أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان «تعمل جدياً من خلال الإثباتات والحقائق لكي نغلق الصفحة السوداء، لأننا نريد معرفة حقيقة من اغتال كل شهداء لبنان»، معتبراً أن الحقيقة «جزء كبير من الاستقرار في لبنان ولكي تستقر نفوس الناس... وسنقبل بأي قرار يصدر عن المحكمة الدولية ونتعامل معه كما هو». ورد الحريري على مخاوف من خطر حوادث أمنية جراء أعمال المحكمة مؤكداً أن القوى الأمنية «جديرة بأن تحفظ أمن اللبنانيين وأي مس بأمن لبنان سيتلقى ضربة من قبل القوى الأمنية وحكومة الوحدة الوطنية وسنقف في شكل صارم ضد أي محاولات لإجهاض المحكمة». وجاء كلام الحريري في مؤتمر صحافي في صوفيا مع رئيس نطيره البلغاري بويكو بوريسوف، فيما تلقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان دعماً خارجياً أمس جاءه من فرنسا هذه المرة، إذ أعلن السفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون بعد لقائه رئيس الجمهورية دعم بلاده «المؤسسات اللبنانية ورئاسة الجمهورية في شكل خاص». وحيا بييتون إطلاق الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية ودور سليمان «المهم للحفاظ على سيادة لبنان»، وتمسك «بالتطبيق الكامل لاتفاق الدوحة». في هذا الوقت انشغل الوسط السياسي اللبناني بما ستؤول إليه المداولات في شان مصير الانتخابات البلدية أو تأجيلها فيما يمهد وزير الداخلية زياد بارود لإصدار قرار دعوة الهيئات الناخبة الى الاقتراع بدءاً من 2 أيار (مايو) المقبل على أن ينشر في الجريدة الرسمية يوم الخميس في أبعد تقدير، أي قبل بدء مهلة الشهرين من دعوة هذه الهيئات، وبعد انتهاء مهلة تجميد القوائم الانتخابية الخاضعة للتصحيح، مساء اليوم. وفيما شهدت اللجان النيابية المعنية بدرس الإصلاحات على قانون البلديات والانتخاب تراجعاً من الكتل النيابية عن بعض هذه الإصلاحات ومنها النسبية، وصولاً الى ما اصطُلح على تسميته بالكوتا النسائية للترشح للمجالس البلدية، وفق المشروع الذي أحالته الحكومة، قال الوزير بارود ل «الحياة» إن وزارة الداخلية استكملت التحضيرات اللوجستية للدعوة الى الاقتراع، وإن قرار الوزارة في هذا الصدد سيصدر الخميس نظراً الى أن يوم 2 نيسان (ابريل) هو يوم الجمعة العظيمة وهو يوم عطلة، «لكن الدعوة لا تلغي دور البرلمان في استمراره في مناقشة مشروع القانون المحال عليه». وأوضح أن وزارة الداخلية «لا يمكن إلا أن توجه الدعوة لأن عدم الدعوة يصبح في منزلة مخالفة القانون وأنا لست في وارد مخالفته لأن ليس هناك ما يشير الى أن مناقشة قانون جديد في البرلمان تؤدي الى تجميد القانون المعمول به أو القديم». ويتضمن قرار الوزير دعوة الهيئات الناخبة لوائح البلديات وعدد أعضاء المجلس البلدي في كل منها وأقلام الاقتراع وتوزيعها. ورداً على سؤال عن إعادة النظر في بعض الإصلاحات التي وردت في مشروع الحكومة، ومنها اعتبار نواب أن فكرة الكوتا النسائية (20 في المئة) قابلة للطعن أمام المجلس الدستوري لأنها تناقض المساواة بين المواطنين في الدستور، قال بارود ل «الحياة» إنه سبق أن قدم توضيحات للنواب المتحفظين عن هذا الأمر حين أثاروها في اللجان النيابية وهي أننا «احتطنا للأمر في مشروع القانون الذي يتحدث عن «كوتا جندرية» وليس كوتا نسائية بعد استشارات قانونية دستورية بحيث لا يخضع الأمر للتفكير بإمكان الطعن وبالتالي نحن لم نرتجل الموضوع لأن الصيغة التي اعتمدناها تحترم المادة 7 من الدستور لناحية المساواة ويصعب الطعن بها مع وجود أمثلة على ذلك في فرنسا وغيرها». وأضاف: «الصيغة المطروحة للمشاركة النسائية هي صيغة تحفيزية على المساواة». ورفض بارود رمي مسؤولية ما يحكى حالياً عن توجهات لتأجيل الانتخابات أو التأخر في مناقشة الإصلاحات، على البرلمان «لأن الأمر في مكان آخر، فالفصل بين السلطات لا يمنع مناقشة مشروع أحالته الحكومة على المجلس النيابي حتى لو وافقت عليه كل الكتل الممثلة في الحكومة». ويفترض أن تتكثف المشاورات خلال الأيام المقبلة قبل وبعد اجتماع رئيس البرلمان نبيه بري مع هيئة مكتب المجلس ورؤساء ومقرري اللجان النيابية لدرس ما آلت إليه مناقشات اللجان لمشروع الإصلاحات، في ظل تزايد الحديث عن إجراء الانتخابات وفقاً للقانون القديم، أو تأجيلها ريثما ينتهي المجلس من بتها عبر طرح المشروع على الهيئة العامة للمجلس، أو اعتماد ما يمكن اعتماده من الإصلاحات وتأجيل الباقي للانتخابات المقبلة. وكان الرئيس سليمان اجتمع أمس مع الوزير بارود وبحث معه في تحضيرات إجراء الانتخابات البلدية. وعلّق سليمان على الأجواء التي سادت القمة العربية في ليبيا فلفت الى بوادر المناخات الإيجابية التصالحية بين مصر وسورية والتي تشكل استكمالاً لمصالحات سابقة. وكان الحريري أكد من بلغاريا في تصريحات أن «تداعيات الفشل الديبلوماسي في التوصل الى حل للنزاع العربي – الإسرائيلي ستمس حياة كل فرد منا في الشرق الأوسط وأوروبا والعالم كله لأنه في كل يوم يتم فيه بناء مستوطنة في القدسالشرقية يولد متطرف جديد». وقال رئيس الوزراء البلغاري إن زيارة الحريري «تعطينا مفاتيح إضافية لتعاملنا مع الوطن العربي وسيكون لها صدى على صعيد العالم العربي وستسهل اتصالاتنا معهم». على صعيد آخر، لاحظ المكتب السياسي لحزب الكتائب، بعد اجتماعه الأسبوعي مساء أمس «عودة نغمة تسييس المحكمة الدولية وكأن هناك أطرافاً تخشى حكم العدالة وتحاول استباق الأحكام من خلال إلقاء الشبهات على حيادية المحكمة وصدقيتها». ولفت الى أن الحزب، «الذي فقد اثنين من قياداته: الشهيدين بيار الجميل وأنطوان غانم ورفاقهما، لم يجزم باتهاماته من دون دليل ثابت، إذ انه يعتبر كل متهم بريء الى أن تثبت إدانته».