اعتبر السفير الفرنسي لدى السعودية برتران بيزانسون الحادث الإرهابي الذي شهدته بلاده أخيراً «مؤلماً لكن مرتكبيه لن يفلحوا في تغيير القيم الفرنسية، أو إفساد علاقاتنا المميزة مع العالم الإسلامي مثلما يأمل داعش الإرهابي الذي جعل من أي فرنسي هدفاً ظناً منه أن ذلك سيؤدي إلى صدام حضارات». وأضاف أن «من حسن حظ الجميع أن الفرنسيين مدركون للفرق بين التنظيم المتطرف والدين الإسلامي والمسلمين الذين يمثلون الشريحة الكبرى ممن دفع ثمن تصرفات داعش». وأكد بيزانسون في حديث إلى «الحياة» أن «داعش سيفشل في نهاية المطاف لأن الناس لن يؤمنوا بما يحاول إقناعهم به، فالدول الإسلامية كانت أول من دان الإرهاب في، ولن يجد التنظيم من يناصره في فرنسا، حتى بين المسلمين الفرنسيين». ونفى أن يكون هناك توجه للربط بين اللاجئين والإرهاب في أوروبا، «حتى وإن كان أحد المتورطين في إرهاب باريس قدم إليها بصفته لاجئاً»، ودعا إلى «التعاطي مع مسببات الإرهاب، وعلى رأسها بشار الأسد، إذ خلص اجتماع فيينا أخيراً إلى أنه ما من وسيلة يمكن بها هزيمة الإرهاب في سورية والعراق والأسد على رأس السلطة». وأكد أن «بطش الأسد دفع بعض السوريين إلى الإذعان لداعش، ليس إيماناً بأيديولوجيته، وإنما بحثاً عن ملاذ آمن لأنهم لم يجدوا من يحميهم». وتابع أن «الضربات الجوية لا بد من إسنادها بقوات على الأرض، ولذلك تعمل فرنسا مع السعودية لدعم الشجعان الذين يحاربون على الأرض السورية». ورداً على سؤال عن انضمام بعض مواطني الدول الأوروبية إلى «داعش»، قال إن التنظيم «منتشر في العالم كله، يضرب في السعودية ومصر وفرنسا ودول أخرى. إن عناصره لديهم مشكلات نفسية يصعب شرح أسبابها، ولكنهم ضد النظام بغض النظر عما هو هذا النظام. وهدفهم واضح وهو خلق نظام فوضوي همجي، كما أن أهدافهم التدميرية تشمل الدول العربية والإسلامية، وفي فرنسا تعيش أكبر جالية مسلمة في أوروبا منهم فرنسيون مسلمون، غاية في الانتماء والولاء لبلدهم فرنسا، إلا أنه من وجهة نظر داعش يمكن استدراج مسلمي فرنسا للمشاركة في الإرهاب، هم لا يعرفون أن المسلمين الفرنسيين يرفضون كل أنواع العنف في شكل مطلق. صحيح أنه يمكن أن يكون بعض الأشخاص مجانين بتفكيرهم، كما يحدث في كل المجتمعات، ولكن عندما نشهد رد الفعل من المسلمين الفرنسيين، وإدانتهم واستنكارهم الهجمات الإرهابية، وإسماع الجميع عبارات صادقة وقوية ضد الإرهاب، هذا يؤكد أن انتماءهم وعشقهم لبلدهم فرنسا يحتم عليهم الدفاع عنها». وتابع أن رد الفعل ما زال إيجابياً تجاه «اللاجئين»، مضيفاً: «بالنسبة إلى المأساة التي ضربت فرنسا، نعرف بوضوح الآن أن أحد الإرهابيين وصل لاجئاً، وهي الحالة الإرهابية الوحيدة حتى الآن، وتجدر الإشارة إلى أنه ليس من المهم وضع معايير جديدة لمنع قدوم اللاجئين، لكن المهم مراقبة تدفق القادمين إلى أوروبا، وهناك اجتماعات متواصلة لمنح هؤلاء اللاجئين ظروفاً وحياة أفضل، وهو أمر طبيعي». وزاد إن «جنود داعش المقدر عددهم بنحو 30 ألفاً، ليست وحدها المشكلة فهم أيضاً يسيطرون على النفط وينشطون في تجارة الأسلحة ويعبثون بالمقتنيات الثقافية في المناطق التي يسيطرون عليها. وعلينا أن نضع في الاعتبار أن بعض السكان الذين لا يجدون من يحميهم يذعنون، ظناً منهم أنه الوحيد القادر على حمايتهم في مناطقهم من إرهاب نظام بشار الأسد».