عندما بدأ السوري باسل خرطبيل قبل نحو عشر سنوات مشروع توثيق آثار مدينة تدمر بالتصوير الثلاثي الأبعاد، كان يهدف إلى الحفاظ على هذا الكنز التراثي وتخليده، لكن الآن وبعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على هذه المدينة وتدمير آثارها، يأمل أصحاب باسل بأن ينقذه مشروعه من سجون نظام الرئيس بشار الأسد، وأن يعيد إحياء آثار المدينة التي دمرها التنظيم. ويعرف خرطبيل باسم باسل الصفدي (34 سنة)، وهو مطور برمجيات سوري - فلسطيني. وثار الجدل مجدداً حول اعتقاله في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعدما نقل من سجن عدرا إلى مكان مجهول. وكان خرطبيل اعتقل قبل أيام قليلة من زفافه على المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان نورا غازي، فيما لا تزال التهم الموجهة إليه غير محددة. وذكر موقع "ويرد" أن مجموعة من الناشطين على شبكة الإنترنت ومختصين في الأرشفة وعلماء آثار، يخططون لإطلاق مشروع بعنوان "تدمر الجديدة"، ليكون الدفعة الأولى من ملفات ثلاثية الأبعاد مبنية على الصور التي التقطها خرطبيل لتدمر، بعد توليه مسؤولية المواقع الأثرية في 2005. ونقل الموقع عن مجموعة الناشطين قولهم إن الملفات صممت باستخدام برنامج "أوتوديسك مايا"، وهو حزمة برمجية لإنشاء الرسومات والنماذج الثلاثية الأبعاد. ودعت المجموعة من يمتلك صوراً للآثار، إلى تحميلها على موقع "كرودس سورسد" التابع لها، بهدف صناعة واحة تعمير رقمية للمدينة القديمة. وأوضح الموقع أنهم وخرطبيل يواجهون تهديدات بسبب مشروعهم من قبل أطراف الحرب السورية، وقد يضعهم في مواجهة مع السلطات أيضاً. وتقع مدينة تدمر المصنفة في قائمة التراث العالمي ل "يونسكو" بالقرب من مدينة حمص (وسط سورية) التي يسيطر عليها "داعش". ودمّر التنظيم المتطرف سلسلة من المواقع الآثرية بعدما سيطر على المدينة، بداعي أنها "أصنام". ويسعى مشروع "تدمر الجديدة" إلى إعادة بناء الآثار المهدمة رقمياً، وإلى تسليط الضوء أيضاً على مبتكر المشروع، بهدف الضغط على نظام الأسد لإطلاق سراحه من أجل إتمام المشروع. وقال المسؤول عن المشروع، وهو مطوّر لشركة البرمجيات المعمارية الرقمية، عن خرطبيل: "نريد أن نوضح للشعب السوري وللحكومة أيضاً من هو باسل". وتابع: "نريد تسليط الضوء على ما فعله من أجل سورية. لدينا أمل بأن هذا التصور سيكون له أثر إيجابي في إطلاق سراحه". ولا يعد مشروع "تدمر الجديدة" هو الوحيد الذي يسعى إلى استخدام "النمذجة الرقمية" لحفظ الكنوز التراثية في الشرق الأوسط من "داعش"، إذ أطلق معهد "أكسفورد" لعلوم الآثار الرقمية مشروعاً يعتمد على الناشطين في سورية لجمع مليون صورة ثلاثية الأبعاد باستخدام كاميرات منخفضة الكلفة، بهدف توثيق الأماكن التي لم يتم تدميرها من قبل "داعش" أو من طريق الحرب.