يشن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعد سيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي في سورية والعراق، حملة لتدمير التراث الثقافي والإرث الحضاري في هذين البلدين لاعتقاده بوثنيتها. ويستهدف مسلحو التنظيم المتطرف المواقع التاريخية، مثل القصر الآشوري الشمالي الغربي القديم في نمرود في محافظة نينوى العراقية، ومتحف مدينة الموصل في العراق، ومعبدي بعل شمين وبل في مدينة تدمر السورية القديمة التي نهبت ودمرت جميعها. وفي محاولة للمحافظة على مثل هذه الآثار، يعمل فريق من "معهد الآثار الرقمية" الذي تقوم عليه جامعتا "هارفارد" الأميركية و "أكسفورد" البريطانية، على مشروع لاستخدام التكنولوجيا لهذا الغرض. ويهدف المشرع إلى إنشاء سجل بيانات مفتوح المصدر لصور عالية الوضوح، ورسوم توضيحية ثلاثية الأبعاد لأشياء مثل وثائق أوراق البردي والوثائق الورقية والنقوش والتحف الصغيرة. وشرع المعهد في ما أسماه "سجل المليون صورة" في أوائل عام 2015، لجمع مثل هذه الصور، من طريق متطوعين ميدانيين. ويقوم فريق تقني بقيادة الباحث في مجال المغناطيسية في جامعة "أكسفورد" آليكسي كارينوفيسكا، على تطوير آلة تصوير ثلاثية الأبعاد لهذا المشروع. وأعد "معهد الآثار الرقمية" و "منظمة الأممالمتحدة للعلم والتربية والثقافة" (يونيسكو) قائمة بغالبية المواقع المهددة. وجمع المدير الميداني في المعهد بن ألتشولر، "جيشاً" من موظفي المتاحف وأعضاء جمعيات الآثار وعلماء الآثار، للمساعدة في المشروع من طريق الوصول إلى هذه المواقع وتوثيقها بالصور قبل أن يدمرها التنظيم المتطرف. ويراعي المتطوعون احتياطات مشددة. من ذلك مثلاً وجود فترة ملزمة مدتها ثلاثة أشهر بين وقت التقاط الصور والوقت الذي تنشر أو تبث فيه، ما يجعل من الصعب التأكد من معرفة مكان المصور. ويقدر عدد آلات التصوير الموجودة في الميدان بنحو ألف، يُعتزم زيادتها إلى خمسة آلاف مع نهاية العام. وتقول الباحثة في جامعة بنسلفانيا كاثرين هانسون، أن "فقدان الأطلال في مواقع مثل تدمر في سورية، ونمرود في العراق، قد يكون له تأثير كبير في السكان في المنطقة، لذلك، فإننا وإن لم نستطع استعادة تدمر الأصلية، فإن المواقع القديمة ستظل، بفضل عمل معهد علم الآثار الرقمية، موجودة بصورة ما، يسهل وصول الناس إليها".