تفاقمت ظاهرة تزوير عدد من السوريين لجوازاتهم وأوراقهم الرسمية مع اقتراب دخول الثورة السورية عامها الخامس، بسبب صعوبة سفر الأشخاص المطلوبين لدى الحكومة السورية نتيجة نشاطاتهم المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد. وبدأت معاناة السوريين مع الأوراق الرسمية بعد العام الأول من اندلاع الصراع الدائر في البلاد، إذ انتهت صلاحية آلاف جوازات السفر وبات أصحابها مقيدين داخل الأراضي السورية أو لاجئين في دول الجوار يُمنعون من السفر في جميع المطارات الدولية. ومنبع هذه المعاناة هو خوف السوريين من الاعتقال الفوري من قبل السلطات السورية لحظة دخولهم فروع الهجرة والجوازات في المدن الرئيسة لتقديم طلبات تمديد الجوازات، وعدم تمكن المطلوبين من دخول المدن الخاضعة لسيطرة النظام السوري نهائياً. وللتعامل مع أزمة التنقل، لجأ بعض السوريين إلى تزوير جوازات سفر بمبالغ باهظة أو وضع لصاقات لمد فترة صلاحية الجواز السوري من دون تقييدها في سجلّات النظام القانونية. وتتألف شبكات التزوير من مجموعة طوابع ومصممين محترفين وخبراء في نوعية الأوراق، بالإضافة إلى محاسبين ماليين ومسؤولي أرشفة ومسوّقين للأعمال على شبكات التواصل الاجتماعي بأسماء مزوّرة، خشية اعتقالهم في الدول التي يعملون بها بشكل سرّي. ومع انتشار هذه الظاهرة، أصبح بإمكان أي شخص الحصول على جواز سفر سوري، لا سيما المقاتلين المهاجرين من دول أوروبية إلى سورية بهدف الانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وكانت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية نقلت في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، مخاوف أوروبية من تسلل «الإرهابيين» إلى البلاد عبر جوازات سفر سورية مزورة تباع في الشرق الأوسط في مقابل مبالغ متدنية تبدأ من 250 دولاراً فقط. وزادت هذه المخاوف بعدما اتضح أن أحد المتورطين في اعتداءات باريس دخل أوروبا باستخدام أوراق سورية مزورة، ما أثار قلقاً من التهديد الأمني المحتمل الذي يشكله عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى اليونان كل أسبوع. وتعتمد أنظمة اللجوء الرسمية في دول الاتحاد الأوروبي وسائل صارمة للتدقيق في خلفيات طالبي اللجوء. وأكد مسؤولو الهجرة في السويد وألمانيا أنه يتم إجراء تحليل اللغة والنص للاجئ إذا كان هناك أي شكوك حول هويته، لأن بعض الناس يدعون أنهم من سورية، بينما هم في الواقع من العراق أو لبنان أو فلسطين. وقالت الناطقة باسم المفوضية العليا للاجئين إن «الغالبية الساحقة من هؤلاء القادمين إلى أوروبا يفرون من الاضطهاد أو قصف وصراع يهدد الحياة، وهم غير قادرين على الوصول إلى أوروبا بوسائل أكثر أماناً، ومن واجبنا إعادة توطين اللاجئين». ودعت إلى إيجاد وسيلة آمنة وقانونية لإعادة التوطين الجماعي للاجئين الذين ما زالوا في منطقة الشرق الأوسط، إذ يرى الناشطون أن إعادة التوطين المنظم ينقذ حياة اللاجئين، ويعطي أوروبا مزيداً من السيطرة على حدودها في آن واحد. وكان تقرير أميركي صدر نهاية العام الماضي حذر من قدرة «داعش» على إصدار جوازات سفر سورية مزورة. وأكدت ناطقة باسم إدارة الهجرة والجمارك الأميركية أن «داعش لديه القدرة على الوصول إلى معدات طباعة جوازات السفر السورية والجوازات الفارغة، ما يشير إلى إمكان تزوير جوازات السفر». وأضاف مصدر آخر أن «هناك مخاوف أيضاً من إمكان سرقة الهوية، لأن التنظيم يستطيع الوصول إلى البيانات الشخصية وبصمات المواطنين السوريين». من جهة ثانية، دعت فرنسا دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلى شن حملة لتتبع جوازات السفر السورية المزورة التي يستخدمها أشخاص يحاولون الدخول إلى أوروبا، بحسب وكالة «رويترز». وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في رسالة إلى المفوضية الأوروبية، انه «يتوجب على الاتحاد الأوروبي تشديد الإجراءات الأمنية من خلال تحسين المعدات المستخدمة في التحقق من وثائق السفر على الحدود الخارجية، لا سيما في اليونان وإيطاليا».