تراجعت وتيرة الحملات للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في السودان التي تبقّى لها 20 يوماً. وفي وقت اتجه زعماء الأحزاب إلى الولايات، خفّ النشاط في الخرطوم التي انتشرت فيها صور الرئيس عمر البشير ومرشحي حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه. ويدرس تحالف المعارضة غداً مقاطعة الانتخابات أو خوضها بعدما طالب الرئاسة بتأجيلها حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وحمل رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، المرشح للرئاسة، في شدة على حزب المؤتمر الوطني، واصفاً ممارساته بالفاسدة خلال الانتخابات. وقال إن الحزب الحاكم اتبع أساليب خاطئة ومخالفة للقوانين في ما يتعلق بتمويل حملاته الانتخابية. ورأى المهدي خلال تدشين حملة حزبه في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، أن الحزب الحاكم استخدم نفوذه في برامجه للانتخابات وحرم بقية الأحزاب من حقها القانوني. وتابع: «الفرص الإعلامية الممنوحة للأحزاب لطرح برامجها الانتخابية غير كافية وتخلو من معيار العدالة». كما انتقد المهدي ضمناً حلفاءه في حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي والاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» برئاسة سلفاكير ميارديت، ونعتهم بعدم الجدية في خوض المنافسة لتقديمهم مرؤوسيهم مرشحين للرئاسة بدل أن يترشحوا هم كما فعل هو. وقال: «لا يمكن لوكيل العريس أن يكون عريساً»، مؤكداً أنه لم يكن راغباً في الترشح للرئاسة. ورأى أن السودان يمر بمنعطف خطير يتطلب ترشيح شخصية قومية تقود البلاد إلى بر الأمان، لافتاً إلى انه من غير الممكن أن يقدّم الحزب مرؤوساً لهذا المنصب، في إشارة إلى مرشح «الحركة الشعبية» ياسر عرمان، ومرشح حزب المؤتمر الشعبي عبدالله دينق ومرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي حاتم السر. وقال المهدي إنه يسعى إلى إعادة السودان الذي «خُطف» عبر وسائل غير شرعية، مشيراً إلى أن نصيبه في العمل السياسي كله شقاء وليس سعادة. وستدرس المعارضة غداً خوض المنافسة الانتخابية أو مقاطعتها. وقال مسؤول في تحالف المعارضة ل «الحياة» إنهم سيحددون موقفهم عقب تلقيهم رداً من الرئاسة في شأن مطالبهم بإرجاء الانتخابات حتى تشرين الثاني المقبل. ونفى أن يكون موقفهم هروباً من المنافسة، موضحاً أنهم يريدون أن تكون الانتخابات مدخلاً لحل أزمات البلاد وليس تعقيدها. ورأى أن إجراء الانتخابات في ظل مشكلات أمنية في غرب البلاد وشرقها وخروق في مفوضية الانتخابات سيجعل المنافسة «مسخاً» وتكريساً للأوضاع الحالية. وتتهم المعارضة المفوضية بالفساد وإنفاق الكثير من الأموال على بند تدريب الكوادر، والسماح بتسجيل القوات النظامية الحكومية في أماكن عملها، فيما ينص القانون على أن يكون التسجيل في مكان السكن أو الإقامة. ودلت المعارضة على صحة إتهامها في هذا الشأن بأنه عندما حدث خلاف بين حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية» حول هذا الأمر زادت المفوضية 40 دائرة إضافية إلى إقليمالجنوب. وتطرح المعارضة اتهامات أخرى للمفوضية بطبع البطاقات الانتخابية بمطابع سك العملة في الخرطوم، بما يعطي الفرصة لتزويرها، واكتشاف 100 ألف بطاقة تحمل رقماً متسلسلاً واحداً في حين أن الورقة القانونية يجب أن تحمل رقمين، مؤكدة أن الأممالمتحدة لم تشرف على أمر هذه البطاقات. وهذا الاتهام ردت عليه المفوضية بأن البطاقات طبعت في كل من جنوب أفريقيا وبريطانيا، كما أن هناك اتهاماً بأن دولة سلوفينيا قدّمت عرضاً بطبع البطاقات بمبلغ 800 ألف دولار، ولكنها