أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، أن «الأوان حان لتكون للقطاع المصرفي العربي كلمة في تصنيف نفسه عبر مؤسسة تصنيف عربية، وأن تعمل المصارف على إنشاء مصرف عربي مشترك يموّل النشاطات الإنمائية ما يخفف التمويل الأجنبي للمشاريع العربية». واعتبر ميقاتي في كلمة خلال غداء أقامه تكريماً للمشاركين في المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية في السراي الكبير، أن «التحولات في العالم العربي انعكست في شكل مباشر وغير مباشر على أكثر النشاطات الاقتصادية وفي شكل أقل على القطاع المصرفي، إذ أتقنت مؤسساته سبل التعامل مع الأزمات». ودعا القطاع إلى «الاستعداد لإعادة إعمار ما دمرته الحروب». ولفت إلى أن القطاع المصرفي اللبناني «لا يزال يتمتع بنمو جيد، واستطاع القطاع المالي على رغم تداعيات الأحداث الخارجية واستمرار الأزمات السياسية ضمان الحد الأدنى من النمو». وشدد على أن فرص الاستثمار في لبنان «لا تزال متاحة في شكل مغرٍ»، لافتاً إلى أن الإصلاحات المطلوبة «ليست مستحيلة». ورأى أن «المرحلة عصيبة جداً ومثقلة بالأخطار وتتطلب أقصى درجات الوعي والتبصر». وكان المؤتمر المصرفي العربي السنوي لهذه السنة افتتح أعماله في بيروت بعنوان «التداعيات الاقتصادية للتحولات العربية، الإصلاحات ودور المصارف»، برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان ممثلاً بوزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال نقولا نحاس، بالتعاون مع مصرف لبنان المركزي وجمعية مصارف لبنان والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية. بركات وطربيه واعتبر رئيس الاتحاد محمد بركات، أن «التحولات في بعض دولنا العربية تؤثر سلباً في النمو الاقتصادي في المنطقة العربية المتوقع انخفاض متوسطه من 3.9 في المئة عام 2012 إلى 3.3 في المئة العام الحالي، استناداً إلى تقديرات صندوق النقد الدولي، والمرجّح تراجعه أيضاً في حال استمرار الأوضاع السلبية». ولكنه شدّد على أن المصارف العربية «حافظت على قوة مراكزها المالية، إذ بلغت موجوداتها نحو 2.61 تريليون دولار نهاية العام الماضي بنمو 8 في المئة عن عام 2011، وودائعها 1.61 تريليون والقروض 1.42 تريليون». ولم يستبعد «تخطي الموجودات 2.7 تريليون دولار هذه السنة بنمو 3.10 في المئة». ودعا إلى «إزالة أو تخفيف العقبات أمام الاستثمارات والتجارة البينية وحركة العمال بين الدول العربية وتعزيز المصالح المشتركة والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي». واعتبر رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، أن التحولات في المنطقة «أفضت في بلدان الاضطرابات إلى تفاقم حجم التحديات الاقتصادية والتنموية التي كانت قبل الأحداث»، معلناً أن «الكلفة الاقتصادية لما يحصل كبيرة جداً، ما يضعنا أمام تحديات مصيرية تتطلب ضرورة الضغط لإنهاء النزاعات القائمة». ورأى أن «الفرصة تبرز أمام مصارفنا العربية في صوغ دور جديد لها، لأن انتهاء الأحداث والوصول إلى تسويات سياسية عادلة سيخلق فرصاً استثمارية ضخمة». وكشف أن لبنان «دفع غالياً ثمن الاضطراب الإقليمي وتلكؤ المجتمع الدولي عن تقديم الدعم الكافي له وللنازحين على أراضيه»، مرجحاً أن «تصل الخسائر التراكمية للاقتصاد اللبناني بفعل الأزمة السورية إلى 