أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن بعض المثقفين والمبدعين العرب أخذوا أسلوب الصمت في ظل ما يواجهه العالم العربي من صراعات فكرية، بدلاً من توعية المجتمع ونشر العلم والثقافة، داعياً إياهم إلى المشاركة بدور فعال ومؤثر في هذا الوقت الحرج الذي يمر على الوطن العربي. وحذر من أخطر ما يمر على الثقافة العربية، وهو أخذ البعض إياها تحزباً من خلال مزج الأفكار السياسية الموجهة بالثقافة النقية الصافية، وإدخال أفكار ظلامية ممزوجة بمغالطات فكرية ودينية لأغراض حزبية.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها صباح اليوم (الأربعاء)، بحضور الأمير الشاعر خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة، والشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، والشيخ عبدالله بن سالم القاسمي، نائب حاكم الشارقة، في انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، التي تقام فعالياته في مركز إكسبو الشارقة خلال الفترة من 4-14 نوفمبر الجاري ، بمشاركة 1546 دار نشر من 64 دولة من كافة أنحاء العالم.
واستهل حاكم الشارقة كلمته بالترحيب بضيف الإمارة والشخصية الثقافية المكرمة الأمير خالد الفيصل قائلاً: "يشرف هذا المعرض تكريم قامة كبيرة، غنية عن التعريف، ولا أستطيع أن اقول بها مدحاً، لأن مديحي مجروح، لأننا نحبه فالله، وفي الثقافة ونحبه لأنه أمير مكة شرفها الله".
وأشار إلى أن إمارة الشارقة ساهمت في دعم الثقافة والمثقفين العرب، و إقامة العديد من المؤتمرات منها مؤتمر الناشرين العرب الثالث الذي أقيم في الشارقة مؤخراً، وتعد مثل هذه الملتقيات ذات أهمية كبيرة في ظل الظروف التي يمر بها الوطن العربي.
وأشاد بجهود كريمته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي الرئيس والمؤسس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين، وإسهاماتها في دعم وتطوير الناشرين العرب والوصول بالنشر العربي إلى العالمية، مما شجع الكثير من الدول العربية للرغبة في الانضمام للاتحاد الدولي للناشرين.
وبين حاكم الشارقة ضرورة العمل الجماعي للوصول بالثقافة العربية والتعريف بها في المحافل الدولية ولا يكون ذلك إلا بالحوار الهادئ والبعيد كل البعد عن المغالاة.
أما عن أهمية الكتاب ودوره المهم في توعية المجتمعات ورقيها وضرورة نشره وتسهيل وصوله للأفراد فقال: "نحن اليوم في حضرة الكتاب، و هناك الكثير من الكتب التي تتعارض في أفكارها مع مبادئ الإسلام والثقافة العربية، فأسسنا مدينة الشارقة للكتاب وتحوي منطقة حرة يجلب إليها كل الكتب ولا تخرج إلا بموافقة الجهات الرسمية التي تصحح الأخطاء التي بها لجعلها مقبولة"، مشيراً إلى أن "معرض الشارقة الدولي للكتاب يسمح بكل الكتب إلا التي تتضمن تطاولاً على ذات أو شخصيات أو مبادئ دينية".
ودعا في كلمته المثقفين العرب إلى مؤتمر يسمى "المؤتمر الديمقراطي الثقافي العربي" يجتمع فيه الجميع بكل التيارات للتفكير في مصلحة الثقافة العربية، حتى تكون أداة قوية لتوعية العقول من الأفكار الظلامية، ومن خلال هذا المؤتمر بالإمكان الخروج بميثاق يوقع عليه الجميع.
وقدم حاكم الشارقة مكرمة سخية بقيمة 2.5 مليون درهم لدعم شراء كتب من دور النشر المشاركة في الدورة 34 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، إسهاماً منه في دعم صناعة الكتاب والاستثمار في التنمية الفكرية والبشرية للأفراد.
