واجهت صناعة الغناء المصري تحديات كبيرة خلال عام 2015، إذ تراجعت الألبومات والحفلات والكليبات، وواجهت جهات الإنتاج ومنظمو الحفلات خسائر بسبب عدم القدرة على تحقيق مردود مادي جيد. ويمكن القول إن ألبومات أصالة ومحمد حماقي وسميرة سعيد وأنغام ورامي صبري وآمال ماهر وأحمد جمال، أنقذت سوق الكاسيت من أزمة الركود التي لاحقتها في معظم فترات عام 2015 بعد تراجع الإنتاج الغنائي في شكل لافت، إذ لم يتجاوز عدد الألبومات الجديدة 18. يقول رامي صبري إن الألبومات الجديدة التي صدرت في الربع الأخير من عام 2015، ساهمت في عودة صناعة الغناء إلى سابق عهدها، وإقبال الجمهور على شراء الألبومات ساهم في تقليل خسائر شركات الإنتاج بسبب قرصنة الألبومات وبثها على مواقع الإنترنت. وتوقع أن يكون الوضع الغنائي أفضل في العام الجديد خصوصاً مع زيادة عدد الحفلات التي تروج للسياحة المصرية، ورغبة عدد من شركات الإنتاج في العودة بقوة إلى الإنتاج الغنائي. تراجع أيضاً عدد الحفلات الغنائية في شكل كبير ولم تتجاوز 43 حفلة، وهذا العدد قليل للغاية قياساً بما قدّم من حفلات عام 2010 حين بلغ عددها 80 حفلة غنائية أحياها عدد من النجوم المصريين والعرب. وكانت حفلات الدورة الرقم 24 لمهرجان الموسيقى العربية هي الجاذبة للجمهور بسبب نوعية الأغاني التي تقدم فيها ووجود عدد من النجوم مثل صابر الرباعي وأنغام ومدحت صالح وعلي الحجار وسعدون جابر وغيرهم. مدحت صالح وأشاد المطرب مدحت صالح بإقبال الجمهور المصري والعربي على حفلات الأوبرا، «وهذا يعد مؤشراً قوياً لتواصل الجمهور مع الفن الجيد». وطالب بتدخل الدولة المصرية لحماية صناعة الغناء والاهتمام بالشباب المحب للفن والذي يملك الموهبة، خصوصاً أن بعض الأغاني السطحية تحاول إفساد الذوق العام. ولم يكن حال الفيديو كليب أفضل حظاً من الحفلات والألبومات خلال عام 2015 لأسباب عدة منها، عدم قدرة الفضائيات الغنائية على إنتاج كليبات جديدة، فالأغنية المصورة الواحدة تصل موازنتها ما يقرب من 50 ألف دولار، كما أن الكليبات تجرى أيضاً قرصنتها في شكل كبير ووصل حجم قرصنة الكليبات عبر مواقع الإنترنت في العام الماضي إلى درجة كبيرة مما كبد صناعتها ما يقرب من 180 مليون جنيه حسب تأكيدات عدد من جهات الإنتاج المتخصصة في صناعة الكليبات. ويوضح المخرج محمد سعيد أن الأغنية المصورة، تحتاج إلى إمكانات مادية والمطربون لا يحققون عائداً مادياً يمكن أن يعوض نفقات الكليبات، والأمر نفسه بالنسبة إلى شركات الإنتاج والفضائيات الغنائية التي لم تعد تتحمس لإنتاج كليبات جديدة. ويكمن الحل من وجهة نظر سعيد لعودة إنتاج الكليبات إلى سابق عهدها، في البحث عن حلول تسويقية وإعلانية بحيث يمكن أن يكون الكليب برعاية أحد المنتجات أو شركات الاتصالات، وبالتالي يمكن رصد موازنات جيدة للكليبات. ويشدد المطرب أحمد سعد على أن صناعة الألبومات تأثرت في شكل سلبي بسبب القرصنة وسرقة الأغاني من خلال مواقع الإنترنت وصناعة الفيديو كليب تراجعت في عام 2015 وفي الأعوام الأربعة الأخيرة لأنها مكلفة والفضائيات الغنائية لا تقبل على إنتاج كليبات