يمر القطاع العقاري البحريني بمرحلة استقرار سعري وهدوء في التداولات الإجمالية مع ثبات نسبي في الاستثمارات الجديدة، في ظل نقص واضح في شريحة العقارات المتوسطة والاقتصادية المتاحة للتأجير أو البيع، ما دفع الحكومة البحرينية إلى الإعلان عن نيتها استثمار نحو نصف بليون دينار بحريني (1.3 بليون دولار) لبناء آلاف الوحدات السكنية في المملكة المتوقع ان تحقق نمواً اقتصادياً يلامس أربعة في المئة هذه السنة. ولفتت «المزايا القابضة» الإماراتية في تقريرها العقاري الأسبوعي إلى ان الفصول الثلاثة الأولى من السنة شهدت استقراراً نسبياً في الأسعار، وسط حال من الترقب تسيطر على المراقبين والعاملين في السوق العقاري، تحسباً لأي تحركات في مستويات الأسعار، سواء في الأراضي أو المشاريع المنفذة، على رغم الاستياء الواضح لدى العاملين في العقارات من عزوف المصارف عن التمويل وتشديد شروطه وأحكامه، ودعوتهم الجهات الرقابية إلى تخفيف القيود المفروضة على المصارف ومؤسسات التمويل لإعطائها مبررات حوافز لاستعادة النشاط التمويلي العقاري. ودعت صحف بحرينية المصرف المركزي إلى تخفيف القيود التي يفرضها على المصارف لدفعها إلى تقديم تسهيلات مالية للأفراد والمؤسسات بهدف تنشيط السوق العقارية، معتبرة ان بقاء الحال على ما هي عليه سينقل حال الركود إلى مستويات جديدة ويدفع السوق العقارية إلى استقرار يقارب الركود خلال ما تبقى من السنة والسنة المقبلة. وأكدت «المزايا» ان العقارات البحرينية شهدت ارتفاعات سعرية صاروخية، مثل العقارات الخليجية الأخرى خلال سنوات الطفرة الاقتصادية التي مرت على المنطقة، ما أبعد العقارات عن متناول شريحة واسعة من البحرينيين والمقيمين فيها. وأضافت في التقرير إلى ان انهيار أسواق العقارات خفض الأسعار بنحو 30 في المئة، لكن الأسعار ظلت عند مستويات مرتفعة مقارنة بإمكانات كثيرين من البحرينيين. وعمّق تركز الاستثمارات في العقارات الفاخرة أزمة شح السكن الاقتصادي المتوسط الذي يتركز عليه معظم الطلب في البحرين. ولاحظ التقرير ان العقارات لا تشكّل ثقلاً كبيراً في الاقتصاد البحريني، مقارنة بقطاعي الخدمات والمال، إلا ان تراجع العقارات أثر في شكل كبير في الاقتصاد ما استلزم بعض الوقت لامتصاص التداعيات السلبية. وتوقع «مجلس التنمية الاقتصادية» في البحرين ان تشهد المملكة هذه السنة نمواً في اقتصادها يزيد قليلاً عن أربعة في المئة، بينما تشير توقعات إلى ان قطاع المال في البلاد يتعافى ببطء. وتوافقت توقعات المجلس التي أوردها في بيان مع توقعات المصرف المركزي للنمو عند نحو أربعة في المئة، في مقابل 3.2 في المئة عام 2009. وأشارت «المزايا» إلى ان البحرين بدأت مسيرة لتأسيس قطاعات اقتصادية تعوض ضآلة الإنتاج النفطي فيها، لذا أسست قطاعاً مالياً قوياً يتمتع بإشراف وتنظيم يحظى باحترام المؤسسات العالمية، من ضمن سعيها إلى ان تكون مركزاً مالياً في الخليج، وأصبحت الخدمات المالية تساهم بنحو ربع الناتج المحلي الإجمالي البحريني. ولسد النقص في العقارات المتوسطة، أعلنت الحكومة البحرينية أخيراً نيتها إنفاق 480 مليون دينار خلال سنتين لمعالجة العجز البعيد الأجل في الإسكان الاقتصادي في المملكة، إذ يوجد أكثر من 50 ألف طلب على الإسكان المدعوم من الحكومة. وتعتزم الحكومة البحرينية إنشاء أكثر من سبعة آلاف وحدة سكنية بدعم يساوي 70 في المئة على الأقل، إذ يمثل نقص الإسكان ذي التكلفة الاقتصادية واحداً من أكثر المشاكل الاجتماعية إلحاحاً في البحرين. وأفاد تقرير «المزايا» بأن القطاع المصرفي ناضج في البحرين إذ بلغت أعداد المصارف والمؤسسات المالية في المملكة أكثر من 400 مصرف ومؤسسة مالية بأنماط وأغراض متعددة، لكن مساهمة القطاع في التمويل العقاري لم تزل متواضعة ونسب الفائدة ورسوم الخدمات التي تتقاضاها مرتفعة وآجال قروضها غير طويلة بما فيه الكفاية، ما انعكس انخفاضاً في نسبة التمويل العقاري إلى الناتج المحلي الإجمالي. ولفت التقرير إلى ان القطاع العقاري في البحرين يشكل نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تماثل النسب التي تساهم في العقارات في الاقتصادات الخليجية الأخرى. ورصدت «المزايا» تقارير نشرتها وسائل إعلام بحرينية توقع فيها عقاريون ان يستمر ركود سوق العقارات في البحرين حتى نهاية عام 2011 مع بقاء تداول العقارات بأسعار واقعية تتراوح بين خمسة و10 دنانير للقدم المربعة، بما يتماشى مع القدرة الشرائية للطلب الفعلي، لافتين إلى ان من بين أسباب استمرار الركود امتناع المصارف عن إقراض المتعاملين والمطورين، بالإضافة إلى عدم وجود مشاريع جديدة أو مخططات جديدة في السوق العقارية تكون حافزاً للمستثمرين للاستثمار مجدداً بتكاليف معقولة، وسط توافر أعداد كبيرة من الوحدات السكنية في الشرائح الفاخرة في العاصمة أو محافظات البحرين الأخرى. وشددوا على ان التوجه نحو الاستثمار المتوسط في مناطق سكن المواطن العادي جاء ليواكب السوق التي لا تزال تحتاج إلى وحدات مخصصة للإسكان والخدمات الإسكانية، ومنها استئجار الشقق التي تتصف بارتفاع نسبة ضمان العائد أكثر من غيرها من الاستثمارات العقارية الأخرى. ويرى عقاريون ان المستثمر في العقارات يبحث عن عائد لا يقل عن 10 و12 في المئة سنوياً بالنسبة إلى العقارات السكنية، وبين 10 و13 في المئة بالنسبة إلى العقارات الاستثمارية، إذ ان أسعار الأراضي المتاحة حالياً لا تدعم تحقيق عوائد كهذه، ما دفع العاملين في العقارات إلى الدعوة إلى طرح مخططات جديدة وبأسعار منخفضة نسبياً لإعادة النشاط إلى القطاع العقاري، بالإضافة إلى تأمين قنوات تمويلية مناسبة ومتنوعة تعين المستثمر على تطوير عقاره وبأسعار معقولة تتناسب مع الأوضاع الجديدة التي فرضتها الأزمة المالية العالمية على العاملين في العقارات في معظم دول العالم.