانون والعدالة أكبر الأحزاب المعارضة من بين ضحايا تحطم الطائرة. وقال بريستون كيت المحلل في مؤسسة «اوراسيا غروب» لاستشارات المخاطر السياسية ومقرها لندن أن «تحطم الطائرة سيثير مخاوف في شأن الاستقرار السياسي (البولندي) والعلاقات مع روسيا لكن التوقعات مطمئنة في ما يتعلق بالانتقال المؤسسي للرئاسة والبنك المركزي. وسيتحرك اللاعبون السياسيون الرئيسيون بسرعة لإرساء استقرار الوضع». وقاد كاجينسكي (60 سنة) وشقيقه التوأم ياروسلاف الذي يرأس حزب القانون والعدالة المعارضة للسياسات الاقتصادية المؤيدة للسوق التي يتبناها تاسك وانضمامه للاتحاد الأوروبي ومسعاه من أجل العمل مبكراً باليورو. وكان من المتوقع أن يسعى الراحل كاجينسكي المعروف بقوميته النضالية وإخلاصه للمذهب الكاثوليكي وتشككه العميق في كل من الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، الى تفويض جديد مدته خمس سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الخريف. وبموجب القانون البولندي يتولى رئيس البرلمان الحالي برونيسلاف كوموروفسكي حالياً منصب القائم بأعمال الرئيس وستجرى الانتخابات في نهاية حزيران (يونيو) المقبل. وكوموروفسكي (58 سنة) هو مرشح حزب المنتدى المدني الذي ينتمي إليه تاسك. كما توفي في الحادث مرشح حزب تحالف اليسار الديموقراطي الصغير المعارض جيرزي سزمايدزينسكي. وتمسك الحكومة في بولندا بزمام السلطة تقريباً، لكن الرئيس لديه رأي في السياسة الخارجية ويمكن أن ينقض القوانين. وأغضب كاجينسكي حكومة تاسك بعرقلته إصلاحات خاصة بالإعلام والصحة والمعاشات. ويتوقع كثيرون زيادة في التعاطف مع ياروسلاف كاجينسكي وحزب القانون والعدالة وهو حزب شعبي يميني في الأسابيع المقبلة، لكن لا يزال من غير الواضح تماماً إذا كان ذلك سيترجم الى أصوات. ويلي حزب القانون والعدالة حزب المنتدى المدني المنتمي إليه تاسك في استطلاعات الرأي التي تظهر بلوغ نسبة تأييده نحو 25 في المئة في مقابل 50 في المئة للحزب الحاكم. ومن المقرر أن تجري بولندا انتخابات اشتراعية العام المقبل. وقال كرزيسزتوف بوبينسكي رئيس مركز «يونيا آند بولسكا فاونديشن» للأبحاث المؤيد للاتحاد الأوروبي: «النظرية هي أن (ليخ) كان في طريقه لخسارة الانتخابات في وقت لاحق هذا العام وكذلك جميع المعاونين الذين ماتوا معه كانوا سيخرجون من السلطة أيضاً. الكارثة قد تثير تغييراً في الأجيال في حزب القانون والعدالة حيث سيكون ياروسلاف قد حطم. كان قريباً جداً من أخيه، وهيمن تماماً على حزب القانون والعدالة لكن هذا قد يمثل فرصة الآن للأعضاء الأصغر في الحزب أن يتقدموا الى الأمام».