طُبعت في الخرطوم ب 4 ملايين دولار. كما تشكو المعارضة من الأداء الإعلامي للحملات الانتخابية في الإعلام الرسمي وتتهمه بالانحياز إلى الحزب الحاكم. لكن نائب رئيس مفوضية الانتخابات عبدالله أحمد عبدالله قلل من اتهامات المعارضة وقال إن المفوضية تقوم بمهماتها بالإشراف على إجراءات الانتخابات، مؤكداً أن هذه المراحل تسير في طريقها بسلام حتى الآن، وأن المفوضية ماضية في إجراءاتها نحو الاقتراع، موضحاً أنه لا توجد أي شكاوى من ولايات السودان المختلفة، و «لم نبلغ بأي خروق من جانب مفوضية الأحزاب». من جهة أخرى، أكد حاكم ولاية غرب دارفور أبو القاسم إمام أن توسع مناطق الصراع بين قبيلتي المسيرية والرزيقات في داخل ولايته وخارجها رفع حصيلة القتلى والجرحى بين الطرفين إلى 73 شخصاً، وقررت السلطات بسط الأمن خلال 72 ساعة ودفعت بتعزيزات كبيرة من الجيش إلى مناطق النزاع أمس. وقال إمام إن مناطق المواجهات توسعت حتى منطقة جقما في محافظة وادي صالح التي سقط فيها ثمانية قتلى من الطرفين، مشيراً إلى امتداد الاشتباكات إلى منطقة طور في جبل مرة حيث بلغ عدد الضحايا 65 شخصاً. وأضاف أن حكومته قررت دفع قوة كبيرة من القوات الحكومية إلى مناطق النزاع. إلى ذلك، ينتظر أن يستأنف اليوم مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين محادثاته مع رئيس «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم، برعاية الرئيس التشادي إدريس دبي في نجامينا، لمناقشة القضايا الخلافية المرتبطة بتنفيذ اتفاق الدوحة ووقف النار وإطلاق الأسرى والانتخابات، بعدما تمكن دبي في اجتماع قبل يومين من إقناع إبراهيم باستئناف الحوار مع الحكومة. وذكرت معلومات لم يمكن التحقق من صحتها أن قيادة «حركة العدل» تتجه إلى الموافقة على اقتراح بمنحها منصب مساعد رئيس الجمهورية والمشاركة في السلطة التنفيذية والتشريعية في الحكومة الاتحادية وولايات دارفور، بجانب التعويضات الجماعية والفردية والترتيبات الأمنية، وأن يجرى التوقيع النهائي على الاتفاق في الدوحة. وفي باريس (رويترز) أعلن قصر الاليزيه أمس الاثنين أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طلب من السودان المشاركة في القمة الفرنسية - الافريقية المقرر عقدها في أيار (مايو) لكنه أوضح أن الرئيس السوداني عمر حسن البشير يجب ألا يحضر. ووجهت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي اتهامات إلى البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور وقد يعتقل لدى وصوله الى فرنسا المؤيدة القوية للمحكمة. وقال مكتب ساركوزي إن البشير لن يكون محل ترحيب. وقال مسؤول: «الرئيس (الفرنسي) أرسل بالفعل خطاباً إلى عمر حسن البشير طالباً منه أن يرشح الشخص الذي سيمثّل السودان في القمة الفرنسية - الافريقية»، موضحاً أن الزعيم السوداني نفسه لا يمكنه الحضور. وكان من المقرر أساساً أن تعقد القمة في مصر. لكن فرنسا شعرت بالقلق من أن تدعو القاهرة البشير شخصياً، وتوصلت إلى اتفاق بنقل الاجتماع الى مدينة نيس الفرنسية، مما يترك لباريس مسؤولية توجيه الدعوات. وكان البشير ألغى زيارة لتركيا العام الماضي بعد تعرض أنقرة لضغوط من الاتحاد الاوروبي كي لا تستضيفه بسبب لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية. وذكرت وكالة الأنباء السودانية أن ساركوزي عبّر في خطاب بعث به إلى البشير عن امتنان فرنسا لاطلاق رهائن فرنسيين في المنطقة أخيراً. وأفرج عن اربعة رهائن فرنسيين في الشهرين الماضيين في دارفور. وخُطف ثلاثة في دول مجاورة، لكن مصادر في هيئات اغاثة قالت إنهم جميعاً كانوا محتجزين في دارفور.