معرض الكتاب يواصل نجاحته ومع بداية مراسم حفل افتتاح المعرض، الذي قدمه الإعلامي محمد خلف، شاهد الحضور فيلماً وثائقياً يوثق لأبرز الإنجازات والمبادرات والمشاريع الثقافية التي قدمتها الشارقة إلى العالم، بما في ذلك معرض الشارقة الدولي للكتاب، ثم كلمة سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، التي أكد فيها أن المعرض يعكس رؤية وتوجهات إمارة عربية، وحاكم عربي أراد للثقافة والكتاب أن يكونا هما السلاح والمصباح، للتقدم والمستقبل، وللحوار والسلام والتعايش.
وأضاف: "بما أننا في حضرة الكتاب، دعوني أسرد لكم حكاية.. حكاية مدينة تكونت ملامحها الأولى برؤية طفل، دفعه فضوله وشغفه للتعرف والاستكشاف، أن يتوقف عند مكتبة في ركن بيتهم، فوقعت عيناه على أحد الكتب، فتحه وتصفحه، شده سحر الكلمات، تابع القراءة إلى أن لمحه والده، فقال له: ماذا قرأت في ذلك الكتاب؟، فجلس الطفل على الأرض وبدأ يسرد لوالده ما قرأ، وفي تلك الأثناء طلب منه والده أن يصعد ويجلس بجانبه ليكمل معه الحديث. ومنذ تلك اللحظة، وذلك الصعود، أيقن الطفل بأن الكتاب والقراءة ترتقي بالإنسان وتسمو به. وشاءت الأقدار أن يكون لذلك الطفل شأن ومنصب بين أهله وشعبه، فأراد لهم ما أراده لنفسه، وما أصبح إيماناً مطلقاً، وحقيقة واضحة لديه، بأن الكتاب هو سبيل الأمم والشعوب للرقي والتقدم. تلك المدينة أنتم فيها الآن، الشارقة، وذلك الطفل، نحن في حضرته الآن، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة".
واختتم أحمد العامري كلمته قائلاً: "منذ العام 1982 انطلق بتوجيهات ودعم صاحب السمو حاكم الشارقة، معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتواصل انعقاد دوراته سنوياً وظل يحقق النجاح تلو الآخر، وها نحن اليوم نشهد انطلاق الدورة الرابعة والثلاثين للمعرض، فشكراً لكم يا صاحب السمو... وندعو الله أن نكون لكم خير سند ومعين في رحلة دعمكم للثقافة والآداب والفنون، وفي مسيرتكم للارتقاء والنهوض بالإنسان في عالم يئن من وطأة الجهل وتغييب استخدام العقل والفكر".
وأطلقت هيئة الشارقة للكتاب خلال الحفل "جائزة الشارقة للترجمة" والتي تمنح للكتب المترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وتبلغ قيمة الجائزة التي تنظم بالتعاون مع طيران العربية، مليوني درهم إماراتي.
وألقى الأمير الشاعر خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة، كلمة الشخصية الثقافية للدورة الرابعة والثلاثين من المعرض، والذي استحقها تقديراً لإسهاماته الثقافية والخيرية والإنسانية، وسعيه إلى ترسيخ الوسطية والاعتدال، وتشجيعه للحوار والتفاعل مع الثقافات المختلفة.
وجاء فيها: "لكل أمر من الله سلطان، وسلطان الثقافة قاسمي، ولكل أمل في الحياة بارقة، وبارقة الآمال شارقه، فاقترن الأمر بالأمل في سلطان الشارقة".
وتابع: "شكراً لك أيها الشيخ المثقف باسم كل من ترنم وألف، باسم الكتاب والديوان والقافية والأشجان والمعاني الحسان، شكراً لكل من رشح واختار وفكر ونظم وأدار، وتحية لكل من حرك الحرف إبداعاً، وأضاف لثقافة الإنسان إشعاعاً، وعزف على وتر الكلام إمتاعاً.
لا حضارة ولا تطور ولا تقدم إلا بالثقافة والفكر والتعلم، فبالعلم ترتقي الأمم، وترتفع البلاد إلى القمم، بالمبادئ والشهامة والشمم، أيها القيادات العربية الرشيدة، أطفئوا نار الفتنة الزهيدة، وارفعوا شعلة المعرفة المجيدة، فالعرب يستحقون الفرصة الجديدة.
