جمّد 32 نائباً من الكتلة البرلمانية لحزب «نداء تونس» العلماني الحاكم أمس، عضويتهم في الحزبية، بعد صراع وتراشق إعلامي بين قيادات الحزب المنقسمة بين تيارين: الأول يقوده حافظ قائد السبسي نائب رئيس الحزب، نجل الرئيس الباجي قائد السبسي الذي يتهمه خصومه بالسعي إلى وراثة الحزب والسلطة، والثاني يقوده أمين عام الحزب محسن مرزوق وقيادات أخرى يصنفها متابعون على أنها «يسارية ترفض تقارب الحزب مع الإسلاميين». وطالب النواب المنسحبون في مؤتمر صحافي أمس، بقطع الطريق على توريث نجل الرئيس الحزب والسلطة في البلاد، متهمين «جهات مالية وسياسية» لم يذكروها ب»السيطرة على الحزب لتنفيذ أجنداتهم السياسية المشبوهة». واعتبرت النائبة بشرى بلحاج حميدة، رئيسة لجنة الحقوق والحريات في البرلمان أن «الخلاف الحقيقي هو بين مجموعة تمثل التيار الحداثي مقابل مجموعة أخرى لا تؤمن بالحداثة وخانت أصوات الناخبين وتدافع عن التحالف بين الحزب وحركة النهضة الإسلامية». في المقابل، دعت القيادات الموالية لنجل الرئيس إلى عقد مؤتمر تأسيسي للحزب الذي تأسس قبل 3 سنوات، لانتخاب قيادة جديدة، بينما يتمتع الأخير بتأييد غالبية القيادات والهياكل الجهوية للحزب ما يمكّنه من الفوز بالقيادة في حال عقد المؤتمر، الأمر الذي يرفضه التيار المنافس خشية فقدانه غالبية مقاعد المكتب السياسي. وحذر مراقبون من أن انقسام الحزب قد يهدد الاستقرار السياسي والحكومي في البلاد، حيث أن انقسام «نداء تونس» سيفقده آلياً الغالبية البرلمانية التي ستذهب مباشرة إلى حركة «النهضة». على صعيد آخر، أعرب مقاتلون تونسيون في بؤر التوتر في سورية والعراق عن رغبتهم في العودة إلى بلادهم، وفق ما أعلن وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش، مشيراً إلى أن «هؤلاء اتصلوا بالقنصلية التونسية في تركيا وعبّروا عن رغبتهم تلك وأكدوا عدم مشاركتهم في أي أعمال قتالية في سورية». وشدّد البكوش في افتتاح ندوة حول مكافحة التحريض على ارتكاب الجرائم الارهابية مساء أول من أمس، على أن «إعلان هؤلاء المقاتلين لا يعني عفو الدولة عنهم تلقائياً». وأشار إلى أن «كل مَن خرج من تونس بنية القتال من دون أن يشارك فيه هو كمن فكّر في القتل ولم ينفذه، فيُعد مجرماً بدرجة من الدرجات». ودعا البكوش إلى «تطبيق القانون ومحاسبة ومعاقبة العائدين من بؤر التوتر قبل الحديث عن اندماجهم مجدداً في المجتمع بعد انقضاء فترة العقوبة». وكانت محكمة تونسية قضت بسجن أحد العائدين من سورية 21 سنة ووجهت إليه تهمة «الانضمام إلى تنظيم إرهابي خارجي اتخذ الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه وتلقي تدريبات عسكرية خارج تراب الجمهورية والتحريض على القتل». وقال وزير الخارجية التونسي إنه «من الصعب جداً تحديد عدد المقاتلين التونسيين في صفوف الجماعات الارهابية التي تقاتل في سورية وليبيا والعراق»، مشيراً إلى أن عددهم يرواح بين المئات والآلاف. كما أقر البكوش بوجود عناصر من تنظيم «داعش» في مناطق قريبة من الحدود التونسية بخاصة من الجهة الجنوبية، لكنه شدد على أن «ذلك لا يعني دخول داعش إلى تونس». وذكرت مصادر أمنية تونسية أن أكثر من 870 تونسياً قُتلوا في سورية والعراق من بين آلاف المقاتلين الذين ذهبوا إلى هناك، في ظل أرقام تشير إلى فرار أكثر من 250 تونسياً من سورية والعراق إلى ليبيا بعد بدء الضربات الجوية الروسية. إلى ذلك، صرح وزير الداخلية التونسي محمد ناجم الغرسلي أمس، أن «لدى وزارة الداخلية قائمة بأسماء كل الارهابيين الذين ذهبوا للقتال في سورية والعراق وليبيا»، مضيفاً أن هناك بطاقات تفتيش وجلب بحقهم على كل المعابر الحدودية البحرية والبرية والجوية. في سياق آخر، تظاهر عناصر في الشرطة التونسية أمس، أمام مقرات أمنية في مناطق مختلفة من البلاد لمطالبة السلطات بتحسين أوضاعهم المادية. وصرح الناطق باسم «النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي» رياض الرزقي: «نفذ عناصر الأمن اليوم (الأربعاء) وقفات احتجاج أمام المقرات الامنية في كل الولايات استجابةً لدعوة النقابة» التي قال انها «تمثل 48 الفاً من أصل 78 ألف عنصر أمن». وطالبت النقابة «برفع منحة الخطر (المسندة لعناصر الأمن) إلى 400 دينار» (أقل من 200 يورو) وسحبها على عناصر الأمن المتقاعدين، و»إدراج منحة الساعات الليلية والساعات الإضافية لعناصر وكوادر المؤسسة الأمنية والسجنية بدون تمييز في الراتب وقدرها 300 دينار (أقل من 150 يورو)».