هاجم عناصر تنظيم «داعش» المتطرف مجدداً أحد الكنوز الأثرية العالمية وفجروا معبد بعل شمين الشهير في مدينة تدمر الأثرية الواقعة في وسط سورية والمدرجة على لائحة التراث العالمي، وسط تضارب الأنباء عن موعد تفجير الموقع الأثري، في وقت شن الطيران السوري غارات على القريتين الخاضعة لسيطرة «داعش» في ريف حمص. ونددت المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) إيرينا بوركوفا بقيام التنظيم بتدمير معبد بعل شمين، واعتبرت ذلك «جريمة حرب». وقالت في بيان إن «هذا التدمير جريمة حرب جديدة وخسارة جسيمة للشعب السوري والإنسانية»، مضيفة: «تجب معاقبة مرتكبيها على أفعالهم». وكان التنظيم الذي سبق أن دمر العديد من الكنوز الأثرية في العراق، احتل في أيار (مايو) الماضي تدمر ما أثار مخاوف «يونسكو» والمجتمع الدولي في شان مصير كنوز هذه المدينة الأثرية التي تلقب ب «لؤلؤة الصحراء». وقال المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم لوكالة «فرانس برس»: «فخخ تنظيم داعش بكمية كبيرة من المتفجرات معبد بعل شمين قبل أن يفجره»، مضيفاً أنه «تم تدمير جزء كبير من المعبد». وأوضح أن التفجير أدى إلى «دمار الجزء المغلق من المعبد وانهيار الأعمدة المحيطة به». وبدأ بناء المعبد عام 17 ثم جرى توسيعه في عهد الإمبراطور الروماني هادريان عام 130. وبعل شمين هو إله السماء لدى الفينيقيين. وهو أهم معبد بعد معبد بل، وفق متحف اللوفر في باريس. وأضاف عبد الكريم أن «أسوأ توقعاتنا للأسف بصدد التحقق». وتابع أن المتطرفين «نفذوا إعدامات في المسرح الأثري، دمروا في شهر تموز (يوليو) تمثال أسد أثينا الشهير الذي كان موجوداً عند مدخل متحف تدمر، كما حولوا المتحف إلى محكمة وسجن، وأعدموا أخيراً المدير السابق لآثار المدينة خالد الأسعد». وبعد أن سيطر على تدمر في 21 أيار أعدم تنظيم «داعش» داخل المدينة وخارجها أكثر من 200 شخص بينهم عشرون تم اغتيالهم في المتحف الأثري. من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن مصادر موثوقة أكدت أن «داعش فجر معبد بعل شمين في مدينة تدمر الأثرية بعدما قام عناصره بتفخيخه بكميات كبيرة من المتفجرات، حيث يقع المعبد على بعد عشرات الأمتار من المسرح الروماني». وأبلغ سكان تمكنوا من الخروج من المدينة، «المرصد» أن عملية تفجير المعبد جرت قبل نحو شهر. وقبل أقل من أسبوع، اغتال التنظيم المتطرف بوحشية المدير السابق للآثار في مدينة تدمر خالد الأسعد (82 عاماً) المعروف في العالم بأسره بخبرته بهذا الموقع الأثري الفريد. وقال محمد نجل الأسعد الأحد: «قال لي سكان بالمدينة إن تنظيم الدولة قطع جسد والدي بعد أن علقه مدة يوم في عمود». وأضاف: «كان والدي يردد: سأموت واقفاً مثل نخل تدمر». ونددت فرنسا والولايات المتحدة و «يونسكو» بعملية الاغتيال «الوحشية» التي نفذها «برابرة». وكانت «يونسكو» نددت في الثالث من تموز بتدمير آثار تدمر. وقالت مديرة المنظمة إيرينا بوكوفا، إن «تدمير تماثيل نصفية مصدرها تدمر في ساحة عامة أمام جمهور وأطفال تتم دعوتهم الى تخريب تراثهم ، يشكل مشهد شر تقشعر له الأبدان». ودمر تنظيم الدولة الذي يحتل مناطق واسعة من العراق وسوريا، في نيسان (أبريل) في العراق مدينة النمرود الأثرية مستخدمين جرافات وفؤوساً ومتفجرات. كما خربوا أيضاً مدينة الحضر الرومانية ومتحف الموصل في شمال العراق. وبحسب الأممالمتحدة، فقد تعرض أكثر من 300 موقع أثري سوري للدمار أو النهب خلال النزاع في سورية المستمر منذ أكثر من أربع سنوات. وقال «المرصد السوري» إن الطيران الحربي شن عشر غارات على مناطق في مدينة القريتين التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» ومحيطها، ما أدى لأضرار مادية، في حين تعرضت مناطق في قرية الوضيحي ومحيط حقل جزل النفطي في ريف حمص الشرقي لقصف جوي حيث يشهد محيط منطقة جزل منذ أشهر اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر. وكان «داعش» فجر ديراً في القريتين التي يسيطر عليها «داعش». في دير الزور، قال «المرصد» إن «داعش» أبلغ ذوي سيدة في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، أن التنظيم أعدمها في مدينة القائم العراقية التابعة ل «ولاية الفرات» التي تضم كل من البوكمال السورية والقائم العراقية وريفيهما، وأن الإعدام تم بتهمة «السحر». وأضاف أن زوجة شقيق السيدة التي تم إعدامها، هي شقيقة قيادي في تنظيم «داعش» من الجنسية السورية، وتعمل في «الحسبة النسائية» وقامت بالإبلاغ عنها، بعد العثور على قصاصة ورقية تسمى شعبياً ب «الحجاب» تحت وسادتها. وقصفت قوات النظام مناطق في حي الحويقة الغربية في مدينة دير الزور، في حين قام التنظيم بحرق كمية من السجائر قرب دوار النادي بمدينة الميادين التابعة لدير الزور. وقالت مصادر لنشطاء «المرصد» إن التنظيم أحرق السيارة المحملة بالسجائر في المدينة، فيما نفذ عناصر من التنظيم مداهمات لمقاهي إنترنت في مدينة الميادين وبلدة ذيبان بالريف الشرقي لدير الزور، وقام العناصر بتفتيش هواتف المتصفحين المحمولة. ونفذت طائرات حربية عدة ضربات استهدفت مناطق سيطرة تنظيم «داعش» في منطقة الشدادي في الريف الجنوبي لمدينة الحسكة القريبة من دير الزور.