اتفق معلقون في الشؤون القضائية في إسرائيل على أن المستشار القضائي الجديد للحكومة أفيحاي مندلبليط الذي يباشر اليوم منصبه خلفاً ليهودا فاينشتاين، يدخل مكتبه في أوج هجمة يمينية على منظمات حقوق الإنسان في الدولة العبرية وتشديد القبضة ضد فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1967، من إعدامات ميدانية لمنفذي عمليات طعن السكين إلى تصعيد عملية هدم بيوت المنفذين، فيما يشتد التضييق الرسمي على فلسطينيي الداخل. لكن المعلقين لم يملكوا أجوبة قاطعة عن الطريق التي سينتهجها المستشار الجديد الذي عُرف بمناصبه السابقة «وفياً لرؤسائه» واتخذ مواقف متضاربة أحياناً من قضايا كثيرة، خصوصاً عندما كان في منصب «المدعي العسكري العام». ولم تكن طريق مندلبليط (53 عاماً)، الخبير في القانون الدولي، إلى منصبه الجديد مفروشة بالورود في ظل احتجاجات من جهات مختلفة ومخاوف من موقفه عندما سيتطلب منه قريباً حسم موقفه من ملف رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في شبهات استخدام أموال عامة لصرفها على منزله الخاص، وذلك على خلفية العلاقة القوية بينهما، خصوصاً أن مندلبليط أشغل في السنوات الأربع الأخيرة منصب الأمين العام للحكومة، وهو «منصب ثقة» يختار رئيس الحكومة وحده من يشغله. ويرى بعض المعلقين أن اعتمار المستشار الجديد الطاقية الدينية السوداء، رغم أنه ولد لعائلة علمانية وتديّن وهو في سن الخامسة والعشرين، لا يؤشر إلى ميوله السياسية. فمن جهة، لم يتردد في محاكمة ضباط الجيش الذين رفضوا أوامر إخلاء مستوطنات قطاع غزة، قبل عقد من الزمن، ومن جهة ثانية منح الغطاء القانوني لضباط الجيش الذين أطلقوا قنابل عنقودية في مناطق مأهولة في لبنان خلال حرب عام 2006، مبرراً ذلك بأن القانون الدولي لا ينفي هذا الحق، لكن شرط أن يكون استخدام القنابل «منضبطاً». وقبل سنوات، كان مندلبليط، كمدعٍ عسكري، أصدر تعليماته للتحقيق الجنائي مع الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري مخرج فيلم «جنين جنين»، بداعي أن الفيلم وجه تهماً كاذبة للجيش بارتكاب جرائم حرب خلال عملية «السور الواقي» عام 2002. ولاحقاً، دافع مندلبليط عن ممارسات جيش الاحتلال في الضفة الغربية حين كتب أن «التهديد يتمثل في محاولة منظمات حقوقية استيراد أعراف من مجال حقوق الإنسان خلال القتال»، مضيفاً أن «هذه الأعراف لا يمكن تطبيقها في حالات النزاع المسلح في مناطق ليست للجيش سيطرة عليها». وسبق للمستشار الجديد أن أبدى رأيه بنشاط منظمات حقوقية وإنسانية في إسرائيل من خلال مقابلات صحافية قال فيها إنه يرى أهمية في عمل منظمة «بتسيلم» التي ترصد النشاط الاستيطاني في القدسوالضفة الغربية، ووصفها ب»قناة لنقل أمور مهمة تساعدنا في استيضاح الشكاوى»، لكنه من جهة أخرى، طالب بالتحقيق الجنائي مع منظمة أخرى تدعو الشبان إلى رفض الخدمة العسكرية. ويؤيد مندلبليط هدم بيوت فلسطينيين ينفذون هجمات مسلحة، لكنه يشترط أن تكون هذه الهجمات «في إطار موجة إرهاب»، وأن يكون الهدم منضبطاً، مضيفاً أن ثمة أدلة تؤكد مفعول الهدم على سائر الفلسطينيين، «لكن هناك أدلة أخرى تفيد العكس وبأن الهدم يعزز الكراهية والمحفزات لدى الفلسطينيين لتنفيذ مزيد من العمليات». وكأمين عام للحكومة، كان مندلبليط على رأس الطاقم الوزاري الذي أوصى العام الماضي بتشديد العقوبات على الأطفال الفلسطينيين راشقي الحجارة في القدسالمحتلة، وبتوفير موازنات خاصة لتعزيز سيطرة جيش الاحتلال على المدينة. وأشار أحد المعلقين إلى أن مندلبليط الطامح إلى بلوغ كرسي قاضي المحكمة العليا، سيحتكم إلى «سلطة القانون» و»ينسى ولاءاته السابقة لرؤسائه»، فيما أضاف مساعده سابقاً بأن المستشار الجديد «متدين وليبرالي في آن، بوصلته الوحيدة هي سلطة القانون لا عقيدته الشخصية».