في الوقت الذي واجهت فيه العائلات الفرنسية بشكل عام صعوبات في تفسير الاعتداءات الارهابية التي شهدتها باريس لاطفالها، كان الأمر أكثر صعوبة للعائلات المسلمة. لذا خصصت صحف فرنسية موجهة للأطفال عددها الذي صدر أمس (الثلثاء) لنقل وجهة نظر الاطفال المسلمين، بعدما سببت الأحداث بعض المضايقات للمسلمين في البلاد. وأشارت صحيفة "مون كوتيديان" التي تعنى بالأطفال بين سن السادسة والعاشرة، إلى حال أيمن (تسع سنوات) الذي أعرب عن صدمته للمعاملة التي تلقاها في المدرسة بعد الاعتداءات، قائلاً إنه "عندما وصلت إلى المدرسة يوم الاثنين الماضي (عقب الاعتداء)، بعض الاصدقاء عاملوني على انني إرهابي"، مضيفاً أنه تحدث إلى معلمته التي بدورها "أكدت لزملائي أن كون الشخص مسلماً لا يجعله إرهابياً". ونقلت "هيئة الاذاعة البريطانية" (بي بي سي) عن المحرر في "مون كوتيديان"، فرانسوا دوفور قوله إن "اولياء الأمور والمعلمين أشادوا بما قامت به الصحيفة، قائلين: احتجنا لذلك لنفسر هذه الاحداث التي يصعب تفسيرها لاطفالنا"، مؤكداً في الوقت نفسه استلامه 10 رسائل من عائلات مسلمة انتقدت بعض جوانب ما قامت به الصحيفة. وأضاف أن الرسائل انتقدت مساواة المسلمين بالمهاجمين، "لأن المهاجمين ليسوا مسلمين، لكنهم يستعملون الاسلام. فبعضنا يعتقد بتطبيق صارم للإسلام، لكن هذا لا يجعلنا إرهابيين"، ما دفعه إلى دعوة القراء المسلمين للتعبير عن مشاعرهم وتجاربهم خلال الايام العشرة التي تلت الاعتداءات الارهابية، موضحاً في الوقت نفسه أن الذين أبدوا رأيهم "كانوا مستائين جداً لاستعمال البعض للدين أداة للقتل". ولفت إلى أن "الاطفال صدموا لمعرفة أن بعض المهاجمين كانوا من فرنسا، ما يعني أن فرنسيين يقتلون فرنسيين آخرين". وقال الطفلة شيماء إن الاسلام يعني "عدم السرقة والتعدي على الاخرين"، فيما أوضحت أليسيا ريم أنه "بالنسبة إلي، فان الاسلام هو أعطاء الاكل والنقود للفقراء، وبناء المستشفيات لمساعدة المرضى، وأعطاء معطفي لشخص يحتاجه". ومن جهة أخرى، تحدث الأطفال الأكبر عمراً عن المشكلات التي يعيشونها بعد الاعتداءات التي شهدتها العاصمة الفرنسية، إذ قال عبد القادر (13عاماً) إنه عندما ركب المترو مع أمه المحجبة "قالت أمرأة: لا ليس الان. لكنني وأمي لم نقل شيئاً، لكن الأمر ضايقنا". وأشارعزيز إلى أن "من الممكن القول بان الجميع يعتقدون باننا إرهابيون، إذ ينظر إلينا الناس في شكل مختلف في الشوارع. فهم غير مرتاحين. أشعر بانهم يخافون منا لانهم قد يعتقدون باننا قد نقوم بالاعمال نفسها لاننا عرب مسلمون". وأوضح عثمان (17 عاماً) أن "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يستعمل الكره الذي يشعر به الناس ويقويه. داعش يستثمر العنصرية الموجودة في فرنسا والانقسامات المجتمعية والاسلاموفوبيا"، موضحاً أن احد أسباب عدم إندماج الفرنسيين من أصل مسلم في البلاد يكمن في إنهم يعيشون في إماكن فقيرة. وكان اعتداءات استهدفت ستة مواقع في باريس وتبناها تنظيم "داعش"، محدثة الصدمة الثانية في المدينة خلال أقل من سنة، بعد هجومين دمويين على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة ومتجر لبيع اللحوم والمنتجات المخصصة للطائفة اليهودية في كانون الثاني (يناير) الماضي، قتل فيهما 18 شخصاً.