اثار اعلان تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) بان انصاره هم من نفذوا الهجوم الذي وقع هذا الاسبوع في سان برناردينو في كاليفورنيا التساؤلات حول نوع التهديد الذي يمثله هذا التنظيم، بعد عام شهد عددا قياسيا من الاعتقالات في صفوف المشتبه بانتمائهم الى تنظيمات متشددة. ولم يتضح بعد السبب الذي دفع زوجين مسلمين الى مهاجمة زملاء الزوج في حفلة بمناسبة الاعياد في سان برناردينو الاربعاء الماضي، ما ادى الى مقتل 14 شخصاً. إلا أن مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) يحقق في الهجوم باعتباره «ارهابيا» بعدما عثر على دليل يثبت أن الزوجين من أنصار التنظيم المتطرف، وربما أعلنا ولاءهما له على الإنترنت. ولم يكن الهدف موقعاً له رمزية خاصة، كما ان الزوجين وهما سيد فاروق (28 عاما) وتاشفين مالك (29 عاما) لم يكونا على قائمة الاشخاص المراقبين. ولكن هل كان الهجوم فعلا مفاجئا؟ قال رئيس المركز الدولي للابحاث لدراسات التطرف والعنف السياسي الكسندر ميليغرو-هيتشنز «إن المشكلة موجودة لكنها كانت كامنة». واضاف «منذ العام 2010 على الاأقل، دعت الاستراتيجيات والايديولوجيات المتشددة المسلمين في الغرب وألهمتهم للقيام بأحد الأمرين: إما الانضمام الى جماعة متشددة تقاتل في الخارج، أو إذا إرادوا البقاء في الدول التي تشن حربا مفترضة على الإسلام، يجب عليهم شن هجمات باستخدام إية وسائل تتاح لهم». وعلى رغم دورها الكبير في العمليات العسكرية الخارجية ضد الشبكات الاسلامية مثل تنظيم «القاعدة» و«داعش»، فان الولاياتالمتحدة لا تواجه تهديدا متشدداً داخليا بحجم الذي تواجهه دول اوروبا الحليفة لها. إلا ان ميليغرو-هيتشنز قال «في أوروبا ان من يطلق عليهم، الذئاب المنفردة، لا يستطيعون الحصول بسهولة على الاسلحة الفعالة». واضاف «المشكلة بالنسبة للولايات المتحدة هي أن هذا النوع من الجهاديين يستطيعون تسليح انفسهم قانونيا، وبعد ذلك يصبحون تقريبا على نفس مستوى الجهاديين المدربين المرتبطين رسميا بجماعات في الخارج». وأضاف «بالنسبة لي فن المسألة كانت دائما مسألة وقت قبل ان تمتلك مجموعة من الجهاديين الأميركيين أسلحة ويشنون هجوما مثل هذا، إن هذا أمر واضح وسهل». وشهد هذا العام عددا قياسياً من الاعتقالات للمتطرفين المشتبه بهم الذين تم القبض على العديد منهم في مداهمات قام بها مكتب «اف بي اي»، وآخرين يرتبطون بجماعات أجنبية يعتبرها القانون الأميركي منظمات ارهابية. وأظهرت دراسة حول المتشددين الأميركيين نشرتها هذا الاسبوع جامعة «جورج واشنطن» أن 250 أميركيا توجهوا أو حاولوا التوجه الى سورية أو العراق للقتال إلى جانب «داعش». ويوجد 900 تحقيق مفتوح ضد متعاطفين مفترضين مع «داعش» ينتشرون في الولايات الأميركية الخمسين، ووجهت التهم ل71 شخصا بممارسة نشاطات «مرتبطة بداعش» منذ اذار (مارس). إلا أنه في هجوم يوم الاربعاء الماضي ، لم يعثر «اف بي اي» على أي دليل يربط الزوجين مباشرة ب«داعش». وانتظر التنظيم حتى يوم السبت ليصف منفذي الاعتداء بأنهم «من أنصار الخلافة». وقال خبراء يتابعون التهديد إنه «يبدو أن التنظيم تفاجئ كغيره بوقوع الهجوم». وصرحت مديرة مؤسسة «سايت» التي ترصد المواقع المتشددة ريتا كاتز أنه «خلال هجمات التنظيم على باريس الشهر الماضي، أغرق التنظيم الانترنت بدعاية إعلامية احتفالية بدا بعضها معدا مسبقا». وقالت كاتز «لم يحتفلوا بهذا الهجوم. اختلف الوضع هذه المرة عما نراه في العادة. واستغرقهم الأمر أياما للخروج بتصريح. والآن إذا زرت موقع تويتر، سترى شيئا مختلفا تماما. إنهم يغرقون تويتر الان». وقالت إن «القنابل الانبوبية التي أعدها الزوجان ونُشِرَت صورها، تشبه الرسومات المفصلة التي نشرتها مجلة انسباير التي يصدرها تنظيم القاعدة باللغة الانكليزية للذئاب المنفردة». وأضافت أن «قرار المشتبه بهما شن هجوم بدلاً من الانضمام الى خلية منظمة يعكس التوجيهات التي نشرهاداعش في مجلة دابق». وفي العدد الثاني من مجلة «دابق» الذي نشر في تموز (يوليو) العام الماضي قال التنظيم لأنصاره غير القادرين على القتال من أجل التنظيم، أن يبايعوا زعيم التنظيم وأن يقوموا بشن هجمات داخلية. ويعتقد عناصر «اف بي اي» أن هذا هو ما فعلته الزوجة تاشفين مالك، كما يعتقدون أن الزوجين اللذين شنا واحدة من أكثر الهجمات المتشددة دموية على الأراضي الأميركية منذ 11 ايلول (سبتمبر)، ليسا استثناء. ففي ايار (مايو) من هذا العام، هاجم رجلان مؤتمرا في غارلاند في تكساس كان يعرض رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد. وتشتبه الشرطة بان المهاجمين من المتشددين. يذكر ان الزوجين اللذين نفذا هجمات الاربعاء الماضي في كاليفورنيا ليسا أول زوجين أميركيين شابين يجتذبهما التنظيم. ففي وقت سابق من هذا العام أعتقل محمد عودة دخل الله (22 عاما) وجايلين ديلشون يونغ (19 عاما) اثناء محاولتهما التوجه الى سورية.