أكد مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل أن لا حضارة ولا تطور ولا تقدم، إلا بالثقافة والفكر والتعلم، وقال في حفلة افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب صباح أمس، في مناسبة اختياره الشخصية الثقافية لعام 2015: «بالعلم ترتقي الأمم وترتفع البلاد إلى القمم بالمبادئ والشهامة والشمم». ودعا الفيصل، في حفلة افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب بحضور حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي وعدد كبير من المثقفين والمفكرين والإعلاميين، من الوطن العربي وخارجه، القيادات العربية الرشيدة إلى إطفاء نار الفتنة الزهيدة، وإلى أن يرفعوا شعلة المعرفة المجيدة، «فالعرب يستحقون الفرصة الجديدة». وفي كلمة تمزج الشعر بالنثر، وتتوقف عند الشارقة حاكماً وثقافة، وشكر فيها من رشحه واختاره شخصية ثقافية للعام، وحيا المعرض والمنظمين والمبدعين، إذ قال: «لكل أمر من الله سلطان. وسلطان الثقافة قاسمي. ولكل أمل في الحياة بارقة. وبارقة الآمال شارقة. فاقترن الأمر بالأمل في سلطان الشارقة. شكراً لك أيها الشيخ المثقف باسم كل من ترنم وألف. باسم الكتاب والديوان. والقافية والأشجان. والمعاني الحسان. شكراً لكل من رشح واختار. وفكر ونظم وأدار. وخصني بهذا الفخار. وتحية لكل من حرك الحرف إبداعاً. وأضاف لثقافة الإنسان إشعاعاً. وعزف على وتر الكلام إمتاعاً. عاشت السعودية والإمارات رمزاً للشعوب والقيادات». وجاء اختيار الأمير خالد الفيصل الشخصية الثقافية للعام 2015، تقديراً لإسهاماته الثقافية والخيرية والإنسانية، وسعيه إلى ترسيخ الوسطية والاعتدال، وتشجيعه للحوار والتفاعل مع الثقافات المختلفة. في حين أكد الشيخ الدكتور سلطان القاسمي في كلمته أن بعض المثقفين والمبدعين العرب «أخذوا أسلوب الصمت في ظل ما يواجهه العالم العربي من صراعات فكرية، بدلاً من توعية المجتمع ونشر العلم والثقافة»، داعياً إياهم إلى المشاركة «بدور فعال ومؤثر في هذا الوقت الحرج الذي يمر على الوطن العربي». وحذر القاسمي من أخطر ما يمر على الثقافة العربية «هو أخذ البعض إياها تحزباً من خلال مزج الأفكار السياسية الموجهة بالثقافة النقية الصافية، وإدخال أفكار ظلامية ممزوجة بمغالطات فكرية ودينية لأغراض حزبية». دعم الثقافة والمثقفين العرب واستهل حاكم الشارقة كلمته بالترحيب بضيف الإمارة والشخصية الثقافية المكرمة، قائلاً: «يشرف هذا المعرض تكريم قامة كبيرة غنية عن التعريف، ولا أستطيع أن أقول بها مدحاً، لأن مديحي مجروح، لأننا نحبه في الله، وفي الثقافة ونحبه لأنه أمير مكة شرفها الله»، مشيراً إلى أن إمارة الشارقة «أسهمت في دعم الثقافة والمثقفين العرب، وإقامة العديد من المؤتمرات، منها مؤتمر الناشرين العرب الثالث الذي أقيم في الشارقة أخيراً»، موضحاً أن مثل هذه الملتقيات تعد «ذات أهمية كبيرة في ظل الظروف التي يمر بها الوطن العربي». وثمن جهود الرئيس والمؤسس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، وإسهاماتها في دعم وتطوير الناشرين العرب والوصول بالنشر العربي إلى العالمية، «ما شجع الكثير من الدول العربية، للرغبة في الانضمام للاتحاد الدولي للناشرين»، مشدداً على ضرورة العمل الجماعي للوصول بالثقافة العربية والتعريف بها في المحافل الدولية، «ولا يكون ذلك إلا بالحوار الهادئ والبعيد كل البعد عن المغالاة». وعن أهمية الكتاب ودوره المهم في توعية المجتمعات ورقيها وضرورة نشره وتسهيل وصوله للأفراد، فقال حاكم الشارقة: «نحن اليوم في حضرة الكتاب، وهناك الكثير من الكتب التي تتعارض في أفكارها مع مبادئ الإسلام والثقافة العربية، فأسسنا مدينة الشارقة للكتاب، وتحوي منطقة حرة يجلب إليها كل الكتب ولا تخرج إلا بموافقة الجهات الرسمية، التي تصحح الأخطاء التي بها لجعلها مقبولة»، مشيراً إلى أن معرض الشارقة الدولي للكتاب «يسمح بكل الكتب إلا التي تتضمن تطاولاً على ذات أو شخصيات أو مبادئ دينية». ودعا القاسمي المثقفين العرب إلى مؤتمر بعنوان «المؤتمر