ثم ألقى مستشار الرئيس التنفيذي مدير عام "اتصالات"، عبدالعزيز تريم، كلمة قال فيها: "يطل علينا معرض الشارقة للكتاب وقد ازداد رفعة وتنامت مكانته الريادية في المنطقة والعالم بل أصبح رافداً ثقافياً عالمياً ومورداً غنيّاً ينهَلُ منه كلُّ متعطّشٍ للكلمة التي تثري مخزونَه الفكري وتمنحُهُ جوازَ سفر يَعْبُرُ به إلى عوالمَ ثقافيةٍ تحاكي أصالة الماضي بصبغةٍ إبداعية معاصرة".
وأضاف: "إمارة أصبحت رمزاً للوحدة الثقافية الإسلامية والعربية، ونقطة التقاء للمجتمعات والثقافات المختلفة، إمارة قامت على الإيمان بان الفن والثقافة من اهم وسائل التبادل الفكري الراقي بين الحضارات والانسانية وشعوب المنطقة والعالم".
وأشار إلى أن "إمارة الشارقة نجحت في إرساء بنية ثقافية تحتية متينة عبر مشاريع ثقافية ريادية على مستوى الخليج والمنطقة، والقائمة هنا طويلة فمن بينالي الشارقة الدولي للفنون الى المتاحف المنتشرة في الإمارة الى ايام الشارقة المسرحية ومتحف الشارقة للفنون التشكيلية ومركز الشارقة لفن الخط العربي الى تأسيس جمعية الإمارات للتصوير الضوئي ومتحف الشارقة للفن العربي المعاصر وغيرها الكثير. وهو ما دعم اختيار الإمارة الباسمة عاصمة للثقافة العربية من اليونيسكو وترشيحها كعاصمة للثقافة الإسلامية من المنظمة الإسلامية للعلوم والثقافة".
وأكد "تريم" في كلمته أن "(اتصالات) تؤمن بأهمية بناء الإنسان فكرياً وثقافياً ليمتلك من الوعي والمعرفة ما يؤهله لمواصلة مسيرة التنمية في المجتمع وتحقيق الرفعة والتقدم لوطننا الحبيب. كما أننا لا نَأْلُ جُهْداً في دعم المبادرات الوطنية التي ترتقي بالإنسان وتغذّي في نفسه الأخلاق الفاضلة والقيم السامية .
وكرم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الفائزين بجوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب لعام 2015، يرافقه أحمد بن ركاض العامري، وجاءت على النحو التالي:
جائزة شخصية العام الثقافية: الأمير الشاعر خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة. جائزة أفضل دار نشر عربية: وفازت بها دار الجندي للنشر و التوزيع من فلسطين، وتسلّمها سمير الجندي، مدير الدار. جائزة أفضل دار نشر أجنبية: وفازت بها National Book Trust من الهند. جائزة أفضل كتاب إماراتي لمؤلف إماراتي في مجال الإبداع: وفاز بها حارب الظاهري عن روايته "الصعود إلى السماء" الصادرة عن اتحاد كتَاب و أدباء الإمارات. جائزة أفضل كتاب إماراتي في مجال الدراسات: وفاز بها د. إبراهيم عبدالله غلوم عن كتابه "مسرح القضية الأصلية – البنية الفكرية في مسرح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي" الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي. جائزة أفضل كتاب إماراتي مترجم عن الإمارات: وفاز بها كتاب "الفن في الإمارات" من إعداد وتأليف: مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون والصادر عن موتيفيت للنشر. جائزة أفضل كتاب إماراتي مطبوع عن الإمارات: وفاز بها علي أبو الريش عن كتابه "الغربية طائر بثمانية أجنحة"، الصادر عن دار هماليل. جائزة أفضل كتاب عربي/ في مجال الرواية: وفاز بها زياد أحمد محافظة عن روايته "نزلاء العتمة"، الصادرة عن فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة. جائزة أفضل كتاب أجنبي/ خيالي: وفازت بها ثريا خان عن روايتها "City of Spies" الصادرة عن Aleph Book Publishing. جائزة أفضل كتاب أجنبي/ واقعي: وفاز بها غيلين غرينوالد عن كتابه "No Place To Hide" الصادر عنMacmillan Publishers.
