يساعد الشمول المالي على الإدارة الأفضل للمداخيل وعلى تكوين مستهلكين أكثر مسؤولية ووعياً والتزاماً مالياً، فيما لا تزال مجتمعات كثيرة خصوصاً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير مشمولة بالخدمات المالية والمصرفية. لذا شكّل هذا الموضوع محور المؤتمر المصرفي العربي السنوي بعنوان «خريطة طريق للشمول المالي» الذي افتتح أعماله في فندق «فينيسيا» في بيروت أمس برعاية رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، ونظّمه اتحاد المصارف العربية. وأعلن رئيس الاتحاد محمد بركات، أن اختيار «الشمول المالي» عنوان لهذا المؤتمر، يستكمل ما بدأناه منذ أكثر من خمس سنوات، مواكبة للاهتمام الدولي الذي اعتبر منذ العام 2003 بأن الحقيقة القاسية، هي أن غالبية فقراء العالم لا يزالون يفتقرون إلى الخدمات الأساسية والمستدامة، سواء كان الادخار أو الحصول على الائتمان أو التأمين». ولفت إلى أن «أصول القطاع المصرفي العربي تخطت 3.23 تريليون دولار حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، بزيادة 6 في المئة على نهاية عام 2014. فيما بلغت الودائع 2.06 تريليون دولار والقروض 1.62 تريليون». وأكد أن «الفرص الاقتصادية ترتبط بقوّة بإمكان الوصول إلى الخدمات المالية، الذي يؤدي إلى آفاق بناء المدخرات والحصول على الائتمان والاستثمار، وبالتالي توفير فرص العمل وزيادة مستويات المعيشة». وأشار رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، إلى دراسات تفيد بأن «38 في المئة من البالغين في العالم أي نحو بليوني نسمة لا يزالون خارج الأنظمة المصرفية، وتوجد غالبيتهم في دول جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي يعتبر بعضها الأقل شمولاً مالياً في العالم». ولفت إلى «نحو 75 في المئة من الفقراء لا يتعاملون مع المصارف بسبب ارتفاع التكاليف وبعد المسافات والمتطلبات المرهقة لفتح حساب مالي». لذا رأى أن «فرص نشر الشمول المالي في العالم العربي لا تزال كبيرة خصوصاً بين النساء والفقراء». وأكد أن من شأن تعميم الخدمات المالية «المساعدة على تكوين مستهلكين أكثر مسؤولية ووعياً والتزاماً مالياً». وشدد على أن التثقيف المالي «يبدأ في المدارس كي يؤمّن للنشء الجديد التعليم المالي، وسيكون للتكنولوجيا الرقمية دور أساس في تسريع عجلة الشمول العالمي للخدمات المالية». واعتبر الرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربية عدنان القصّار، أن الشمول المالي «مهم جداً» لعالمنا العربي، لافتاً إلى أن «مؤشراته لا تزال بعيدة مما نطمح إليه، وتعتبر معدلاتها من الأضعف بين مناطق العالم وفق البنك الدولي». ولاحظ وجود «تفاوت كبير بين الدول العربية، حيث تتجاوز مؤشرات الشمول المالي في الدول الغنية المعدل العالمي وتفوق الدول العربية الأخرى بأكثر من 3 أضعاف». لذا شدد على «مسؤولية المصارف العربية عن تعزيز هذه المؤشرات، بكل الجوانب المتصلة بالادخار والائتمان والتأمين، والتي تمثل حاجة ملحة للاستقرار». وأكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، أن الشمول المالي «ينطلق من إيجاد ثقة في القطاع المالي والنقد الوطني». ولفت إلى «تجاوز عدد المقترضين في لبنان 800 ألف، فضلاً عن مئة ألف قرض سكني و50 ألفاً للتعليم». وأشار إلى «إصدار قرارات متكاملة تتعلق برزمات حافزة للتسليف بلغت 5 بلايين دولار حتى اليوم، وفّرت النمو في ظروف صعبة للبنان والمنطقة». وشدد سلامة على أن «الليرة اللبنانية مستقرة وستبقى مستقرة، وأن كل الإشاعات التي سرت في الماضي، خصوصاً في الشهر الأخير، هي إشاعات لم تُترجم في الأسواق وأصبحنا معتادين عليها». وأكد أن «إقرار الحكومة ومجلس النواب أربعة قوانين مهمة للقطاع المالي، يسمح للبنان ببقائه منخرطاً بالعولمة المالية». وشدد على أن القطاع المصرفي «سليم وبلغت نسبة الملاءة فيه 12 في المئة وأكثر وفق «بازل 3»، ونهدف إلى الوصول لملاءة نسبتها 15 في المئة». وشدد سلامة على أن «ملاءة الدولة جيدة»، وقال «صحيح أن الدَين العام مرتفع وهو يشكل 140 في المئة من الناتج، لكن إذا حذفنا منه ما هو مملوك من مصرف لبنان، تكون هذه النسبة أقلّ من 100 في المئة». وأعلن أن الأسواق «تتعايش مع هذا الدَين، إنما تطالب بالسيطرة على العجز السنوي، وهذا ما نأمله لدى تحسن الوضع السياسي». وتوقع أن «تزيد الودائع بنسبة 5 إلى 6 في المئة هذه السنة».