في أوقات جارية، وجد كبار ساسة الغرب دوافع ودواعيَ أمنية ومصالح قوميّة وأخطاراً إرهابيّة عابرة للحدود، كي يتجرّأوا على الشبكة العنكبوتيّة. إذ جاهر هؤلاء علانيّة بتعضيد شعبي واسع، بمطالبة شركات الإنترنت بابتكار تقنيات وتطبيقات تساعد على تحديد وحجب وإزالة وتتبّع التدوينات أو المشاركات، التي تحمل شبهة إرهاب أو تطرّف يؤدي إلى إرهاب. ولعلّ أحدث المنضمّين إلى مطالبة شركات التكنولوجيا بالتضييق العنكبوتي على «داعش»، المرشّحة الرئاسيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون. إذ طالبت كلينتون شركات التقنية الرقميّة ب «القيام بما ينبغي لتحجيم النشاطات الإرهابيّة على الشبكة العنكبوتيّة». وبينما يظلّ ذلك التحجيم قيد صعوبات تقنية وعراقيل حقوقيّة ومعارضات هنا وهناك، يمضي «داعش» ومن يواليه من جماعات، قدماً في الاستفادة القصوى من الإنترنت. إذ ينشر أولئك الإرهابيّون إصدارات إعلامية للترويج لنشاطات «دولة الخلافة»، وتدوينات «فايسبوكيّة» تسعى الى بثّ الرعب في قلوب المتابعين ونشر الوحدة والثقة بين أدمغة المتعاطفين، وتغريدات «تويتريّة» تلخص أيديولوجيا يراها البعض إرهاباً ويجدها البعض الآخر «خلافة»، إضافة إلى صور عبر «إنستغرام» ونصوص خاطفة في موقع «سناب شات» وغيرها. الرسالة واضحة وصريحة: تنظيم «داعش» بالغ التقدّم تقنياً، ولديه قدرات وموارد بشريّة وتقنيّة تؤهله لخوض حروب ضارية على الشبكة العنكبوتيّة، لا تقل ضراوة عن تلك الدائرة رحاها على أرض الشرق الأوسط وما تيسر من أراض غربية وأفريقية وغيرها. في الوقت نفسه، يتأرجح الغرب بين التخلّي عن معتقداته الحقوقيّة (ومنها الحريّات على شبكة الإنترنت) من جهة، وحماية أمنه القومي وتأمين بلاده ومواطنيه، من الجهة الثانية. والى حدّ الآن، تبدو الكفّة راجحة لمصلحة الأخيرة لأنها تهدد مواطني الغرب في الداخل مباشرة، ولا تقتصر على تهديد مصالحه عبر البحار. بقول آخر، الأرجح أن سحر الإنترنت انقلب على سحرته في وادي «سيليكون فالي» الأميركي، وما يشبهه في دول الغرب!