تعتمد المنافسة الاستثمارية بين القطاعات الاقتصادية والإنتاجية على المنافسة على السيولة الاستثمارية الباحثة عن فرص وخيارات استثمارية تحافظ على قيمها خلال أوقات التراجع وعدم الاستقرار وتعظيمها في ظروف النمو والانتعاش. ولعل حال المد والجزر المسجلة بين القطاعات الاقتصادية تعكس حال النمو والتراجع في كل فترة وقوة الطلب وطبيعته. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «الطلب على الذهب أظهر عدم مرونة خلال أوقات التراجع والضغوط وحال عدم الاستقرار التي دخلها الاقتصاد العالمي أواخر عام 2008، والمستمرة حتى الآن». ولفت إلى أن «الذهب حافظ على بريقه وجاذبيته الاستثمارية في كل الأوقات، وبقي الملاذ الآمن للسيولة الاستثمارية لدى الأسواق العالمية نظراً إلى الارتفاع المستمر لأسعاره». ولاحظ أن «الطلب على الذهب في الأسواق العالمية جاء من البنوك المركزية لتدعيم استقرار النقد لديها واقتصاداتها، ومن جهات خاصة للأغراض الصناعية، كما أن البنوك المركزية استمرت في الشراء على كل المستويات السعرية، بينما تراجع الطلب الخاص بالمجوهرات من قبل الأفراد في شكل ملحوظ مع ارتفاع الأسعار، فيما سجل الطلب الخاص بالأغراض الصناعية ارتفاعات وانخفاضات متأثراً بالطلب والاستخدامات الصناعية». وأشار التقرير إلى أن «أسواق الذهب استحوذت على حصة كبيرة ومتصاعدة من قبل المستثمرين والمتابعين والمراقبين وصناع السياسات المالية والاقتصادية منذ بداية الأزمة وحتى منتصف السنة، قبل أن تبدأ الأسعار بالتراجع وتهبط 20 في المئة هذه السنة وتسجل أدنى سعر عند 1180 دولاراً للأونصة نهاية حزيران (يونيو) الماضي، وهو أدنى سعر منذ عام 2010». وجاء ذلك نتيجة انخفاض الطلب الكلي 12 في المئة خلال الربع الثاني من السنة، ما دفع إلى ارتفاع الطلب على الذهب لأغراض المجوهرات نظراً الى تراجع أسعاره، في حين استمرت البنوك المركزية بالشراء واستقر الطلب المستخدم للأغراض الصناعية. وأكد أن «انخفاض أسعار الذهب دفعت بالمستثمرين وصناديق الاستثمار والتحوط التي تتداول بالذهب إلى إعادة تقييم مراكزها الاستثمارية وقرارات الاستثمار بهذا الاتجاه، إضافة إلى إعادة دراسة القرارات والخيارات الاستثمارية المتاحة، ما ساهم في انخفاض الطلب على الذهب في شكل ملموس لدى الأسواق». وشدد التقرير على أن «انخفاض أسعار الذهب ساهم في خروج عدد كبير من المستثمرين من الأسواق للبحث عن أسواق وفرص استثمارية في أسواق المال والسوق العقارية خصوصاً، نظراً الى ما تشهده هذه القطاعات من ارتفاع على وتيرة النشاط والنمو». وجاء ذلك نتيجة رغبة المستثمرين في الحصول على فرص استثمارية مقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية، مع التأكيد على أن أسعار الذهب التي سادت قبل الانخفاض ترجح تجاوزها للقيمة الاقتصادية الحقيقية للمعدن، على عكس أسعار الأدوات المالية المتداولة وأسعار المنتجات العقارية السكنية والتجارية وتلك المتعلقة بقطاع الضيافة والسياحة. وأكد التقرير أن «القطاع العقاري أصبح يتميز عن غيره من الاستثمارات بانخفاض مستوى المضاربات والأخطار على عكس أسواق الذهب والمال، وبالتالي سترتفع حصة قطاع العقار من السيولة الاستثمارية الحالية، مع الأخذ في الاعتبار أن المضاربات أوصلت أسعار الذهب والأوراق المالية إلى مستويات قياسية غير حقيقية نتيجة حال عدم الاستقرار التي سادت خلال الأزمة المالية. وأظهر تقرير أصدره مصرف «ستاندرد تشارترد» أن «أسعار العقارات السكنية في دبي أخذت منحى تصاعدياً بسبب ارتفاع الطلب وتحسن أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسة، كما أن قطاع العقار يشهد انتعاشاً ملحوظاً مع عودة الثقة إلى السوق تدريجاً». ولفت إلى أن «أسعار الشقق ارتفعت 38 في المئة والفلل 24 في المئة خلال السنة الماضية، على أساسات اقتصادية حقيقية لا على المضاربة، وذلك نتيجة نمو عدد السكان والتعافي الحقيقي للاقتصاد الإماراتي، بينما ارتفعت أسعار المنازل في بريطانيا 5.4 في المئة بين شهري حزيران وآب (أغسطس) الماضيين مقارنة بالعام الماضي». وأكد تقرير صادر عن بنك «هاليفكس» للقروض العقارية أن «الارتفاع المسجل في بريطانيا يعد أكبر قفزة يشهدها العقار منذ منتصف عام 2010، كما أن الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاعات نتيجة زيادة الطلب على شراء المنازل، إضافة إلى مؤشرات تحسن اقتصادي». وسجل القطاع العقاري القطري انتعاشاً ملحوظاً خلال الأشهر الماضية، مستفيداً من طفرة المشروعات الإستراتيجية وبدء المشروعات المتعلقة بكأس العالم لكرة القدم عام 2022، في حين يشكل النمو السكاني ومشروعات التنمية الخاصة برؤية قطر 2030، مزيداً من الجاذبية والانتعاش في السوق. أما في مصر، فأظهرت مؤشرات السوق إلى أن قرارات خفض أسعار الفائدة وخطط التنشيط الاقتصادي المزمع تنفيذها خلال الفترة المقبلة ستصب في تحسين جاذبية القطاع العقاري باعتباره الملاذ للاستثمار الآمن للأفراد والمؤسسات. ويعزز هذا الاتجاه الانخفاض الحاصل على أسعار الفائدة وتراجع سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية وعدم توفر بدائل استثمارية حالياً. وعلى صعيد السوق العقارية التركية، أشارت تقارير إلى أن 60 في المئة من الاستثمار الأجنبي للعقارات يأتي من دول الشرق الأوسط، و20 في المئة من أوروبا والولايات المتحدة. ويُلاحظ أن الطلب الخارجي والمحلي أوجد سوقاً عقاريةً قوية، ويُتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر. يُذكر أن الوحدات العقارية التي تم شراؤها ب1500 دولار للمتر المربع عام 2000، تُباع حالياً ب10 آلاف دولار. واعتبر تقرير «المزايا» أن «مسارات ارتفاع أسعار العقارات والذهب والبترول وغيرها من الأدوات الاستثمارية قصيرة وطويلة الأجل، يصب في مصلحة المستثمرين أولاً نتيجة توفر السيولة الاستثمارية والخبرة والاستعداد لتحمل الأخطار، كما سيكون المستثمرين المحترفين أكبر الرابحين من تذبذب أسعار الذهب والعقارات والأسهم، فيما سيكون للأفراد الحصة الأكبر من الاستفادة كلما انخفضت أسعار القطاع السكني وأسعار الذهب».