هاجم مسلحون قبل ظهر أمس مقر صحيفة "شارلي ايبدو" الاسبوعية الساخرة في باريس في اعتداء غير مسبوق أوقع 12 قتيلاً و11 جريحاً ودفع فرنسا الى رفع مستوى الانذار في العاصمة وضواحيها الى الحد الاقصى. والهجوم الأكثر دموية في فرنسا منذ 40 عاماً على الأقل ولقي استنكار مختلف قادة العالم، يوحي بانه ارتكب بدافع الانتقام من الصحيفة التي توعد الاسلاميون المتطرفون بمعاقبتها إثر نشرها في 2006 رسوماً اعتبرت مسيئة للرسول الكريم. ووصف الرئيس الفرنسي هذه "المجزرة" بأنها "وحشية بصورة استثنائية" داعيا الفرنسيين الى "الوقوف صفا واحدا". وأعلن النائب العام للجمهورية الفرنسية فرنسوا مولان مساء الأربعاء أن الاعتداء أوقع 12 قتيلاً بينهم ثمانية صحافيين و11 جريحا بينهم اربعة في حال الخطر. وأوضح في تصريح صحافي أن المهاجمين كانوا يصرخون "الله اكبر" وأنهم "اكدوا انهم اردوا الانتقام للنبي محمد"، في اشارة الى الرسوم التي نشرتها الصحيفة واعتبرت مسيئة لرسول الإسلام. هولاند يدعو الفرنسيين إلى الوقوف صفاً واحداً ويعلن الحداد الوطني وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام وقد فاجأ المهاجمون أسرة تحرير الجريدة أثناء اجتماعها وتمكنوا من القضاء على معظمهم وبينهم كبار رسامي الكاريكاتور الاربعة شارب وكابو وولينسكي وتينيوس الاكثر شهرة في فرنسا. وقتل المهاجمون كذلك شرطيين أحدهما باطلاق النار عليه من مسافة قريبة. ووصل الرئيس هولاند بسرعة الى مقر الصحيفة حيث اعرب عن ادانته "للاعتداء الارهابي" الذي وصفه بانه "وحشي" ودعا الى "الوحدة الوطنية". واعلن عن تنكيس الاعلام في الاليزيه وفي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. ولم تعرف بعد وجهة او هوية المهاجمين الذين نجحوا في الهرب وهم "ثلاثة مجرمين" وفق وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف. ونقلت الشرطة عن احد الناجين من الهجوم ان المهاجمين ظهروا في قاعة اجتماع اسرة تحرير الصحيفة وهم يصرخون "انتقمنا للنبي محمد (...) الله اكبر". وأظهر شريط فيديو التقط بعد الهجوم مباشرة على بعد عشرات الأمتار من مقر "شارلي ايبدو" في شرق باريس رجلين مسلحين ببنادق رشاشة يخرجان من سيارة ويقتلان رجل شرطة باطلاق النار على رأسه، ثم يهربان وهما يهتفان مجددا "انتقمنا للنبي محمد". وكان المهاجمون ملثمين ومسلحين ببنادق "كلاشنيكوف أو إم 16" كما قال احد السكان الذي قال انه ظن في البداية انهم من "القوات الخاصة التي تلاحق مهربي مخدرات. الأمر أشبه بفيلم سينما". وبعد اجتماع ازمة للحكومة. وقال رئيس الوزراء مانويل فالس الذي رفع خطة مكافحة الارهاب "فيجيبيرات" الى الحد الاقصى، وهو "الانذار من وقوع هجمات"، في عموم منطقة باريس، ان "فرنسا أصيبت في القلب". وسرعان ما تعزز انتشار الشرطة في شوارع العاصمة حيث وضعت كافة مقار وسائل الاعلام والمتاجر الكبرى التي تشهد اقبالا كبيرا يوم أمس بمناسبة بدء التنزيلات الشتوية وأماكن العبادة والمدارس ووسائل النقل تحت "الحماية المعززة". وكانت الاسبوعية الساخرة تلقت عدة تهديدات منذ ان نشرت الرسوم الكاريكاتورية للرسول الكريم العام 2006. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2011 أحرق مقر الصحيفة في ما اعتبرته الحكومة الفرنسية آنذاك "هجوماً متعمداً". وقال شاهد يعمل في مكتب مقابل مقر "شارلي ايبدو" انه رأى "جثثا ممدة على الارض، غارقة في برك من الدماء، وجرحى في حال خطرة". وقال ميشال غولدنبرغ الذي يوجد مكتبه في الشارع نفسه "سمعت اطلاق نار ورأيت ملثمين يهربون في سيارة". بعد مغادرة مقر الصحيفة، صدم المهاجمان سيارة في شمال شرق باريس، واحد المارة، وفق الشرطة. وقال شخص آخر يعمل في شارع الصحيفة ل"فرانس برس" أنه سمع "نحو ثلاثين طلقة خلال عشر دقائق". وافادت مصادر في الشرطة الفرنسية ان طريقة تحرك المهاجمين وهدوءهم وتصميمهم الظاهر، انما تكشف عن انهم تلقوا تدريبا عسكريا عاليا. ويبدو المسلحون في الصور التي التقطها اشخاص كانوا في المكان وهم يتصرفون بمهنية عالية ويشنون هجوماً خطط له بدقة، حسب ما افاد عضو سابق في جهاز لحماية الشخصيات وشرطي سابق في الشرطة القضائية. مسعفون يحملون أحد المصابين في الهجوم (رويترز) وقال الرئيس هولاند "ستتم ملاحقة الفاعلين حتى توقيفهم وسيحالون أمام القضاء وتتم ادانتهم"، مؤكدا ان هذا الهجوم يشكل "صدمة" بالنسبة لفرنسا. واضاف "في مثل هذه الاوقات، علينا ان نقف صفا واحدا، وان نبرهن اننا بلد موحد". وأعلن الحداد الوطني ليوم واحد وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام بدءاً من اليوم. واستنكر عدد كبير من القادة الاجانب الهجوم ولا سيما المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي وصفته بانه "حقير" ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون الذي وصفه بانه هجوم "ارهابي (...) شنيع". ودان باراك اوباما الهجوم "المروع" واكد البيت الابيض "تضامنه" مع عائلات الضحايا. كما دان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "الارهاب بكافة اشكاله". ودان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الهجوم "المروع والخسيس" ووصفه بانه هجوم على الاعلام وحرية التعبير.