الديمقراطي الثقافي العربي»: «يجتمع فيه الجميع بكل التيارات للتفكير في مصلحة الثقافة العربية، حتى تكون أداة قوية لتوعية العقول من الأفكار الظلامية، ومن خلال هذا المؤتمر بالإمكان الخروج بميثاق يوقع عليه الجميع». وفي ختام كلمته، قدم حاكم الشارقة مكرمة سخية بقيمة 2.5 مليون درهم لدعم شراء كتب من دور النشر المشاركة في الدورة 34 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، إسهاماً من منه في دعم صناعة الكتاب، والاستثمار في التنمية الفكرية والبشرية للأفراد. رؤية إمارة عربية وفي حفلة الافتتاح، التي قدمها الإعلامي محمد خلف، شاهد الحضور فيلماً وثائقياً لأبرز الإنجازات والمبادرات والمشاريع الثقافية التي قدمتها الشارقة للعالم، بما في ذلك معرض الشارقة الدولي للكتاب. وألقى رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد العامري كلمة أكد فيها أن المعرض «يعكس رؤية وتوجهات إمارة عربية، وحاكم عربي أراد للثقافة والكتاب أن يكونا هما السلاح والمصباح، للتقدم والمستقبل، وللحوار والسلام والتعايش». وأضاف: «بما أننا في حضرة الكتاب، دعوني أسرد لكم حكاية... حكاية مدينة تكونت ملامحها الأولى برؤية طفل، دفعه فضوله وشغفه للتعرف والاستكشاف، أن يتوقف عند مكتبة في ركن بيتهم، فوقعت عيناه على أحد الكتب، فتحه وتصفحه، شده سحر الكلمات، تابع القراءة إلى أن لمحه والده، فقال له: ماذا قرأت في ذلك الكتاب؟ فجلس الطفل على الأرض وبدأ يسرد لوالده ما قرأ، وفي تلك الأثناء طلب منه والده أن يصعد ويجلس بجانبه ليكمل معه الحديث. ومنذ تلك اللحظة، وذلك الصعود، أيقن الطفل بأن الكتاب والقراءة ترتقي بالإنسان وتسمو به. وشاءت الأقدار أن يكون لذلك الطفل شأن ومنصب بين أهله وشعبه، فأراد لهم ما أراده لنفسه، وما أصبح إيماناً مطلقاً، وحقيقة واضحة لديه، بأن الكتاب هو سبيل الأمم والشعوب للرقي والتقدم. تلك المدينة أنتم فيها الآن، الشارقة، وذلك الطفل، نحن في حضرته الآن، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة». واختتم أحمد العامري كلمته قائلاً: «منذ العام 1982 انطلق بتوجيهات ودعم حاكم الشارقة، معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتواصل انعقاد دوراته سنوياً وظل يحقق النجاح تلو الآخر، وهانحن اليوم نشهد انطلاق الدورة ال34 للمعرض». وأطلقت هيئة الشارقة للكتاب خلال الحفلة «جائزة الشارقة للترجمة»، التي تمنح للكتب المترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وتبلغ قيمة الجائزة التي تنظم بالتعاون مع طيران العربية، مليوني درهم إماراتي. ثم ألقى مستشار الرئيس التنفيذي المدير العام ل«اتصالات» عبدالعزيز تريم كلمة قال فيها: «يطل علينا معرض الشارقة للكتاب وقد ازداد رفعة وتنامت مكانته الريادية في المنطقة والعالم، بل أصبح رافداً ثقافياً عالمياً ومورداً غنيّاً ينهَلُ منه كلُّ متعطّشٍ للكلمة، التي تثري مخزونَه الفكري وتمنحُهُ جوازَ سفر يَعْبُرُ به إلى عوالمَ ثقافيةٍ، تحاكي أصالة الماضي بصبغةٍ إبداعية معاصرة. وأكد تريم أن «اتصالات» «تؤمن بأهمية بناء الإنسان فكرياً وثقافياً ليمتلك من الوعي والمعرفة، ما يؤهله لمواصلة مسيرة التنمية في المجتمع وتحقيق الرفعة والتقدم لوطننا الحبيب، كما أننا لم نَأْلُ جُهْداً في دعم المبادرات الوطنية التي ترتقي بالإنسان، وتغذّي في نفسه الأخلاق الفاضلة والقيم السامية». وفي حفلة الافتتاح كرم حاكم الشارقة الفائزين بجوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب لعام 2015. كما كرم رعاة الدورة ال34 من المعرض. وكرم أيضاً الفائزين بجائزة اتصالات لكتاب الطفل في دورتها السابعة. وشهدت حفلة الافتتاح تدشين حاكم الشارقة لكتابه الجديد «سيرة مدينة»، الذي يسرد من خلاله قصة مدينة الشارقة خلال فترة الاحتلال البريطاني للمنطقة وما شهدته من تقلبات سياسية. وقدم أول نسخة من كتابه الجديد سيرة مدينة، إلى مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكةالمكرمة خالد الفيصل، ليقوم بعدها بجولة في أروقة المعرض.