ثم كرم رعاة الدورة الرابعة والثلاثين من المعرض، وتسليمهم الدروع التذكارية، وهم: مؤسسة الشارقة للإعلام، الراعي الإعلامي، وتسلّم التكريم الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس المؤسسة، ومؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات)، الراعي الرسمي للمعرض، وتسلّم التكريم صالح العبدولي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، ومبادرة حمدان بن محمد للمعرفة الوطنية، الراعي البلاتيني، وتسلّم التكريم ماجد عبدالرحمن البستكي، ومدير المكتب الإعلامي لولي عهد دبي، وقناة العربية، الشريك الاستراتيجي للمعرض، وتسلّم التكريم سعادة ناصر الصرامي، مدير الإعلام والأخبار في القناة، ومركز إكسبو الشارقة، الشريك الاستراتيجي، وتسلّم التكريم سعادة عبدالله سلطان العويس، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، والعربية للطيران، الشريك الاستراتيجي، وتسلّم التكريم عادل علي، الرئيس التنفيذي لمجموعة العربية للطيران، ودار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، الراعي الصحفي، وتسلّم التكريم خالد عبدالله تريم، رئيس مجلس إدارة الدار.
بعد ذلك، كرم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الفائزين بجائزة اتصالات لكتاب الطفل في دورتها السابعة، يرافقه المهندس صالح عبدالله العبدولي، وعبدالعزيز تريم، وجاءت نتائجها كما يلي:
جائزة كتاب العام للطفل (للفئة العمرية من 0-12 عاماً): كتاب "بغلة القاضي" للكاتب شفيق مهدي ورسوم طيبة عبدالله والصادر عن دار البراق لثقافة الطفل في العراق. جائزة كتاب العام لليافعين (للفئة العمرية من 13-18 عاماً): كتاب "الخروج من الفقاعة" للكاتب د. إبراهيم شلبي ومن إصدار دار البلسم في مصر. جائزة أفضل نص: كتاب "أنا وماه" تأليف ورسوم ابتهاج الحارثي والصادر عن بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر. جائزة أفضل رسوم: كتاب "نور تهرب من القصة" للكاتبة عبير علي الكلباني ورسوم جلنار حاجو ومن إصدار دار الأصابع الذهبية في سوريا. جائزة أفضل إخراج: كتاب "بغلة القاضي" للكاتب شفيق مهدي ورسوم طيبة عبدالله والصادر عن دار البراق لثقافة الطفل في العراق.
وبعد أن تناول الحضور طعام الإفطار على شرف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، دشن كتابه الجديد "سيرة مدينة" يسرد من خلاله قصة مدينة الشارقة خلال فترة الاحتلال البريطاني للمنطقة وما شهدته من تقلبات سياسية.
وقدم أول نسخة من كتابه الجديد "سيرة مدينة" إلى مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، ليقوم بعدها حاكم الشارقة يرافقه أصحاب السمو والمعالي والسعادة بجولة في أروقة المعرض، زار فيها جناح السعودية، واطلع على أحدث الاصدارات والكتب واللوحات التي يضمها الجناح ويرصد الحركة الثقافية والأدبية في المملكة.
كما عرج على عدد من الأجنحة المشاركة في المعرض، ومنها الدوائر والمؤسسات الاتحادية والمحلية، مطلعاً على أبرز المبادرات والإصدارات الثقافية والأدبية، وإسهاماتها في رفد الثقافة العربية.
وتشهد الدورة الرابعة والثلاثين مشاركة هي الأكبر في تاريخه من قبل دور النشر المحلية والعربية والأجنبية، والتي وصل عددها إلى 1546 دار نشر من 64 دولة، بينها تسع دول تشارك للمرة الأولى هي بولندا، وبيرو، وغانا، وألبانيا والأرجنتين وبلغاريا ومقدونيا ومنغوليا وصربيا.
وستعرض دور النشر المشاركة أكثر من 1.5 مليون عنوان من الكتب الصادرة بنحو 210 لغات، كما يتضمن المعرض أكثر 900 فعالية متنوعة، موزعة على البرنامج الثقافي، والمقهى الثقافي، وبرنامج الطفل، ومحطة التواصل الاجتماعي، وركن الطهي.