فاز الكاتب الأميركي جورج سوندرز أخيراً بجائزة فوليو، وأنعش المخاوف البريطانية مجدّداً من الهجوم الكاسح للأدب الأميركي. كان واحداً من خمسة كُتّاب أميركيين في لائحة قصيرة من ثمانية مثّلت البريطانيين فيها جين غاردام البالغة الخامسة والثمانين. في حفلة تسليم الجائزة، ذكرت أ. س. بايات الفائزة بجائزة بوكر عن «تملّك»، أن المحكّمين الأدبيين في بريطانيا مكتئبون حيال المستوى الرديء لمعظم الأعمال التي يقرأونها. كانت «حزينة جداً» للسيطرة الأميركية في قائمة فوليو القصيرة، وأشارت إلى افتقار الأدب البريطاني اليوم إلى الحيويّة. قالت: «إن ما يقلقها أكثر من هزال الرواية في بلادها هو الصعوبة التي سيجدها الكُتّاب بالإنكليزية في البروز إزاء القوائم الطويلة والقصيرة ذات الغالبية الأميركية». بايات التي تبلغ السابعة والسبعين ذكرت أنها كتبت دائماً في ظلّ التشديد على تفوّق الأدب الأميركي، لكن هذا لم يكن أفضل بالضرورة وإن بدا كذلك بفعل الخوف الثقافي. رأت روايتي السري لانكية الأسترالية ميشيل دي كريتسر والباكستاني البريطاني نديم أسلام اللتين دارتا في سري لانكا وأفغانستان بجودة الكتب المختارة على القائمة القصيرة. هل أوحت بأن الحيّز المكاني أثّر في نظرة اللجنة الحكم إليهما؟ أستاذ الأدب الإنكليزي في جامعة ريدينغ ديفيد برونر تناول البريطانيات الأربع على القائمة الطويلة من عشرين كاتبة مرشّحة للفوز بجائزة بيليز التي دعيت سابقاً أورانج، والبريطانية الوحيدة على قائمة فوليو. قال: «إن ذلك قد يتكرّر مع جائزة مان بوكر التي ستشمل هذه السنة الكُتاب الأميركيين، إضافة إلى روائيي الكومنولث». رأى أن الأدب الأميركي المعاصر أكثر إثارة وحيوية وتنوعاً من الأدب البريطاني، خصوصاً الإنكليزي، وأن الكُتّاب البريطانيين البارزين يدركون ذلك لكنهم يبدون عاجزين عن تقليد الأعمال التي تعجبهم. اعتبر أن الجوائز تفضح مرضاً قديماً في الأدب البريطاني كالحذر، والضيق وكتابة النص بعناية بعد البحث، وتجنّب الخيال الجريء. حتى أفضل الروائيين الإنكليز، وهيلاري مانتل منهم، يعتمدون في شكل بالغ على البحث. في المقابل، يتّكل زملاؤهم الأميركيون الأكثر شجاعة وطموحاً ونشاطاً على الخيال وقوة اللغة ليصنعوا عوالم غير مألوفة. هل السبب دراسة الكتابة الإبداعية التي قال حنيف قريشي إنها مضيعة للوقت؟ هذه بضاعة أميركية أساساً، قال برونر، لكن يبدو أن تدريسها في بريطانيا ينتج روايات صُمّمت لتريح القراء المدرّبين على مطالعة الرواية. بين الروائيات الأميركيات السبع المرشحات لجائزة بيليز جومبا لاهيري ودونا تارت والنجمة الصاعدة راشيل كوشنر، وهناك الكندية مارغريت أتوود والنيجيرية تشيمانندا نغوزي أديتشي والبريطانيات م. ج. كارتر وديبرا كاي ديفيز وشارلوت مندلسن وإيفي وايلد الأقل شهرة. في الأعوام الخمسة الماضية حصدت الأميركيات الجائزة، وحقّ للكاتبات الأخريات التساؤل عن سر