أكدت رئيسة لجنة الصالون الثقافي النسائي في نادي جدة الأدبي الروائية السعودية نبيلة محجوب، أن تفرد الرجل بكل المكاسب الثقافية، جعل المرأة المثقفة لا تجد لها مكاناً في الفعاليات الثقافية، «إلا من خلال قاعة خلفية أحياناً»، مشيرة إلى أن تأسيس صالون المها الأدبي في عام 2000، الذي استمر سبع سنوات «كان بمثابة محفل أدبي أحدث حراكاً ثقافياً في الوسط النسائي وحفز الكثيرات في مدن ومناطق المملكة على انتهاج ذات النهج». وقالت نبيلة محجوب في حديث ل«الحياة»، إن فكرة الصالون الثقافي «لم تبرح عقلي بعد توقف صالون المها الأدبي، كذلك بعد انفراط عقد جمعية الكلمة التي أسستها مع نخبة من المثقفات، بهدف تسجيلها رسمياً تحت مظلة وزارة الثقافة، وكنا نعقد لقاءات ثقافية تحت التأسيس ثم توقفت»، لافتة إلى أن المرأة كانت سباقة في إقامة الصالونات الأدبية، «في العصر الأموي اشتهر صالون السيدة سكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، «كلاهما في الحجاز، وفي العصر العباسي، فضل العبيدية في بغداد، وفي الأندلس، صالون حفصة الركونية في غرناطة، وفي قرطبة اشتهر صالون ولّادة بنت المستكفي، وعائشة القرطبية، ونزهون الغرناطية، وسارة الحلبية، وفي القرن العشرين صالون مي زيادة الشهير في القاهرة». وذكرت أن الحاجة إلى الصالونات انتفت في العالم العربي، «لأن المرأة أصبحت موجودة في جميع الفعاليات والمحافل الثقافية». وتسرد الروائية السعودية كيف تأسس الصالون النسائي الثقافي في «أدبي جدة»، إذ قالت: عندما تم انتخاب مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة، وصلتني كما وصلت جميع أعضاء الجمعية العمومية رسالة بريدية قبل انعقاد أول جمعية عمومية بطلب مقترحات ومرئيات لعرضها في الاجتماع. جازفت بعرض فكرة صالون ثقافي نسائي في النادي لتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية، من خلال الحضور والمشاركة في لقاءات الصالون، ولتعبئة الفراغ الذي أحدثه غياب المناشط والمؤسسات والصالونات الأدبية، ولأنه ضمن سياق المجتمع الذي لازال يفصل بينهما بحاجز»، مشيرة إلى أنه تمت الموافقة على الفكرة، «واخترنا قاعة هامشية كانت خلفية للقاعة النسائية الرئيسة لنشاط الصالون، وبدأت بتكوين عضوات للجنة الصالون، لأني أؤمن بقيمة العمل الجماعي وأنّ يد الله مع الجماعة، واجتمعت اللجنة في 23 حزيران (يونيو) 2012م لوضع التصور والرؤية للقاءات الصالون». أما عن الأهداف التي يسعى الصالون إلى تحقيقها، اعتبرت محجوب أن لقاء المثقفات في حد ذاته هدف، «لكننا وضعنا رؤية وهي: تأسيس وعي معرفي بالمنتج الفكري والأدبي التراثي والحديث ومناقشة المستجدات في المحيط المحلي وعلى الساحة العربية والدولية، وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية من خلال لقاءات شهرية اخترنا لها في البداية الأحد الأول من الشهر الميلادي، ثم تم تعديل الموعد إلى الأحد الثاني من الشهر الميلادي لتفادي التعارض مع بعض الفعاليات الثقافية النسائية المدرجة مسبقاً في المنطقة». وأوضحت أنهن في الصالون يجتهدون «لتقديم الأفضل وتقديم وجوه جديدة وشابة، إضافة إلى القامات الأدبية والأكاديمية المعروفة، وتبقى شهادتي ناقصة، لكنك تستطيع معرفة القيمة الثقافية من خلال المواضيع المتنوعة والثرية التي جذبت الحضور ورسخت مكان الصالون، ليس فقط في مدينة جدة ولكن في المناطق الأخرى، هناك أندية أدبية تسعى إلى نقل تجربتنا كما أن الحضور المتنوع والكبير يؤكد نجاح الصالون، فالجمهور ينصرف إذا لم يجد المتعة والمعرفة المحفزة للعقل والوعي وتحرضه على الحضور»، مضيفة أنهم يتفاجؤون من حجم الحضور المتعطش، «إلى مثل هذه الأنشطة الثقافية التي تحرره من حرج حضور الصالونات التي تعقد في المنازل، إذا لم يكن على معرفة وثيقة بصاحبة الصالون». وذكرت أنهن لم يجدن صعوبات تذكر، «لأن مجلس الإدارة وأخص بالذكر رئيس المجلس الدكتور عبدالله السلمي متجاوب جداً ويستجيب لكل حاجات الصالون. صحيح ارتفعت بعض الأصوات النشاز التي كانت تحتكر المكان، لكنها لم تثبط عزيمتنا ولم تعرقل مسيرتنا، ارتفعت قليلاً ثم تلاشت كالضباب عندما تشرق الشمس». وأشارت محجوب إلى أن الصالون استطاع أن ينظم مهرجاناً رمضانياً للتراث الحجازي، «كما بادر الصالون بالشراكة مع جمعية النهضة النسائية ولجنة الانتخابات البلدية إلى عقد ندوة تثقيفية عن البلديات والمجالس البلدية والإجراءات المرتبطة بالانتخابات كقيد الناخب. كذلك تم طرح كل المعوقات التي واجهتها المرأة خلال تسجيلها في قيد الناخب بحضور رئيسة لجنة الانتخابات التي تفهمت المشكلات ووعدت بإيصالها إلى المسؤولين. وقدّم الصالون تاريخ قبة زمزم، والصرة العثمانية، والمرأة المسلمة في الأندلس، وحكايات المدن، وتويتر وتأثيره على المجتمع السعودي. وكرمنا نجاة خياط أول قاصة سعودية بتقديم مجموعتها القصصية «مخاض الصمت»، وحوار مع الرائعة فاتنة شاكر، وانتصار العقيل، ومن الشابات، قدمنا الأختين هبة وهتون قاضي، ورشا أبو السعود، وستكون معنا الدكتورة أميرة الزهراني والدكتورة أروى عرب. ولدينا المزيد من المواضيع والمتحدثات المميزات في هذا الموسم الثقافي».