تواجه صناعة الغناء هذه السنة تحديات جديدة، بعدما أصبحت ظاهرة القرصنة تشكل خطراً يهدد وجودها، فيما تعاني شركات الإنتاج خسائر مادية فادحة. فالألبومات التي تنفق عليها مبالغ طائلة تسرَّب بعد ساعات من صدورها على شبكة الإنترنت، وتحمَّل بجودة عالية من دون الحصول علي أي حقوق مادية، وهذا ما حدث مع عدد من الألبومات ومنها «أنا كتير» لشيرين عبد الوهاب. واللافت أن الألبوم حقق رقماً قياسياً في عدد مرات المشاهدة على قناة شيرين الرسمية على موقع «يوتيوب»، حيث شاهدها أكثر من 11 مليون شخص في فترة قصيرة. أما في الأسواق فلم تتجاوز مبيعات ألبوم شيرين رقم 80 ألف نسخة في العالم العربي. أما المطرب هيثم شاكر الذي يعود إلى الساحة الغنائية بألبوم «أحلى قرار» بعد غياب طويل، فحقق ألبومه أرقام مبيعات قليلة مقارنة بانتشاره على شبكة الإنترنت، ولذلك قرر أن يتبع أسلوباً مدروساً في طرح الأغاني على مواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل ممنهج أسوة بما تتبعه كبرى شركات الإنتاج الغناء العالمية. وبسبب تراجع مبيعات الألبومات نتيجة للقرصنة عبر الإنترنت، وعدم إقامة الحفلات لأسباب أمنية وحالة الاكتئاب التي يعيشها معظم الشعب المصري بسبب الأوضاع السياسية المتوترة، تراجعت موارد شركات الإنتاج من نصيبها في أجور حفلات مطربيها، وقل إنتاج هذه الشركات، حتى أن أبرز المطربين لن يتمكنوا من إطلاق ألبومات لعدم توافر عروض جيدة. وعلى رغم إنتاج غالبية المطربين ألبوماتهم على نفقتهم الخاصة لتفادي مشكلة الإنتاج مع الشركات والحفاظ على وجودهم في السوق، فإنهم في حاجة الى شركات لتوزيع هذه الألبومات في الأسواق. ومن المطربين الذين يعانون من عروض توزيع غير مناسبة، محمد فؤاد وسميرة سعيد ومحمد محيي وهشام عباس ولطيفة وإيهاب توفيق وحميد الشاعري وفارس وعلاء عبد الخالق ومصطفى قمر الذين تلقوا عروضاً لا تليق بمكانتهم وتاريخهم الفني، من وجهة نظرهم. وحتى جيل الشباب لم يسلم من هذه المشكلة، واتجه أيضاً إلى الإنتاج ولم يحصل على عروض مرضية، ومنهم: رامي صبري وتامر عاشور ومي كساب وزيزي عادل التي أكدت أنه منذ بداية العام 2014 لم يتجاوز عدد الحفلات الغنائية في مصر السبع حفلات، وهو ما جعلها تفكر هي وغيرها في إيجاد حلول غير تقليدية للخسائر التي تلحق بهم وبالشركات المنتجة لأعمالهم واستغلال التطور التكنولوجي في تحقيق مردود مادي إيجابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو موقع يوتيوب. ويرى المطرب والملحن عصام كاريكا أن لا بد من التصدي لظاهرة التعدي على حقوق الملكية الفكرية من خلال شبكة الإنترنت بشتى الطرق القانونية، لافتاً إلى أن للإعلام دوراً مهماً في توعية الجمهور لأن شركات الإنتاج لن تستطيع مواجهة القراصنة بمفردها على حد قوله. وقال: «ليس منطقياً أن تنفق الشركات أموالاً طائلة في اختيار الأغنيات وتسجيلها، ومن ثم تسرق في دقائق بمنتهى السهولة وتطرح مجاناً على الإنترنت ليحقق القراصنة الأرباح، وإذا لم يضع المسؤولون حلولاً سريعة لهذه الكارثة فسيتدهور حال الغناء العربي». وأكد المنتج نصر محروس أنه سيبيع ألبوماته التي ينتجها على شبكة الإنترنت من خلال المتاجر العالمية المعتمدة، وتأتي هذه الخطوة بعد حالة الركود التي أصابت صناعة الموسيقى ما جعله يفكر في اعتماد وسائل جديدة لمحاربة القراصنة بسلاحهم، وإحداث نقلة في صناعة الغناء. ورأى أن الحكومات لا بد من أن تتحمل دورها وتشدد الرقابة على المواقع الإلكترونية التي يتم تحميل الألبومات من خلالها، خصوصاً أن مطربين ومطربات كثراً لم يعودوا قادرين على تقديم ألبومات غنائية، ما أدى إلى إصدارهم أغاني منفردة لضمان استمرار وجودهم وحتى لا ينساهم الجمهور. وهذا الأمر نفسه ينطبق على شركات الإنتاج التي ستقاطع إنتاج ألبومات جديدة لأنها لا تضمن أن تعوض المبالغ التي تنفقها عليها. أما المنتج هشام جمال فأكد نجاح فكرة طرح الألبومات الغنائية على موقع «يوتيوب» وهذا ما يفعله مع أغنيات الفنانة دنيا سمير غانم. وقال: «استفادت شركتي من الانتشار والأرقام الكبيرة جداً التي حققها طرح الأغاني على الإنترنت، إلى درجة دفعت موقع «يوتيوب» لدعمنا بشكل أكبر، هذا بخلاف السمعة التي حققتها الشركة، بعد تقديم أسلوب جديد للتعامل مع الألبومات الغنائية في مصر». وعن السبب الذي دفعه لطرح الأغاني على الإنترنت بهذه الطريقة، أوضح أنه عانى من قرصنة الأعمال الفنية عندما أنتج لأول مرة ألبوماً للفنان حاتم فهمي، وبعدها لأحمد مكي، وأثناء فترة الإعداد لألبوم الفنانة دنيا سمير غانم، فكر في طرح الأغاني على موقع «يوتيوب»، لمحاربة قراصنة الإنترنت خصوصاً أن قرصنة الألبوم يعد أمراً متوقعاً».