تدفع الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية المتعاقبة إلى تنويع أكبر للاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية وأكثر من منتج داخل القطاع ذاته، كما تمتد أحياناً إلى تنويع الاستثمارات على المستوى الداخلي لكل من القطاعات الإنتاجية والتنموية ومشاريع البنية التحتية والمشاريع الصناعية والسياحية وغيرها، إضافة إلى الاستثمارات غير المباشرة في البورصة المحلية. ولفت التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «بعض الاستثمارات بدأت تأخذ أشكالاً أخرى من الاستثمار الخارجي المباشر على قطاعات إنتاجية واضحة المعالم وذات حصص سوقية مختبرة وواضحة، وعائدات تاريخية مثبتة، ويمكن الحديث هنا الاقتناص المدروس للفرص الاستثمارية التي تفرزها الظروف الاقتصادية العالمية، فكثير من هذه الفرص تحتاج إلى سيولة كبيرة غير متوافرة لدى دولها، وبالتالي لا بد من فتح المجال إلى المشاركة أو الاستحواذ أو الاقتراض». وأشار التقرير إلى أن «الاستثمارات الخارجية لدول المنطقة العربية والمستثمرين المحليين اتخذت في الماضي أشكالاً أكثر بساطة على مستوى الأهداف والمواقع وآليات ووسائل الإدارة وغلب عليها الاستثمار غير المباشر لدى الأسواق المالية العالمية، إضافة إلى الاستثمار بالعملات والأسهم والسندات المالية والإيداعات النقدية الكبيرة لدى المؤسسات المالية الكبيرة، وبات واضحاً فشل هذه الاستثمارات وتعرضها لأخطار كبيرة أدت في كثير من الأوقات إلى ضياع جزء كبير منها، والدليل على ذلك تداعيات الأزمة المالية الأخيرة». وأكدت «المزايا» أن «الحاجة إلى التنويع الاستثماري تأتي من الدول التي تتوافر لديها فوائض مالية ضخمة غير تلك المطلوبة للإنفاق الداخلي على مشاريع التنمية المحلية والبنية التحتية، كما يتطلب التنويع على المستوى الخارجي أجهزة متخصصة وهياكل تنظيمية وإدارية وتوفر خصائص محددة على رؤوس الأموال أبرزها وجود قرارات سيادية». ولفتت إلى أن «تطور قوانين الاستثمار والتملك لدى الدول لعب دوراً مهماً في تزايد حركة رؤوس الأموال عبر الحدود، كما التطورات المالية والفرص الاستثمارية المتنوعة، في حين كان لتداعيات الأزمة المالية دور كبير في تعديل قوانين الاستثمار الأجنبي وآليات إدارته ومتابعته، في ظل تعاظم حاجة الدول الأجنبية، خصوصاً في منطقة اليورو، إلى الاستثمارات الأجنبية». واعتبر التقرير أن «التجربة الاستثمارية القطرية خير دليل على الاتجاه نحو التنويع الاستثماري الداخلي والخارجي المدروس والذي يأخذ في الاعتبار حاجة الدول إلى استثمار فوائضها المالية في الشكل الأمثل، ويقدر حجم الاستثمارات القطرية الخارجية بأكثر من 215 بليون دولار ويُتوقع أن ترتفع بمقدار 50 بليوناً سنوياً حتى عام 2018». وأضاف أن «الاستثمارات القطرية تتركز في قطاعات إنتاجية وإستراتيجية أبرزها القطاع العقاري وقطاع السيارات وتجارة التجزئة والضيافة والفنادق والاتصالات والمصارف والرياضة، معظمها في أوروبا ودول أخرى تعاني ركوداً». وبيّن أن «ثورة الاستثمار المتسارعة في قطر ستجذب المزيد من الاستثمارات إلى الاقتصاد المحلي إذ أن الدول التي تملك فوائض مالية كبيرة يجب أن تكون مستعدة لإدارتها ومتابعتها وفق أسس علمية وعملية متخصصة على المستوى العالمي». وشدد على «ضرورة أن تعمل الاستثمارات الداخلية والخارجية الجاري تنفيذها على توسيع القطاعات الاستثمارية والإنتاجية الداخلية وتنويعها لتشكل القاعدة التي تنطلق منها خطط وقرارات التنمية، في وقت أصبحت قطر تشكل فرصة استثمارية متنوعة من منظور الشركات العالمية المتخصصة في القطاع العقاري والصناعي والرياضة والضيافة والبنية التحتية وغيرها». ولفت إلى أن «التجربة الاستثمارية القطرية قابلة للتعميم على دول المنطقة وخصوصاً التي لديها ظروفاً ومصادر وثروات مشابهة، وتحديداً الكويت لن يستطيع اقتصادها استيعاب الثروات الكبيرة التي تملكها، في حين تعتبر السعودية والإمارات من الدول التي يستطيع اقتصادها الوطني استيعاب نسبة كبيرة من الفوائض المالية المتوافرة نتيجة كبره واتساع تنوع الخطط الاستثمارية متوسطة وطويلة الأجل الجاري تنفيذها والتي تتطلب في كثير من المراحل دخول الاستثمار الأجنبي».