حصرية. وقال: «الأمر نفسه بالنسبة إلى شركات الإنتاج والمطربين، وبالتالي ما يحدث من تراجع في عدد الكليبات المنتجة، ما هو إلا أمر طبيعي لتراجع صناعة الكاسيت عموماً ولا يمكن لجهة إنتاج أن تتقبل خسائر بالملايين من أجل إنتاج ألبومات وكليبات لا تحقق العائد المادي الذي يعوض نفقاتها». ويرى المنتج الغنائي محسن جابر أن ظروف الإنتاج الصعبة التي تعيشها معظم شركات الإنتاج قللت عدد الألبومات والكليبات، وهذا الأمر طبيعي، مشيراً إلى أنه كان من أوائل المطالبين بإيجاد حلول لمواجهة ظاهرة القرصنة التي أنهت نشاط العديد من شركات الإنتاج، وحتى الآن لم يجد التحرك المناسب من قبل الجهات المعنية بالأمر لمواجهة هذه الظاهرة. عمرو دياب أزمة المطرب عمرو دياب مع شركة روتانا كانت الحدث الأهم عام 2015 خصوصاً أن العلاقة بينهما كانت على ما يرام خلال السنوات الماضية التي قدما فيها ألبومات: «شفت الأيام»، «الليلة»، «بناديك تعال»، «الليلادي»، «كمل كلامك»، «ليلي نهاري»، وعلى رغم النزاع القضائي بين دياب وروتانا إلا أن الموقف النهائي للأزمة لم يتحدد خلال عام 2015، وستحسم النتائج في العام الجديد الذي يشهد صدور ألبوم عمرو دياب الجديد. وعلى رغم الصعوبات التي تواجه صناعة الغناء المصري في الوقت الراهن، فإن نجوم حقبة ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته حاولوا عام 2015 تكرار نجاحاتهم من خلال إعادة توزيع أشهر أغنياتهم القديمة بقالب موسيقي يتماشى مع متغيرات العصر، وهكذا حضر كل من علاء عبدالخالق، علي حميدة، حسام حسني، سيمون، حنان ماضي، محمد محيي، فارس، علاء سلام، حسن عبدالمجيد، شهاب حسني، إبراهيم عبدالقادر وغيرهم في عدد من الحفلات، وقدموا عدداً من الأغاني التي ذكّرت الجمهور بهم، على أمل أن يكونوا موجودين في العام الجديد. المطرب محمد محيي أشاد بردود الفعل الطيبة على أغنيته المنفردة الأخيرة «الخوف من اللي جاي»، وقال: «نجاح الأغنية يعد مؤشراً قوياً لارتباط الجمهور بنجوم تسعينات القرن الماضي، كما أن الأغنية المميزة تفرض نفسها على كل الأجيال من المستمعين المتذوّقين للفن الراقي». الأغاني الوطنية كانت الوحيدة التي لاقت رواجاً ملحوظاً عام 2015 خصوصاً التي واكبت حفلة افتتاح قناة السويس الجديدة، ومن أهم الأغنيات القريبة من اللون الوطني التي حققت نجاحاً في 2015 «مصر قريبة» التي عرضت على الفضائيات وهي تروج للسياحة المصرية. ويرى المطرب مصطفى قمر الذي أصدر أغنية وطنية عام 2015 بعنوان «أنا المصري»، أن الهدف الأساس من الأغاني الوطنية، دعم الانتماء وتشجيع الشباب على العمل والنجاح. كما أن الترويج للسياحة من أهم أدوار الفن الذي ينبغي أن يحقق تواصلاً مع القضايا والشؤون الحياتية المهمة. وتوقعت آمال ماهر أن يزداد عدد الأغاني والكليبات التي تناقش مواضيع اجتماعية وإنسانية ووطنية عام 2016 تماشياً مع الظروف التي تعيشها بعض البلدان العربية، مشيرة إلى أن ألبومها «ولاد النهاردة» حقق مبيعات جيدة، ومؤكدة أن استقرار الأوضاع في البلدان العربية سينعكس في شكل إيجابي على صناعة الغناء التي تواجه تحديات.