عشيَّة أولى عمليات توزيع طالبي اللجوء في إطار الاتحاد الأوروبي؛ بحثت حكومات القارة أمس في لوكسمبورغ تدابير أكثر صرامة لإعادة المهاجرين الاقتصاديين إلى بلدانهم. ولا تتراجع وتيرة الاجتماعات الأوروبية حول أزمة الهجرة. وبعدما توصلت دول الاتحاد بصعوبة إلى الاتفاق على توزيع 160 ألف لاجئ بينها؛ عقدت اجتماعاً جديداً لإبداء حزمها حيال المهاجرين الاقتصاديين الذين لا تعتبرهم لاجئين كونهم يبحثون فقط عن تحسين أوضاعهم. وركَّز الاجتماع في لوكسمبورغ على تبادل الآراء مع البلدان الواقعة على طريق البلقان التي يسلكها آلاف اللاجئين السوريين والعراقيين يومياً. وبلدان البلقان هي ألبانيا، والبوسنة والهرسك، ومقدونيا، ومونتينيغرو، وصربيا وكوسوفو. وشارك أيضاً في الاجتماع البلدان المتاخمة لسوريا، أي لبنان والأردن وتركيا. ويحاول الاتحاد الأوروبي الاتفاق مع الدول الثلاث على خطة عمل مشتركة. لكن الاتحاد يحاول أولاً إحراز تقدم على صعيد سياسته المتعلقة بإعادة غير اللاجئين، التي تعتبر غير فاعلة. وتفيد الإحصاءات بأن %39 فقط من المهاجرين غير الشرعيين الذين طُلِبَ منهم مغادرة أراضي أوروبا في عام 2014 غادروها بالفعل. وربط وزير الداخلية الألماني، توماس دو ميزيار، بين «قبول الأشخاص الذين يحتاجون إلى حماية (اللاجئين)» و«امتناع الذين لا يحتاجون إلى ذلك عن القدوم أو تمَّ ترحيلهم على وجه السرعة». وشدد دو ميزيار، الذي تميَّزت بلاده بالانفتاح حيال طالبي اللجوء السوريين، على أن «عمليات العودة صعبة دائماً، لكن هذا هو الواقع»، داعياً «الذين لا يحتاجون إلى حماية إلى المغادرة». وطالبت نظيرته البريطانية، تيريزا ماي، ب «التصدي للذين يتجاوزون قانون اللجوء في بلادنا». وأفاد مشروعُ بيانٍ نوقش في لوكسمبورغ بأن «على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بذل مزيدٍ من الجهود على صعيد العودة». وجاء فيه «يجب استخدام مزيج متوازن من الضغوط والحوافز مع البلدان الأخرى» لحملها على مزيد من التعاون من أجل استعادة رعاياها. وسيكون هذا الملف واحداً من مواضيع القمة المقررة في 11 و12 نوفمبر المقبل في فاليتا (مالطة) «التي سيشارك فيها الاتحاد الأوروبي والبلدان الإفريقية»، كما قال عدد من الدبلوماسيين. في السياق ذاته؛ انصرف وزراء الداخلية الأوروبيون إلى مناقشة آلية استعادة السيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وبدت هذه الحدود سهلة الاختراق ما حمل عدداً كبيراً من الدول على تطبيقٍ مؤقتٍ لعمليات المراقبة على الحدود الوطنية في داخل فضاء «شنغن». إلى ذلك؛ يبدأ غداً الجمعة تطبيق خطة إعادة توزيع 160 ألف لاجئ بين دول أوروبا على الرغم من معارضة عددٍ كبيرٍ من بلدان قسمها الشرقي. وأعلنت المفوضية الأوروبية في هذا الإطار أنه «سيتم نقل لاجئين إريتريين من إيطاليا إلى السويد». بدوره؛ حذر وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، من أن «عمليات إعادة التوزيع لا يمكن أن تصمد، إلا إذا حصلت مراقبة حقيقية للحدود الخارجية للاتحاد وطُبِّقَت سياسة الترحيل». وسيتطلب تشديد عمليات المراقبة على الحدود الخارجية زيادة دور وكالة مراقبة الحدود القارية «فرونتكس». ودعت الوكالة هذا الأسبوع البلدان الأعضاء في الاتحاد إلى أن تضع في تصرفها 775 عنصراً إضافياً من خفر الحدود «للتعامل مع ضغط الهجرة». وأفصح مدير «فرونتكس»، فابريس ليغيري، عن دخول حوالى 630 ألف شخصٍ القارة بطريقة غير شرعية منذ بداية العام الجاري. وشَهِدَت مقدونيا أمس تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين مُسجِّلة دخول 10 آلاف شخص من اليونان، لذا استنفرت كافة الوسائل الشرطية لإدارة الوضع. وأبدت باريس على لسان برنار كازنوف تأييدها تشكيل حرس حدود أوروبيين لتشديد المراقبة على الحدود الخارجية، وفق مصدر مطلع. وأقرَّ كازنوف بمحدودية قدرات قوة «فرونتكس» حالياً. وفي ألمانيا؛ احتج 8 آلاف متظاهر في أرفورت «شرق» مجدداً على سياسة استقبال اللاجئين التي تعتمدها المستشارة، أنجيلا ميركل. ولمواجهة أزمة الهجرة؛ دعت ميركل والرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أمس الأول إلى الوحدة الأوروبية من أجل تغيير سياسة اللجوء «البالية» في القارة التي تواجه أسوأ أزمة هجرة منذ عام 1945.