أطلق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس اللبنة الأولى لتنفيذ مشروع تنمية محور قناة السويس، الذي تعول عليه مصر في تحريك عجلة الاقتصاد وتشغيل العاطلين من العمل، لكنه نبه إلى تحدي «الإرهاب الذي يريد هز مصر وعرقلتها، ولا يهمه سوى الهدم»، وتوقع أن يدفع العالم لسنوات ثمن الإرهاب والتطرف، مبدياً استعداد بلاده المشاركة في أي جهد فاعل لمكافحة تلك الظاهرة المعادية للإنسانية وللدين. وكان السيسي وصل صباح أمس إلى مدينة بورسعيد (إحدى مدن القناة)، حيث أعلن تدشين مشروع تنمية شرق التفريعة في بورسعيد، ضمن المرحلة الأولى لمشروع تنمية محور قناة السويس، ويتضمن المشروع الجديد، الذي أوكل الإشراف على تنفيذه إلى رئيس الهيئة الهندسية التابعة للمؤسسة العسكرية، إنشاء ميناء بحري كبير في منطقة شرق بورسعيد، ومنطقة صناعية تتضمن 20 مصنعاً منها صناعات السيارات والصناعات التكنولوجية، وأخرى منطقة لوجستية لخدمات السفن، وثالثة سكنية تتضمن 50 ألف وحدة سكنية، ورابعة للمزارع السمكية، بالإضافة إلى منطقة أنفاق أسفل قناة السويسجنوب بورسعيد، ومن المنتظر أن يوفر المشروع أكثر من 300 ألف فرصة عمل. وخلال عرض رئيس الهيئة الهندسية اللواء كامل الوزيري، تفاصيل المشروع، قاطعه السيسي متسائلاً: «متى سيتم الانتهاء من المشروع؟»، فأجاب عنه الوزيري بأن المشروع يحتاج إلى ثلاثة أعوام، موضحاً أن أرصفة الميناء التي يبلغ طولها 5 كيلومترات ستجهز خلال 10 أشهر، وأن الميناء سيكتمل خلال عامين، بينما ستنتهي بقية المنطقة الصناعية والميناء خلال 3 سنوات. غير أن السيسي طالب رئيس الهيئة الهندسية باختصار مدة الانتهاء من المشروع إلى عامين بدلاً من ثلاثة، سائلاً: «ما ينفعش خلال سنتين بس؟»، فرد عليه الوزيري متعهداً الانتهاء من المشروع خلال عامين. كما قرر السيسي اصطحاب مجموعة من الأطفال معه خلال إطلاق إشارة البدء في تنفيذ المشروع، قبل أن يلقي كلمته، والتي حرص في بدايتها على دعوة الحضور إلى الوقوف دقيقة حداداً على أرواح ضحايا الإرهاب في العالم، «حتى نرسل رسالة سلام من مصر للعالم». وفي كلمته، نبه الرئيس المصري إلى تحديات تواجه بلاده: «هناك تحدي الإرهاب الذي يريد هز مصر وعرقلتها، وهم لا يستطيعون البناء بل كل ما يمكنهم الهدم فقط، ولا يريدون تركنا للبناء، ونحن سنبني على رغم كل الإرهاب»، وأضاف: «هناك فساد وهذا يعرقل مسيرتنا. نحارب هذا الفساد وسنواصل البناء، وهذا تحد ثان». ولفت إلى التحدي الاقتصادي، ملمحاً إلى «مؤامرة خارجية لعرقلة بناء مصر»، ووجه حديثه إلى المصريين، داعياً إياهم إلى «الانتباه حيال مخططات خارجية، اتفقنا أننا سننتبه جميعاً تجاه مصر وليس أنا فقط. نحن معاً نبني مصر ونحافظ عليها ولا يستطيع أحد بمفرده فعل ذلك»، وقال: «الدولة لا تنشئ شعباً وإنما الشعب هو الذي يبني دولة ويحافظ عليها». وتطرق إلى انتشار الإرهاب في العالم كله، متوقعاً أن يظل يدفع العالم لسنوات، عدم المواجهة الحقيقية للإرهاب»، ومنبهاً إلى أن «المعركة لن تنتهي، فالعالم بدأ في مواجهة شاملة للإرهاب، لا تقتصر على المواجهة الأمنية، والعالم سيظل لسنوات طويلة في مواجهة الإرهاب ونحن مستعدون دائماً للمشاركة في أي جهود لمكافحة تلك الظاهرة المعادية للإنسانية وللدين». وشدد السيسي على أن حكومته «لن تعلن إطلاق مشاريع قبل انتهاء الدراسات، لأن هناك موارد ندفعها لتحقيق حلم المصريين، لذلك لا يمكن إطلاق مشروع قبل دراسته جدياً من كل مؤسسات الدولة»، ولفت إلى أن مشروع تنمية محور قناة السويس «أطلِقت فكرته في العام 2002 ولمدة 13 عاماً، وما تحقق كان قليلاً جداً. الآن نحن نتحدث عن عامين لإنجاز ذلك، هذه المشاريع (التي أطلِقت أمس)، كان يمكن أن تأخذ بين 10 و 15 عاما حتى تنتهي. أقول ذلك لأن المصريين يفعلون أشياء عظيمة جداً، وهناك مناطق لم تكن الشركات تذهب إليها، ولا أحد يعلم عنها شيئاً؟ لم يكن لدينا أي خيار آخر سوى العمل حتى نقدم شيئاً إلى أبنائنا وأحفادنا لأننا تأخرنا كثيراً»، وقال: «أتحدى أي أحد أن يستطيع عمل ما ننجزه خلال عشر سنوات وليس عامين. نحن لا نكذب على المصريين ونريد إرسال رسالة إلى المصريين مفادها أننا نعمل للغد لمستقبل أطفالنا، لبناء البلاد الذي لن يأتي إلا بالجهد والعرق والأمانة». ووعد ب «إطلاق مزيد من المشاريع خلال الشهر المقبل»، وقال: «نتحدث عن جزء صغير من مصر وهناك مناطق أخرى جار العمل بها وهذا تحدي التحدي. نحن حريصون على إطلاق التنمية في كل المناطق. عندما نتحدث عن تنمية محور قناة السويس، ستجدون غداً إطلاق مشروع استصلاح مليون ونصف مليون فدان، من منطقة الفرافرة، وأول نموذج للريف المصري الحديث، وهناك عمل أنجِز على الأرض. وستكون مدينة الفرافرة الجديدة التي سيجري افتتاحها خلال أيام، نموذجاً لمشروع مليون ونصف فدان. أقول هذا الحديث لزرع الأمل في نفوس الناس، ونحن مصرون على بناء بلدنا». وأضاف أن هناك «مشروعاً لشبكة طرق بامتداد 5 آلاف كيلومتر، جرى الانتهاء من المرحلة الأولى وسنعمل لإنجاز المرحلة الثانية منه، حتى تكون لدينا بنية أساسية لدولة محترمة تساعد على الاستثمار الحقيقي وإعطاء فرص العمل لشبابها، ونتحدث عن إنشاء مطارات جديدة، حتى تكون لدينا بنية حقيقية لدولة تحترم نفسها». وتناول أزمة الأمطار التي أغرقت محافظتي الإسكندرية والبحيرة، مشيراً إلى أن الحكومة اتخذت إجراءات عاجلة لمعالجة تلك الأزمة، وهناك خطة ستنتهي خلال عامين ونصف عام لإنهاء إشكاليات الري والصرف في الدلتا بكاملها. ولفت إلى «تدخل الحكومة للجم ارتفاع الأسعار، وكثر من رجال الأعمال والموردين للسلع تجاوبوا مع خفض الأسعار، لكننا نعمل لاستمرار تلك الإجراءات واستمرار ضبط الأسعار في المستقبل». وخاطب السيسي رجال الأعمال في مصر، قائلاً: «أتلقى رسائل عن مخاوف لدى رجال الأعمال، لماذا هذا القلق والتشكك؟ هذا الحديث ليس دقيقاً والهدف منه عرقلتكم بعيداً من مشاركة حقيقة في التنمية في مصر. لا يمكن أحداً فعل أي شيء تجاهكم إلا بالقانون وهذه رسالة واضحة. ولا يليق بأي جهاز من أجهزة الدولة مخالفة القانون، ولدينا برلمان قادم سيحاسبنا كلنا». وأضاف «هذه الشكوك ليس لها أي أساس من الصحة». إنتاج الكهرباء من محطة نووية في 2024 أعلن رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل أمس أن من المقرّر أن تبدأ بلاده توليد الكهرباء من أول وحدة في محطة نووية تضم أربعة مفاعلات بحلول عام 2024. وتأتي تصريحات إسماعيل بعد تسعة أيام من توقيع مصر اتفاقاً مع روسيا لبناء المحطة النووية التي تهدف إلى تغطية احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء. وكانت مصر أعلنت في 19 الجاري أن روسيا ستمدّد قرضاً لها لتغطية تكاليف بناء المحطة النووية في منطقة الضبعة في الصحراء الغربية، والتي يتوقع أن تُنجز بحلول عام 2022. وتدرس مصر بناء المحطة النووية في الضبعة منذ ثمانينيات القرن الماضي. وقال إسماعيل في كلمة تلفزيونية أثناء إطلاق إشارة البدء في مشروع تنمية منطقة قناة السويس: «تصل الطاقة الإنتاجية للمفاعل الواحد إلى 1200 ميغاواط، ومخطط تنفيذ المحطة ودخول الوحدة الأولى الخدمة عام 2024». ولم تُعرف كلفة بناء المحطة. لكن الرئيس عبدالفتاح السيسي قال خلال حفل توقيع الاتفاق إن بلاده ستسدد القرض لروسيا على مدى 35 عاماً من عائدات الكهرباء التي ستنتجها المحطة. وأضاف إسماعيل أن العمر الافتراضي للمحطة يتجاوز 60 عاماً. وتسعى مصر، التي يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة، إلى تنويع مصادرها من الطاقة في ظل احتياجاتها المتزايدة للكهرباء.