تستطيع بورصتها أن تهبط وتتحطّم كيفما شاءت، لكن الطائرة من دون طيّار («درون» Drone) حلّقت بصورة الصين في قلب الولاياتالمتحدة، لأنها ال «درون» الأولى التي تحمل ركاباً. ولمن يستخف بأن طائرة «درون» ال «إي هانغ 184» EHang - 184 لا تحلّق سوى براكب وحيد ولا تطير إلا 23 دقيقة، ليتذكر أن طائرة «الأخوين رايت» حلّقت أيضاً براكب فرد في 1903، لأقل من دقيقة. وبعد رحلتها التاريخية في سماء مدينة «كيتي هوك» الأميركية، استهلت طائرة «الأخوين رايت» عصر الطيران بأكمله، وتناسلت على هيئة طائرات تحمل ركاباً تزايد عددهم حاضراً ليصل إلى المئات مع ال «جمبو» وال «إيه 380». أثارت ال «إي هانغ 184» اهتماماً هائلاً في «معرض إلكترونيات المستهلك» في لاس فيغاس. وتناقلت وسائل الإعلام صورتها التي تذكّر بخيال سيارات «جيمس بوند» و «باتمان»، لكنها لا تحتاج إلى أبطال السينما. وفي الجو، تبقى ال «إي هانغ» تحت سيطرة الرادار وموجات اللاسلكي، فيما يستخدم راكبها أزرار الإقلاع وطلب الهبوط وضبط الحرارة والبرودة. وتجيء ال «درون» الصينية بعيد دخول «نظيرتها» الأميركية «أكس - 47 ب» المقاتلة - القاذفة، الخدمة فعلياً عبر حروب الشرق الأوسط. ويضاف إلى ذلك سجل ال «درون» الأميركية في غارات شملت ليبيا واليمن والصومال وباكستان والجزائر ومالي وغيرها، ضمن «الحرب على الإرهاب». بين «لاس فيغاس» وإرث أوباما ولعل السجل الأثقل للرئيس باراك أوباما هو «حرب الدرون» التي لاحظ هنري كيسنجر أنها قتلت أكثر مما فعلت الحروب التي نسبت إليه في الشرق الأوسط وإندونيسيا وأميركا الجنوبية! كيف يكون سجل ال «إي هانغ» إذا حوّلتها الصين سلاحاً حربيّاً؟ ومقارنة بطائرة «الأخوين رايت»، تحلّق ال «إي هانغ 184» على ارتفاع 3505 متراً، فيما ارتقت طائرة عام 1903 إلى ارتفاع يقل عن 3 أمتار، بسرعة تلامس 11 كيلومتراً في الساعة. وتصل ال «إي هانغ» إلى 101 كيلومتر في الساعة. ومع الكثافة في التسارع التقني، قد لا تحتاج ال «إي هانغ درون» إلا إلى بضع سنوات لتصبح طائرة معتمدة في نقل البشر جواً. كيف يتصرف البشر حيال طائرة تجعل أرواحهم رهناً باستمرار اتصال موجات اللاسلكي في التحكّم بها من الأرض، ما يعني أن أدنى انقطاع (ولو بفعل برق عابر)، يهوي بهم إلى الموت؟ هل يفضلّون ذلك على طائرات يتحكّم بها البشر وأمزجتهم، على غرار مأساة طائرة «جيرمان وينغز» الألمانيّة في الألب؟ كيف تعدَّل قوانين الطيران المدني، بما فيها قوانين سلامة الركاب، إذا صارت ال «درون» وسيلة معتمدة في سفر البشر جواً؟ الأسئلة كثيرة.