7.5 بليون دولار نهاية عام 2014، استناداً إلى تقديرات البنك الدولي». لكن على رغم ذلك، أكد أن لبنان «أظهر «تماسكاً في وجه الإعصار الحاصل». باسيل والقصار وتحدث رئيس جمعية مصارف لبنان فرنسوا باسيل، عن القطاع المصرفي اللبناني، الذي بلغت «مطلوباته/ موجوداته 160 بليون دولار نهاية أيلول الماضي أي بزيادة 7 في المئة على أساس سنوي، ووصلت الودائع إلى 131 بليون دولار بارتفاع تجاوز 5 في المئة وبنمو سنوي 7 في المئة». وأشار إلى أن «معدل الملاءة المثقّل بأوزان الأخطار بلغ 13 في المئة محتسَباً على أساس اتفاق «بازل - 2» حتى نهاية العام الماضي، علماً أن المستوى المطلوب عالمياً لا يزال 8 في المئة». أما قيمة التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم «فبلغت 47 بليون دولار، بزيادة 6 في المئة وتفوق 8 في المئة على أساس سنوي». وذكر أن «الربحيّة مستقرة في شكل ملحوظ». وشدد رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية عدنان القصار، على «الثقة في قدرة المصارف العربية على جبه التحديات العربية والدولية»، مشيراً إلى أن موجوداتها تخطت 3 تريليونات دولار». واعتبر أن «تيسير التمويل للاستثمارات العربية خصوصاً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لخلق المزيد من فرص العمل والقيمة المضافة للاقتصادات العربية يبقى هاجسنا والهدف». سلامة ونحاس وأكد حاكم «مصرف لبنان» (المركزي) رياض سلامة، أن السندات اللبنانية المصدرة بكل العملات «أظهرت مناعة تجاه الاضطرابات الإقليمية وبقيت أسعارها مستقرة عكس ما حدث في أسعار الأوراق المالية المصدرة من الدول الناشئة منذ تموز (يوليو) الماضي». وأعلن أن مصرف لبنان «باع 2.8 بليون دولار من محفظته التي تحتوي على سندات يوروبوند صادرة عن الدولة اللبنانية بالدولار». وكشف عن «إقبال مؤسسات غير لبنانية من خلال هذه العملية التي جرت في أيلول وتشرين الأول (أكتوبر) الماضيين، في حين رفعت مؤسسة «جي بي مورغان» الحصة المخصصة للبنان في مؤشرها للأسواق الناشئة إلى المستوى المخصص أصلاً للبنان، بعدما كانت تنصح بحصة أقل ما يعود للبنان في مؤشرها». وعزا خفض «ستاندرد أند بورز» تقويم لبنان إلى «الأوضاع السياسية (الداخلية) وتأثير الأزمة السورية في مالية الدولة». وربط خفض تقويم بعض المصارف ب «النظرة إلى الأخطار السيادية وليس نتيجة أعمالها أو وضعيتها». وأوضح أن «الأسواق تعرف ذلك لذا لم يؤدِّ هذا الخفض إلى نتائج سلبية في السوق المالية». واعتبر أن ذلك «لا يعني ألاّ نتحرّك ونبادر إلى إلغاء أو خفض الأخطار السياسية الناجمة عن عدم تشكيل حكومة قادرة على تطبيق إصلاحات تخفّض مجدداً نسب العجز على الناتج المحلي الذي ارتفع مجدداً في الفترة الأخيرة من 135 في المئة إلى 140 في المئة». وشدد نحاس على أن التطورات في المنطقة «تحمل أيضاً فرصاً واعدة لشعوبنا ودولنا في اتجاه تحولات تبقي إيجابيات المرحلة الماضية». وحدد وقائع صعبة «لا بد من أخذها في الاعتبار». وأكد أن التصدي لذلك يكون «من طريق تعزيز مستوى التعليم وجعله يتلاءم مع متطلبات السوق، وتطوير البنية الاقتصادية المنتجة بالاشتراك الوثيق مع القطاع الخاص، وتطوير مقومات بناء المؤسسات الإدارية العامة، وفرض مبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة والمحاسبة والشفافية».