تعرض المصورة الإيرانية آزاده أخلاقي، أعمالاً فوتوغرافية في طهران أعادت فيها تركيب 17 من حالات موت لشخصيات ثقافية وسياسية مهمة في التاريخ الإيراني المعاصر، ضمن مجموعة سمتها «نقلاً عن شاهد عيان». عملت أخلاقي (37 سنة) التي درست التصوير الفوتوغرافي في أستراليا، خلال ثلاث سنوات مع فريق فني على البحث واختيار الممثلين وتنفيذ الإخراج وتصميم وإعادة تركيب المشاهد. واستعانت بالمصور ساسان توكّلي توسكاني، ومصممة الديكور والأزياء جيلا مهْرجويي، والمنتج إحسان رسولُف، صاحب غاليري «محسن» في طهران حيث عرضت الصور، وهو من المنتجين الذين دعموا كثيراً من المشاريع الثقافية والفنية في إيران خلال السنوات الأخيرة. وتقول آزاده أخلاقي ل «الحياة أن «أحد أسباب عرض صورها للمرة الثانية (سبق أن قدمتها عام 2013) هو قرار من المنتج، ولتوقيع الكتاب الذي يضم هذه الصور». ولأن المعرض الأول تزامن مع عطلة عيد النوروز، لم تستطع فئة كبيرة من الجمهور الاطلاع على محتواه، فتقرر إقامة المعرض مجدداً مع بعض التعديلات. وجسدت الصور موت شخصيات كان لها أثر في المجتمع ومنها: «جهانگيرخان صور إسرافيل ونصرالله ملك المتكلمين (طهران، 1908) وكان الاثنان صحافيين ناشطين في الثورة الدستورية في إيران في بدايات القرن العشرين. وميرزاده عشقي (مشهد، 1925) شاعر ثوري وناشط في الثورة الدستورية، محمد فرُّخي يزدي (سجن قصر، طهران، 1939) صحافي وشاعر ثوري أيضاً وقد خيط فمه في السجن، تقي آراني (طهران، 1940) من القادة الشيوعيين في إيران وقتل في عهد الشاه رضا البهلوي، فُروغ فرُّخ زاد (طهران،1967) الشاعرة الإيرانية الشهيرة التي قضت في حادث سيارة في أوج شبابها وشهرتها، غلام رضا تختي (فندق أتلانتيك، طهران، 1968) المصارع الإيراني الشهير الذي مات في شكل مشبوه وقيل إن السافاك (الشرطة السرية) قتلته، صمد بهرنكي (1968) الكاتب اليساري الذي عثر على جثته في نهر، مرضية أحمدي أسكويي (طهران، 1974) من مناضلات التيار اليساري في إيران وقتلت أيضاً على يد السافاك، وسهراب شهيد ثالث (شيكاغو، 1998) السينمائي الإيراني ومن رواد الموجة الحديثة في السينما الإيرانية. الأمر الذي يثير الانتباه في الصور هو أن المصورة حضرت في كل المشاهد كأحد شخوص الصور، ومن هنا تأتي تسمية العمل «نقلاً عن شاهد عيان». واستطاعت المصورة أن تستعيد تلك الأحداث والحالات ببراعة، مستعينة بفنّ تصميم المكان والمَشاهد وما تمكن تسميته «معمارية الصورة»، إلى درجة يشعر المشاهد معها بأنه يدخل الصورة ويلمس تلك الحالات والأحداث الرهيبة. وتطرح المصورة في التعليق الذي كتبته للصور ويقابلك على الجدارية وأنت تدور في المعرض وتشاهد الصور الأسئلة ذاتها التي يمكنها أن تدور في بال أي مشاهد، فالمشروع كله يمكن تلخيصه في سؤال أو أسئلة متداخلة: «هل بإمكان اللحظة الراهنة أن تلتهب إلى درجة تكسر فيها خط مرور الزمن؟ أن تأتي بالماضي إلى الحاضر وأن تقذف سكان الحاضر نحو الماضي؟ هل من الممكن أن يحدث انفراج ما في لحظة ما من التاريخ لنرى تلك الأشباح التي ناضلت من أجل قيم مشتركة وماتت ميتة مروّعة، تسير معنا في الشارع كتفاً إلى كتف؟ هل بإمكان إنسان اللحظةِ الراهنة أن يُخرج أشباح أبطاله من تحت الأنقاض المرعبة للتاريخ ليحضرها إلى زمنه الحاضر ويتمتّع بدعمهم؟». وتذكر المصورة في النهاية أن «نقطة انطلاق هذه الصور هي نتيجة صدمة الزمن الراهن أكثر من كونها نتيجة لصراع مع التاريخ. إنها حصيلة صدمة جماعية وتأمّلٍ في هذه الفرَضية، وتصوّرٌ لحضورنا الفيزيائي مع أموات نمجّدهم في زمن من نوع آخر، زمن لم يأت بعد». يذكر أن آزاده أخلاقي بدأت قبل بضعة أشهر العمل على مشروعها الجديد لإعادة تركيب أهم الأحداث في التاريخ الإيراني المعاصر منذ الثورة الدستورية في بدايات القرن العشرين إلى الثورة الإسلامية عام 1979، ويضم هذا العمل 15 صورة، ويحمل العنوان «نقلاً عن شاهد عيان 2».