شرعت وزارة التعليم في تحصين أبناء المجتمع من أوبئة «الانحرافات الفكرية»، إذ تتخوف الوزارة من تولد أفكار منحرفة، وتعمل على رصد تلك الأفكار وإجهاضها بكل الوسائل المشروعة، عبر إخضاع عقول الطلاب والطالبات لموجة التخطيط الإشعاعي للتأكد من خلو أرحام أفكارهم من أجنة مشوهة، بعد أن أصبحت عقولهم مستهدفة من المنظمات الإرهابية والتغرير بهم، وذلك باستحداث البرنامج الوطني «فطن» لوقاية المجتمع من المهددات الأمنية والاجتماعية والثقافية والصحية والاقتصادية. وأشاد عضو المجمع الفقهي الدولي أستاذ السياسة الشرعية ونظم الحكم في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن سفر بدور وزارة التعليم في استحداث البرنامج الوقائي «فطن»، وقال ل«الحياة»: «إن هذا الدور يأتي من ضمن منظومة توجيهية وتثقيفية وتعليمية واحدة، وإن كانت متعددة المهمات، إذ إن للمدرسة والمنزل دوراً كبيراً في تحصين الأبناء من أي انحرافات سلوكية وفكرية خاطئة». وأضاف سفر: «وزارة التعليم حينما أطلقت البرنامج استهدفت توجيه الطلاب والطالبات في المدارس حول الخطر من تلقي المفاهيم الخاطئة التي تخص الشريعة الإسلامية والإرهاب، إضافة إلى المفاهيم الخاطئة السلوكية، وهنا يأتي دور التكامل بين هذه المنظومات في وقاية الأبناء من هذا الخطر الداهم». ويتعاون البرنامج الوطني «فطن» مع 6 جهات حكومية لتحقيق غاياته، من خلال إعداد وتصميم المخرجات التي ستقدم للمجتمعات المستهدفة، وتتمثل الجهات الحكومية في وزارات: الشؤون الاجتماعية، والداخلية، والصحة، والشؤون الإسلامية، إضافة إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والجامعات التي تختص في علم الاجتماع وعلم النفس والخدمة الاجتماعية والكراسي البحثية المتخصصة. وبين أن برنامج «فطن» يعتمد على ستة أساليب للتوعية الوقائية بأخطار الانحرافات السلوكية والفكرية، يتم اتخاذها والاستفادة منها داخل المنشآت التعليمية، موضحاً أن الدراسات الإعلامية المحلية أظهرت أن أسباب الانحرافات الفكرية لدى السعوديين تمثلت في سبعة محاور أساسية منها انصراف الوالدين وانشغالهم عن أبنائهم، ووسائل الإعلام، والفراغ العلمي والروحي والعاطفي، وتوافر المال، والسفر للخارج، وعدم تمثل السلوك الإسلامي، والأصدقاء والرفاق. ومن أهم الأهداف التي يسعى إليها البرنامج الوطني الوقائي «فطن»، إنشاء مراكز استشارية بخبراء متخصصين مؤهلين، تحقق استراتيجية الإنماء والوقاية للمحافظة على استمرارية تمتع 5 ملايين طالب وطالبة بصحة فكرية ونفسية واجتماعية سليمة، إضافة إلى تقديم الاستشارات الوقائية تعليمياً ونفسياً واجتماعياً وأسرياً. كما يهدف الرنامج إلى بناء برامج تدريبية متخصصة في تنمية المهارات السلوكية والفكرية الإيجابية من خلال محتوى تدريب متطور ومدربون محترفون، وتنفيذ برامج التأهيل والتدريب لتعزيز قدرات مشرفي وخبراء ومدربي «فطن» البالغ عددهم 120 خبيراً، والإسهام في تعزيز الهوية الوطنية للطالب من خلال إكساب المهارات الشخصية والاجتماعية، وتكوين الاتجاهات الإيجابية للمستهدف لتنمية ذاته ومجتمعه ووطنه وتطبيق أنظمة الجودة في عمليات التدريب. ويسعى البرنامج إلى إنشاء عيادة إلكترونية عبر موقع الحملة التوعوية الخاصة به على الشبكة العنكبوتية، لاستقبال تساؤلات أولياء الأمور ممن تورط أبناؤهم في كيفية علاجهم من الانحرافات، وتسهم العيادة الإلكترونية عبر موقع الحملة في تقديم المساعدة من خلال النصائح والإرشادات السرية لأولياء الأمور سواء تورط أبناؤهم أم ظهرت عليهم بعض الملامح الخاصة بالانحراف دون التأكد من ذلك، كما يقدم الحلول وتنفيذها للطلاب والطالبات في المدارس. ولم يهمل برنامج «فطن» دوره في الإعلام الجديد، إذ يستعد البرنامج لبناء التطبيقات الخاصة بالحملة التوعوية للبرنامج على مختلف الأجهزة الكفية واللوحية، ومن أبرزها (آيفون، آيباد، بلاك بيري، آندرويد، ويندز فون)، إضافة إلى إنشاء حسابات الشبكات الاجتماعية. وتمر مراحل بناء الوسائل الاجتماعية الخاصة ببرنامج «فطن» بخمس مراحل، أولها بناء الرسالة التي تحدد غرض وجودها على الشبكات الاجتماعية، ثم مرحلة بناء المنصات من خلال بناء استراتيجية العمل في وسائل الشبكات الاجتماعية، ويليها مرحلة أدوات التواصل وتوفير بنية تحتية من التطبيقات المرتبطة بالشبكات الاجتماعية وآليات التقويم، وتوضع في المرحلة قبل الأخيرة خطة التواصل مع الناس والشخصيات البارزة، وأخيراً مرحلة آليات قياس الأثر عبر برامج الرصد والتحليل وتقديم على شكل تقارير واضحة للجهات المعنية. وتستهدف التوعية الخاصة في المدارس جميع المراحل الدراسية بداية من مرحلة «الروضة» التي تقوم التوعية فيها على برامج لتعزيز الذات وتأكيدها، والتدريب على فن الحوار والاتصال والتواصل، ومساعدة الطفل في اتخاذ القرارات بنفسه بعد تفكير، في حين يتم التركيز في المرحلة الابتدائية على تعزيز الذات وتأكيدها من أولويات التوعية، إضافة إلى التدريب على مهارات الاتصال وحل المشكلات واتخاذ القرارات وتعليم آليات اختيار الأصدقاء.