نجاحهن، وللكُتّاب من الجنسين الخوف من اكتساح الأميركيين مان بوكر، أهم الجوائز البريطانية. الرغبة في التوسّع طبيعية لدى لجنة الجائزة، وضم أميركا إلى الكومنولث يزيد أهميّتها وقد يوسّع أسواقها، لكن ثمة من لا يرى سبباً للذعر. جون مالن، أستاذ الأدب الإنكليزي في يونيفرسيتي كولدج لندن وعضو لجنة الحكم في بوكر سابقاً، يستبعد أن يطغى الأميركيون على قائمة مان بوكر القصيرة هذه السنة. الأدب الأميركي لا يمر حالياً في فترته الذهبية، ولجنة المحكمين في جائزة بوليتزر رفضت منذ عامين اختيار فائز بها. ثمة تباهٍ وميل إلى الغزارة في اللغة لدى الأميركيين يقابله توسيع البريطانيين حدود الشكل باعتماد أصوات عدة وتداخل الأزمنة. شمل الأميركيين بالجائزة، يقول، هدفه توسيع التنافس والحوار والمقارنة في الوقت نفسه. يؤثّر حجم السوق، بالتالي القراء، في شهرة الكاتب ونموه، لذا يبدو الكاتب الأميركي أكبر حجماً من زميله البريطاني. مذ برز مارتن آميس وإيان ماكيوان وسلمان رشدي وهيلاري مانتل دفعة واحدة، لم تظهر موجة بريطانية أخرى من الكُتاب البريطانيين الذين وفوا بوعودهم. تشكّل مجلة غرانتا لوائح الكتّاب الواعدين منذ واحد وثلاثين عاماً، لكن توقعاتها لم تُصِب بالجملة بعد ذلك الجيل. يمدح كثيرون في عالم النشر والنقد الطموح والابتكار لدى كُتّاب دون الخامسة والأربعين مثل ند بيومان، توم مكارثي، إيفي وايلد، سمانثا هارفي، إد هوغان وروس ريزن. كانت توني موريسن آخر الفائزين الأميركيين بنوبل الأدب في 1993، وكانت حصة بريطانيا منذ ذلك العام فائزان هما هارولد بنتر ودوريس ليسنغ. الكاتب الأميركي جونو دياز مدح اتساع مدى الأدب البريطاني، ورأى الخوف من كُتّاب بلاده تعبيراً عن انخفاض المعنويات في وجه القوة الأميركية الإمبريالية الثقافية. قال لصحيفة «ذا غارديان»: «إن الكُتّاب الأميركيين البيض يتمتعون بالطبع بدعم القوة الثقافية لإمبراطوريتهم، لكنهم لا يفوقون زملاءهم الإنكليز طموحاً وموهبة. هؤلاء هم المتقدمون في الكتابة الفانتازية، وسارة هول ونديفة محمد تتساويان في المستوى مع جورج سوندرز». بعد توقف فيليب روث عن الكتابة غابت الأسماء القديمة الراسخة في الولاياتالمتحدة حيث ينقسم الموهوبون، كما في أي مكان آخر، بين الكتابة غير المضمونة النتائج والتعليم الآمن مادياً. رافق انحسار مركز بريطانيا في العالم إحساس بتراجع أهميّة الذات على كل المستويات، وقد يتعزّز هذا الإحساس إذا قرّر السكتلنديون الاستقلال في أيلول (سبتمبر) المقبل. لكن البريطانية ج. ك. رولنغ خلقت ظاهرة من فتى ساحر بنظارتين مستديرتين، ولا يزال شكسبير مرجعاً أساسياً في ثقافات العالم. يبدو الأميركيون البالغو الثقة بالنفس سبّاقين لأن بلادهم سبّاقة، لكن التجارب الفنية غنية في أماكن أخرى قد لا تكون متوقّعة، والهم الأول في المطالعة يبقى جمع الرّقي والمتعة. المكافأة الفائقة هي في بلوغ التجديد الطري فوق ذلك.