لا يستبعد متخصص في مجال التأمين أن يُقدم من وصفهم بضعفاء نفوس على إحراق مستودعاتهم؛ لتوفير سيولات مالية تعوضهم عن خسائرهم التجارية. وعلى غرار ما تصوره مشاهد المسلسلات والدراما العربية، وما يتردد على أفواه بعضهم، خصوصاً عبارة «احرقوا المخازن»، كرد فعل لتعويض الخسائر والحصول على أموال التأمين، أكد الاختصاصي في مجال التأمين لؤي عبده ل«الحياة» أن بعض ضعفاء النفوس قد يلجأون إلى حرق مستودعاتهم؛ لتوفير سيولة مالية تعوض خسائرهم التجارية، مؤكداً وجود أسباب غير حقيقية يجب ألا تغيب في كل حادثة حريق تقع في مستودع. أضاف عبده أن «بعض حوادث الحرائق تكون بفعل فاعل، إذ يتعمد بعض ضعفاء النفوس إحداث حريق في مستودعاتهم؛ للحصول على السيولة المالية من شركة التأمين، ولاسيما أن نسب الخسائر في هذه الحوادث تصل إلى 100 في المئة غالباً». وزاد: «هناك أسباب حقيقية لوقوع الحرائق، خصوصاً في المستودعات، من أبرزها تدخين العمال أثناء فترة راحتهم داخل المستودعات، إضافة إلى سوء التخزين وسوء المبنى، الذي يكون غالباً «هناقر» تفتقر إلى معاير الأمن والسلامة». ويرى عبده أن نسب الحرائق في المستودعات عالية، قياساً بغيرها من المنشآت، وزاد: «التأمين على هذه النوع من الكوارث مخسر لشركات التأمين غالباً؛ لأنها تضع اشتراطات لا بد من توافرها في المستودعات قبل توقيع وثيقة التأمين». وأفاد بأن أهم الاشتراطات التي لا بد منها في المستودعات تتلخص في: وجود أجهزة إطفاء للحرائق آلية، وأخرى خاصة بإصدار الإنذار، إضافة إلى وجود خراطيش المياه. وأردف: «يحدث في عدد من حوادث الحرائق أن تتدخل فرق الدفاع المدني لإطفائها، إذ في الغالب لا تعمل تلك الأجهزة، وهو ما يسبب امتداد الحرائق لتشمل عدداً آخر من المستودعات المجاورة لها». وأبان بأن بعض أنواع البضائع في المستودع يسهم كثيراً في تحوله إلى كتلة من النار في دقائق معدودة، موضحاً أن مستودعات الملابس من أكثر المستودعات التي تنتشر فيها النيران في وقت قياسي، خصوصاً أن الكثير من الأنسجة مصنعة من مواد نفطية قابلة للاشتغال بسرعة، إضافة إلى مستودعات قطع غيار السيارات، التي في الغالب تكون محفوظة ومغلفة في مواد شحمية وزيتية من منتجات نفطية. واستطرد: «مستودعات المواد الغذائية من النادر أن تسجل خسائر دون 100 في المئة، ولاسيما أن الدخان الصادر من الحرائق يفسد تلك المواد، فتصبح غير صالحة للاستهلاك». وتابع: «من النادر أن يعمل عمال المستودع على إخراج البضائع أثناء حدوث الحريق، وهو ما يجعل نسب الخسائر في حريق المستودعات في معدلات مرتفعة». وعاد ليؤكد أن الحصول على تراخيص لمستودع لابد من أن تتوافر فيه اشتراطات من «الدفاع المدني»، من أبرزها: وجود جميع الأجهزة الخاصة بالأمن والسلامة، وفي الغالب تعمل تلك الأجهزة على حصر النيران في منطقة الحريق، وتمنع انتقالها إلى مناطق مجاورة. وطالب عبده بإنشاء مجمع للمستودعات بمواصفات ومقاييس عالمية تتوافر بها اشتراطات الأمن والسلامة بما يحفظ الأموال والأنفس. وقال: «المستودعات لدينا هي «هناقر»، وهي مخالفة للاشتراطات العالمية التي لا بد من توافرها في المباني المخصصة للمستودعات»، وزاد: «لا بد من أن تكون مسافة لا تقل عن 50 متراً مربعاً بين المستودع والآخر الذي يجاوره؛ لمنع امتداد النيران إلى مناطق شاسعة في وقت قصير». وأشار إلى أن شركات التأمين تمنح وثائق تأمين ضد الحرائق، وأنها ملزمة بالدفع التعويضات عن الحرائق، «وهذا يكبدها خسائر، خصوصاً أن غالبية المستودعات، لاسيما في مدينة جدة تعد عشوائية، وتفتقر إلى أنظمة الأمن والسلامة، وهو ما أسهم في ابتعاد شركات التأمين وإعادة التأمين عن إبرام عقود وثائق التأمين ضد الحرائق، إلا في حال مطابقته المستودعات لكل الاشتراطات الخاصة بالأمن والسلامة». ولفت إلى أن متخصصي التأمين يلاحظون ممارسات سلبية عند عملية الكشف على موقع المستودع، وهو إجراء متبع قبل توقيع الوثيقة؛ للتأكد من جميع الاشتراطات الواجب توافرها. وتابع: «من أبرز التصرفات السلبية وجود أعقاب السجائر على أرضية المستودع، وهو ما يشير إلى إمكان حدوث حريق به في أي لحظة، إضافة إلى سوء عملية التخزين، التي لا تراعى فيها متطلبات الأمن والسلامة». وأضاف أن رصد تلك الممارسات السلبية أسهم في تغير الاشتراطات التي فرضتها مؤسسة النقد على الوثائق الخاصة بالتأمين على الحرائق؛ من أجل الالتزام بجميع متطلبات الأمن والسلامة، والحد من وقوع الحرائق بها.